التهميش ، عدم قبول الآخر ، سيطرة القوات النظامية على مفاصل الحكم ، المساحات الشاسعة ، إختيار الصفوة لتخصصات أخرى على حساب السياسة والاقتصاد ؛ كل هذه تمثل أسباب حقيقية للأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في السودان ، و التي تمثل الحرب الحالية هي خلاصة تفاعل هذه الأسباب و النتيجة النهائية الحتمية لها .. البعض من المثقفين يقف مع إستمرار الحرب إلى حين القضاء على نظام ( المليشيات) إذا جاز التعبير ، مع كونها في الحقيقة ترفض عملية التنظيم و تفضل الفوضى غير الخلاقة في حياتها ، و البعض الآخر من المثقفين يقف مع عملية وقف الحرب جملة و تفصيلا ، و ليس بيدها من الأدوات ما يمكنها من تحقيق ذلك ، و بالتالي لن تقف الحرب بسبب نداءات هذه الطبقة من المثقفين سيما و أن الأسرة الدولية ، لا تبذل من الجهد الحقيقي الذي يخدم السلم والأمن الدوليين ، و تكتفي ببيانات الشجب و الإدانة و التنديد ، و هي لا تردع من قريب أو بعيد تلك الأطراف المتحاربة ، فالأسرة الدولية عاجزة تماماً ، و هي في حد ذاتها تحتاج إلى إصلاح جذري ، و ثورة مراجعة شاملة لدورها في حفظ السلم والأمن الدوليين ، فقد أفسد تضارب مصالح القوى الخمس الرئيسة المشكلة لمجلس الأمن الدولي السياسة الدولية . . و الواقع يقول بأن حرب السودان في طريقه إلى الإستمرارية سنوات و سنوات ، و أن أمد توقفها مرهون بنفاد مخزون الأطراف المتحاربة من القوى البشرية و المادية .. و بعد وقف الحرب بسبب إنتهاء الدعم البشري ، فإن حرب أخرى ستندلع في السودان ، ألا وهي حرب إستعادة الحكم المدني و الديمقراطي ، وهي حرب سلمية ، على بقايا القوات النظامية المتمسكة بالسلطة و الحكم في السودان ، بعد أن تكون آلة الحرب قد قضت على العدد الأكبر ، ذلك العدد الذي تسبب في العديد من مآسي المواطنين في السودان على مدار حكم المؤسسة العسكرية فيه ، ففي الحرب جزء من القصاص الرباني ، فكرة السياسة في ملعب الأطراف المتحاربة حالياً ، و ليست في ملعب القوى المدنية ، فقدر القوى المدنية أن تشاهد المبارزة فقط ، و بعد إنتهاء المبارزة ، يكون الملعب صالح تماماً لمشاركتها في الحرب السلمية لإستعادة الحكم المدني في السودان ، إن الرئيس نيلسون مانديلا إنتظر في السجن 27 سنة ، حتى يتجهز الملعب السياسي في البلاد للعمل السلمي ، و حتى تقتنع السلطة الحاكمة بحتمية إعطاء حقوق المواطنة لكافة المواطنين في دولة جنوب إفريقيا ، و بعد أن جاءت الكرة في ملعبه ، راوغ الجميع ، و سجل هدفاً أسطوريا في مرمى الحكم ، دخل به التاريخ . E_m : [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة