الطلل البالي كتبه د.الطيب النقر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 10:35 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-09-2025, 06:11 AM

الطيب النقر
<aالطيب النقر
تاريخ التسجيل: 10-26-2013
مجموع المشاركات: 148

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الطلل البالي كتبه د.الطيب النقر

    06:11 AM June, 09 2025

    سودانيز اون لاين
    الطيب النقر-كوالالمبور-ماليزيا
    مكتبتى
    رابط مختصر




    بسم الله الرحمن الرحيم



    أنت تكلف نفسك مشقة شديدة، إذا أردت أن تصور عواطفك وأنت في تلك المرحلة العمرية الباكرة تصويراً صادقاً، لن تستطيع أن تضع يدك عليها، أو تأخذ منها ما تريد، أو ما تعتقد أنه معين لك على توطيد نظم مقالك هذا، فقد انقطعت الصلة بينك وبينها، وانزوت حواضرها الزاهية في ذاكرتك شيئاً فشيئاً، حتى استحالت آخر الأمر، إلى دهناء قاحلة تدمدم رياحها الهوج بين جنبات نفسك، وكيف لا تنحسر وتتضاءل أحداث تلك الأيام الناصعة، وأنت لم تقوي فيها عناصر الثبات والاستقرار، ففي الحق أنت لم تعيرها نظرة، أو تمنحها التفاتة، تكفل لها أن تحتفظ بحظها من الحياة، حينها كنت ستجد متاعاً عظيما، وستعينك تلك الالتفات على احكام هواجسك، وتجويد خواطرك، وستبتهج أنت بهذا التجويد، ولكنك لم تفعل شيئاً من ذلك، كما أن تفاصيل حياتك الرتيبة التي أنفقتها في بكاء يعقبه بكاء، ولوعة تخلفها لوعة، قد أسهمت في تقزمها وانهاكها، حتى صارت أطلالها ورسومها ضعاف ومهازيل، فذاتك التي لم تدرك أن تلاشي حافظتك، خسارة لا سبيل إلى تعويضها بحال من الأحوال، من المحقق أنها لم تخضع للتوازن الدقيق بين طارفها وتليدها، بعد أن سارت وتيرتها منتصرة مهللة لحاضرها الذي تاهت في دهاليز عنفه، وقسوته، وصياله المتصل.
    إنها مسألة عظيمة الخطر إذن، ألا تأتلف حياتك من ماضي، وحاضر، ومستقبل، ففقدان الماضي يجعل حقيقة هذه الحياة جافية، لا عهد لها برونق أو رواء، وأيسر ما يمكن أن يقال، أنها قلما تستطيع أن تتصل بمواقف ثرة حافلة بالعبث والجمال، وسيظهر عجزها الفاضح، إذا أرادت أن تتصل بالموضوعات التي يطرقها الناس في العادة، والتي تكون كثيرة الدوران على ألسنتهم، لن تكون أيها البائس، مؤهلاً لأن تسترجع المرتفع منها والمنخفض، وستزاد عندها خشية اليأس والخيبة، إذا أخفقت أن تستحضر سوالف علة السعي لها، وغاية الجهاد فيها، أثرها الذي تتركه في النفس، وصداها الذي ينعش الروح، ويدفع الملال.
    لن تقدر أن تقيف عند هذه النماذج التي يقدمها لك صديقك كلما هاتفته، لن تتذكر أبداً، تلك العين التي كان ينبع منها الماء، ويختلف عليها أطفال وشباب المدينة، إلا إذا حدثك صديقك المخلص بهذا، وأمعن وتفانى في تذكيرك، العين التي كانت تفتننا بسحرها وجمالها، وتأسرنا بهدوءها وسكونها، كنا نهرع إليها كلما أضنانا العبث، وأعيانا المرح، ولقست أمزجتنا صخب المدينة وضجيجها، كانت هذه العين محدودة ضيقة، ولكنها كانت تعجبنا على كل حال، لأنها تحرك أفئدتنا للبشاشة، وتنزع مهجنا إلى الانتشاء، وذيوع صيت هذه العين راجعاً أيضاً إلى العصبية التي كانت تحدث الشقاق، وتجلب العداوة، وسبب هذه الخلافات اظهار القوة، والسعي لبسط النفوذ، و لعل تلك المعارك التي كانت تدور في نواحي هذه العين، لم تكن أقل امتاعاً للنفس، وارضاء للقلب، لأننا لم نكن ونحن في تلك السن، متجردين من الخضوع لفكرة الذود عن حياض "المنطقة" التي نقطن فيها، فالاشتباكات والنزاعات، كانت تدور بين فصائل تنتمي لأحياء سكنية متفرقة، كنا ننغمس في هذا النوع من الجهالة، ونرتهن لسيد الجيوش، وأمير الجحافل، ونتفانى في طاعته، نهجم على أعدائنا حينما يطلب منا الهجوم، ونولي الدبر حينما نراه لم يستطيع عليها صبرا، لأجل ذلك كثيراً ما كنا نعود إلى منازلنا ورؤوسنا التي أعياها النضال، والتي لم نكن نحرص على مقوماتها، مهشمة لأن قذائف من جندل قد استغرقتها، وأجسامنا اللاغبة مختومة بمقابض من معدن، وأطرافنا مجذوذة أضناها الضرب والتنكيل، كم كانت رائعة حياتنا تلك على سذاجتها، هذه العين على مرّ الأحقاب والأجيال، ظلت شاهدة على ما يقع لأبناء هذه المدينة من حوادث، وما يعرض عليهم من خطوب.
    إن هذه الخواطر التي لا أجد بُداً من تسجيلها، وتلك الحروب والمخاصمات، التي كانت تقع بيننا وبين أبناء المناطق السكنية الأخرى في صبانا الأغر، والتي هي أشبه بحياة الأعراب في باديتهم، لا يمكن أن ننكرها اليوم انكاراً قاطعاً، بل هذه الأطياف في مجملها تستحق أن نحتفل ونتباهى بها، لأنها أهلتنا لأن نلم بدقائق واقعنا المرير، ونحيط به من جميع أطرافه، وأن نستيقن ماضينا البعيد الذي نفكر فيه، ونحِْنُ إليه، يستحق أن نتخذه مقياساً لتصورنا للأشياء، وحكمنا عليها.


    Image


    Sent from Yahoo Mail on Android























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de