"حين تتحول حسابات القوة إلى غنائم تُقتسم، وتُستبدل الحكمة بالغرور، يصبح الشرق الأوسط مرجل غضبٍ لا يُطفأ. الضربة الإسرائيلية الأخيرة داخل العمق الإيراني، بغطاءٍ أمريكي ولو كان خجولاً، ليست مجرد مغامرة عسكرية متهورة؛ إنها زلزالٌ جيوسياسي يهز أركان المنطقة، ويرمي بشرارةٍ متقدة في برميل بارودٍ كان ممتلئًا أصلاً بغضب غزة وصراخ اليمن وأنين سوريا والعراق."
"تداعياتها لا تقتصر على الجغرافيا الإيرانية أو الأمن الإسرائيلي الهش؛ بل تفتح بابًا جحيميًّا قد يُعيد رسم معادلات القوة، ويفرض على الكيانات "المعادية" لإسرائيل، وعلى رأسها حركة المقاومة الفلسطينية، تحديات وجودية ومخاطر مصيرية ولكنها أيضًا قد تُقدم لها فرصًا استراتيجية غير مسبوقة لقلب الطاولة."
حين يتحول "الذكاء العسكري" إلى فخٍّ استراتيجي الضربة جاءت في توقيت كارثي على كل المستويات: غزة تحترق، البحر الأحمر مهدد، وسوريا والعراق تعانيان من هشاشة أمنية. في هذا السياق، فإن أي فعل عسكري ليس مجرد مغامرة، بل هو مقامرة على مستقبل المنطقة.
الكيانات المقاومة (حماس، حزب الله، الحوثيين) تجد نفسها أمام تحدٍّ استثنائي: الرد ضرورة معنوية، لكن الانكشاف قد يكون مدمرًا. الضربة لم تردع أحدًا، بل عززت القناعة بأن الرد القوي والمؤثر هو السبيل الوحيد لإثبات الوجود، وهذا ضغط نفسي وميداني هائل، لكنه يفتح نافذةً تاريخية لفرض الندية.
🔥 الغضب الإسلامي الجامع: سلاحٌ مزدوج الحدّين منذ غزو العراق، لم يتوحد الشارع العربي والإسلامي بهذا الشكل. سنة وشيعة، قوميون ويساريون، مؤمنون وعلمانيون، كلهم رأوا في الضربة نموذجاً للعدوانية والتواطؤ.
لكنّ تحويل هذا الغضب من مجرّد حالة شعورية إلى قوة سياسية ودبلوماسية وإعلامية منسّقة، هو التحدي الأصعب. الفشل في توظيف اللحظة هو خيانة لتضحيات غزة والضاحية وصنعاء وطهران.
🎯 هل من استراتيجية فلسطينية ذكية لاستثمار اللحظة؟ حركة المقاومة الفلسطينية اليوم ليست في موقع ضعف بقدر ما هي أمام امتحان تاريخي:
هل تبادر بـ ردّ متعدد الأبعاد يدمج بين الفعل العسكري، والتحرك السياسي، والإعلامي، والقانوني؟
هل تنجح في توحيد صفوفها واستعادة ثقة شعبها في ظل هذه اللحظة الجامعة؟
هل تستطيع أن تبني جبهة دعم إقليمي صلبة تستثمر غضب الشعوب وتضغط على الأنظمة؟
الفرصة موجودة، لكنها تنزلق سريعاً.
🧨 انكشاف واشنطن وتصدّع إسرائيل: فرص غير مسبوقة اللافت هذه المرة أن الإدارة الأمريكية حاولت التبرؤ من الضربة، معلنة أنها لم تشارك بشكل مباشر. هذا التملص يعكس:
**تخوفًا من التصعيد الإقليمي،
إدراكًا لتراجع الهيبة الأميركية،
واقترابًا من موسم انتخابي لا يحتمل مغامرات عسكرية.**
وهذا يُضعف الموقف الإسرائيلي ويمنح أعداءها ورقة ذهبية: عزل إسرائيل سياسيًا، وكشف انقسام واشنطن دبلوماسيًا، وتوسيع دائرة التضامن الشعبي عالميًا.
📉 الاقتصاد لا يكذب: الأسواق تُحذّر من القادم ردّ الفعل الفوري للأسواق (ارتفاع أسعار النفط، تذبذب الأسهم، قلق عالمي من الإمدادات) هو رسالة واضحة:
"هذه ليست ضربة عابرة، بل بداية لعصر جديد من عدم الاستقرار."
وهذا ما يجعل الضربة أكبر من مجرد صاروخ في منشأة. إنها تهديدٌ لمفهوم "الاستقرار الإقليمي" الذي بُنيت عليه كل هندسة العلاقات الدولية في الشرق الأوسط لعقود.
الضربة بوصفها لحظة فاصلة: هل تُكتب قصة النهاية؟ "الضربة على إيران ليست مجرد غباء استراتيجي؛ إنها اعترافٌ بالعجز عن إيجاد حلول سياسية، واستسلامٌ للغة القوة الصماء."
لقد ألقى نتنياهو وشركاؤه بالمنطقة إلى المجهول، لكنهم بذلك فتحوا للكيانات المقاومة نافذة غير مسبوقة. أمام هذه اللحظة إما:
أن تُترجم إلى نقلة استراتيجية تُحدث تغييرًا في قواعد اللعبة،
أو أن تُهدر كما أُهدرت لحظات تاريخية سابقة، لتُضاف إلى أرشيف الغضب العقيم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة