في الجزء السابق والمقال الثاني قدمت مُقترح أن يتولي أمر الوساطة الخارجية ومايتعلق بالشق الدبلوماسي للحل في وقف الحرب لوساطة ثلاثية بديلة لمنبر جدة وتتكون من "تركيا والسعودية وقطر" وأن تجري تفاهمات مُباشرة مابينها مع الولايات المُتحدة وداعمي الحرب لإيقاف الدعم للحرب والسير في طريق السلام وتحقيق مصالح الجميع بوقف الحرب وعلي رأسها مصلحة السُودان والشعب السُوداني... في هذا المقال و الجزء الأخيّر ساتناول فيه محاولة الإجابة علي سؤال كيفية التوصل لوقف إطلاق النار والحرب بيّن الأطراف العسكرية ، وأختم بالتحضيّر لعملية سياسية أسميتها بالإيجابية تفيد أهداف وقف الحرب وتتجه للمُستقبل في ظل كُل هذا الواقع والمشهد المُعقد وللخروج منه. مسألة وقف إطلاق النار هي مصلحة عظيمة للسُودان والسُودانين ، لذلك من المُهم عدم ربطها باي مصالح أخري دونها ، وكذلك عدم ربطها باي مُزايدات أو شروط لاتصلح معها عملية التوصل لهذا الوقف ، لأن الخيار المطروح حتي اللحظة لطرفي الحرب هو تحقيق الحسم العسكري ، وبالتالي تأجيّل خطوة وقف إطلاق النار ، وبحسب سيّر الحرب التي دخلت في عامها الثالث ظلت وتيرتها تتراوح مابين طرفيها والمُتضرر الأكبر ظلّ هو البلد والشعب السُوداني ، ومع هذا فإن فرض أي شروط لطرفيها قد يُعيق القبول بوقفها ، وعليه فإن وقف النار من المهم أن يعتمّد علي مبادئ وليس شروط ، بمعني أن علي طرفي الحرب الإقتناع ثم الإلتزام بها. مبادئ وقف إطلاق النار: ١/القبول بوقف شامل لإطلاق النار حقناً للدماء ووقف إبادة السُودانين والمُحافظة علي السلام الداخلي والإقليّمي ٢/خروج أي مظاهر عسكرية من المُدن والقري التي لاتزال تجري فيها إشتباكات أو يتم حصارها بقوي عسكرية ٣/ تجمُع القوات العسكرية المُنسحبة في أماكن ونقاط إرتكاز لاتسمح بتعريض المواطنين لخطر ٤/القبول بلجان وقوات مُراقبة مهامها الفصل بين القوات وإتباع المعايير الدولية في هذا الأمر بأجل معلوم ومُحدد بإنتهاء مهمتها ٥/القبول من طرفي الحرب عدم وجودهم في سُلطة عسكرية مُباشرة وأن أمر السُلطة يكون بما تسفر عنه العملية السياسَية والقبول بالحكم المدني. ٦/مسألة الترتيبات الأمنية ودمج وتسريح الجيوش الموازية والمليشيات يكون نتيجة طبيعية للقبول بمبدأ توحيد الجيوش في جيش مهني وقومي واحد ٧/عمليات نزع وتسليم السلاح تشرف عليها لجنة مُشتركة محلية و دولية تضمن عدم وجود السلاح خارج سُلطة القانون والدولة. القبول بهذه المبادئ من المُهم أن يسبقه عمليات تفاهمات وتفاوض مُباشر بين مُمثلين لأطراف الحرب ، سواء عبر الوساطة الخارجية المُقترحة للدول الثلاث "تركيا ، السعودية ، قطر" أو إحداها ، أو أي مُبادرة داخلية أو وسطاء يعملون لجمع أطراف الحرب أو ممثليهم المفوضون في طاولة واحدة ، وهنا من المهم السيّر في كافة الخطوات الموازية التي كنت قد أشرت إليها في المقالين الأول والثاني ، وكافة التفاهمات والحوار بما في ذلك الذي هو مع أصحاب قرار الحرب من الإسلاميين من العسكريين والمدنيين. أختم بالعملية السياسِية الإيجابية والتي تفيد أهداف وقف الحرب والتحضيّر لها. فوقف الحرب من المُهم أن تتبعه عملية سياسِية تنظر للواقع الحالي وتتعامل معه للخروج من هذه الأزمة ويُبني عليها للمستقبل. وإذا ماتم التعامل مع العملية السياسِية وأطرافها بعيداً عن أهداف وقف الحرب والمحافظة علي البلاد ووحدتها ومصلحة جميّع الشعب السُوداني في السلام فلن تنجح هذه العملية السياسِية وستفشل دون شك ، وكذلك إذا تمّ حصرها في قوي مُحددة وإقصاء آخرين هم شُركاء في الوطن وجزء من أطراف الصرّاع أيضاً ستفشل ولن يتم القبول بوقف إطلاق النار أو الحرب ، وطالما أن العملية السياسِية هدفها الرئيسي هو وقف الحرب والقبول والإعتراف بشراكة الجميّع في الوطن فمن المهم أن تكون كافة القوي السياسِية والمكونات الوطنية حاضرة فيها وفق أجندة وأهداف وقف الحرب والمحافظة علي البلاد وجودها ومصالح جميّع السُودانيّن في السلام. العمليّة السياسِية ستكون إيجابية ومُفيدة إذا حققت مُعادلة لاتنتج صرّاع أو تتغافل عن واقع وتعترف في ذات الوقت بالثورة وأهدافها المشروعة في التغيير وفي التداول السلمّي للسُلطة والحُكم المدني ، وأن تضع البذور والأساس لتأسيس جديد ودستور لايفرق بيّن السُودانين ويعطيهم كافة حقوق مواطنتهم علي قدر المساواة ويتخلص من جميّع أخطاء الماضي وتتم فيه المُصالحة الوطنية علي أساس القبول بالعدالة دون إنتقام أو تشفي وإنما بما يضع حداً فاصلاً بين كُل العهود السابقة والماضي ومابين المُستقبل الآمن والمُتقدم للسُودان والسُودانيّن. القبول بالحوار وكافة التفاهمات السياسِية وتهئية البلاد لذلك ووقف العدائيات وخطابات الكراهية هي من المُحفذات والخطوات التحضيّرية والإستباقيّة لهذه العمليّة السياسِية ولكافة خطوات الحل التي كتبتها وأقترحتها وأوضحتها في المقالات والأجزاء الثلاثة هذه ، ونتمني من الجميّع الإرتفاع لمستوي المسؤلية وتعظيّم وتقديّر مصلحة البلاد وكافة السُودانيّن في التوصل لوقف لهذه الحرب والإنتقال جميعاً نحو المُستقبل بعيداً عن الإقتتال والصرّاع السياسِي و الصرّاع حول السُلطة في السُودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة