تسيَّد الحديث عن الفقرة 8.3 من اتفاقية جوبا الشارع السياسي في هذه الأيام، إذ أصرت الحركات الموقعة على اتفاق جوبا على إستيعاب أي مَن ترشح في الوزارة المخصصة لها بغض النظر عن كفاءته و اهليته لتلك الوظيفة. اساس المشكلة هي ان هذه الحركات الموقعة ظنت ان الفترة الإنتقالية مفتوحة وأن حصتها في هذه الفترة الإنتقالية هي المكافأة لنضالها في فترة الكفاح المسلح و هذا حتماً إعتقاد خاطئ. مهم جدا ان تتوفر الثقة و يعي الجميع أن الحكومة الانتقالية هي حكومة تكنوكرات مستقلة عن الاحزاب، فترتها محددة الهدف من تكونيها هو تسيير دولاب عمل الدولة و التحضير للحكومة المنتخبة بعمل دستور و قانون إنتخابات و إحصاء للسكان بغرض تحديد الدوائر الانتخابية و غير ذلك. وضع السودان حالياً معقد جداً يتطلب إختيار حكومة تكنوكرات مستقلة و عالية الكفاءة و هذا لا يتاتى إلا بالتفويض الكامل لرئيس الوزراء لوضع محددات للمؤهلات المطلوب توفرها في هؤلاء التكنوكرات. كنت اتمنى لو امكن تسميتهم خبراء او مستشارين بدلا من وزراء حتى ينجلي الأمر للكثيرين.
إذا خصصت اتفاقية جوبا وزارات بعينها لكل حركة موقعة فمن باب أولى إلزام الحركة تقديم ثلاث مرشحين لأي وزارة و ترك إختيار مَن هو أكثر تأهيلاً لرئيس الوزراء، بل و يجب منحه أحقية رفض المرشحين الثلاث اذا راى عدم توفر متطلبات شغل الوظيفة فيهم. في هذه الحالة ترفد الحركة رئيس الوزراء بمرشحين جدد اكثر كفاءة. اذا لم تتوفر الكفاءات المطلوبة ضمن عضوية الحركة فليس هناك حرج في ان تختار الحركة من التكنوكرات غير المسيسين خارج نطاق عضويتها طالما توفرت فيهم الأهلية و الكفاءة و الحيادية. كما و أن هناك حلول اخرى تشمل تفويض رئيس الوزراء لتخصيص وزارات للحركات حسب كفاءة مرشحيها. اكرر، المهم في الأمر هو أن تتوفر الثقة لدى الجميع و يعوا ان هذه الفترة هي مرحلة انتقالية ليس الا. الا تذكرون المرحوم القامة سوار الذهب. اما اذا اعتقدت الحركات الموقعة لاتفاق جوبا ان حصتها في الفترة الانتقالية هي المكافأة لنضالها في فترة كفاحها المسلح تكون قد اساءت فهم اهداف الحكومة الانتقالية. و عليه، اذا كان و لابد من مكافأة فورية للحركات الموقعة فلتكن في منحهم مناصب تشريفية في مجلس السيادة لان الجهاز التنفيذي جهاز مهني نجاحه بيد اهل الصنعة، مثلها مثل جراحة المخ و الأعصاب التي تتطلب أخصائي ممتاز او قيادة الطائرات التي تتطلب كابتن ذو خبرة.
الخلاصة هي "ترشيح شخص واحد فقط لإدارة وزارة في الفترة الانتقالية و الاصرار على تعيينه يحسب حكم مسبق على فشل الوزارة الجديدة قبل أن تبدا".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة