في الوقت الذي يترقب فيه السودانيون مخرجًا من نفق الحرب والفراغ السياسي، تتجه الأنظار نحو أسماء المرشحين لرئاسة الوزراء، وآخرهم البروفسور كامل إدريس، الدبلوماسي المعروف دوليًا ورغم الاحترام الذي تحظى به شخصيته وخبرته، إلا أن الرهان على الأفراد، مهما بلغوا من كفاءة، لن يحلّ مأزق السودان المستعصي طالما بقيت الأزمة الحقيقية مغيبة، غياب الدولة الحقيقية وضعف مؤسساتها وانعدام الشفافية والعدالة والنظم القوية حتما سوف يظل السودان قابع داخل دائرة مفرغة بسبب استبدال الأشخاص لا النظام المؤسسي الذي يقود الي النهضة والبناء والاستقرار،منذالاستقلال وحتى اليوم، لم يشهد السودان استقرارًا طويل الأمد والسبب لا يكمن في غياب العقول أو الكفاءات، بل في انهيار منظومة الحكم وتحكُّم مراكز النفوذ في مسارات الدولة، بعيدًا عن إرادة الشعب، كلما اشتدت الأزمة، لجأ النظام الحاكم إلى تقديم "شخصية جديدة" أو "حكومة تكنوقراط" كمسكّن سياسي، دون أن يُسمح لهذه الشخصيات ببناء مؤسسات حقيقية أو تفكيك المنظومات العميقة التي تمسك بالدولة من الخلف وهكذا يستمر التدوير بلا نتائج مرجوة تنعكس علي الوطن والمواطن والدولة، بكل تاكيد لا حل بلا مؤسسات لان الدولة لا تُبنى بالكاريزما، بل بالمؤسسات،ولا يمكن الخروج من الأزمة إلا بتأسيس منظومة حكم تفصل بين السلطات بشكل حقيقي، تقوم على الشفافية والمساءلة والمحاسبة تُحكم بالقانون لا بالمزاج السياسي، وتُدار بالكفاءة لا بالمحسوبية والانتماء الحزبي والقبلي والجهوي ظلت حكومات السودان المتعاقبة وقطاع كبير من الشعب السوداني رافضين لمنهج الله وشرعة وحكمه اي يكفرون ببعض الكتب ويؤمنون ببعضه لقد حتي انسلخوا من دينهم واصبحت مسألة حكم الله وشرعه من الامور المنسية والتي تحاربها غالبية الاحزاب والحكومات والبرلمان وللاسف السودانيين ولم يفلحوا في تقليد غيرهم من الشعوب والدول والانظمة العلمانية واللبرالية لان في هذا الكون سنن لا تحابي احدا فان النجاح لن يحالفهم ما لم يتم وضع دستور عادل يحدد شكل الحكم ويوزع السلطات بشكل متوازن، وتُبنى مؤسسات أمنية وقضائية واقتصادية وطنية ومستقلة، فإن تعيين كامل إدريس أو غيره لن يغير شيئًا، المطلوب هو مشروع وطني وليس شخص مخلّص لقد آن الأوان للخروج من ثقافة "المنقذ الفرد" و"الزعيم الملهم"، والانطلاق نحو مشروع وطني جامع يضع ملامح الدولة التي يريدها السودانيون دولة يتساوى فيها المواطنون أمام القانون الذي يتحاكون له قانون فوق الجميع ويسري علي الجميع دون استثناء السودان بحاجة الي دولة تُدار بإرادة شعبها، لا بإملاءات الخارج ولا بمزاج النخب، دولة تتحالف مع العدل والاصلاح والبناء والنهضة والاستقرار وتحارب الفساد بكل اشكاله وتعادي الظلم والمحسوبية ، وتبني اقتصادًا منتجًا، ومجتمعًا حيًاهذا المشروع لن يُنجز بيوم وليلة، ولن يحمله فرد واحد، بل يتطلب إرادة جماعية وتوافق قوى الانسان وروحه الحية،واستيعاب دروس الفشل الممتد منذ عقود، الخلاصة ليس كامل إدريس هو المشكلة ولا الحل، بل إن الأزمة أعمق من الأسماء والأشخاص، إنها أزمة بنيوية تتعلق بشكل الدولة، ومنظومة الحكم، وأخلاقيات السلطة والسودان اليوم أمام خيارين، إما الاستمرار في تدوير الأزمة عبر تغيير الوجوه، أو التوجه بجدية نحو بناء دولة مؤسسات وعدالة حقيقية لا تحابي أحدًا، فهل نستوعب الدرس قبل أن يتكرر الانفجار؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالرحمن محمد فضل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست