حماس التي تقاتل بالصبر والأناة، والمكر والخديعة، لا تستطيع أن تحقر عقلها، أو تغمض عينها، على جرائم الكيان البغيض، وتنكيله بشعبها، نجدها تستيقظ كل يوم ذاهلة أو كالذاهلة، لتقاوم وتجاهد ما وسعها الجهاد، فهي تأبى أن تعيش مسلوبة الكرامة، محدودة الإرادة، خاملة الحياة، كما ارتضت ذلك بعض المكونات السياسية في فلسطين المحتلة، تلك المكونات التي أضحت كما يقول الزيات"مطلباً لقصار الآمال، ومذهباً لصغار النفوس، وملجأً لضعاف الحيلة"، حماس دون أدنى شك، لا تستطيع أن تنغمس في هذا النوع من الحياة، فالبون شاسع بينها، وبين هذه المكونات التي انتحت ناحية من الجهاد، وأذعنت لهذه العروض اليسيرة الرخيصة، التي تدفعها لأن ترضخ لتوجهات الاحتلال، فلا تظهر شيئاً ينم عن مقاومة أو ممانعة لصلف العدو، وعزمه الدائب لتدنيس شرف المقاومة، وبناء تلك المستوطنات التي تتمدد فيها جرثومته في سهول فلسطين وهضابها، أبطح فلسطين ورحابها، التي تستحيل شهداً في فم مشنوء الذكر، وعسلاً مصفى، بعد أن يمحق بمعوله كل حجر قديم، و عظم رميم، وعزة هادئة ساكنة، تعرف كنه الداء الذي أصابها. حماس التي تبعث الأشباح من مكامنها، وتجبر العدو الذي أكره أمتنا المغلوبة على أمرها، أن تتحدث عنه، أو تتحدث إليه، ترينا هذه الجماعة المباركة، الأشياء مجردة كما هي في حقائقها، فما يتنفس صبح، إلا وهي قد أعدت العدة، لأن تصيب العدو البغيض في مقتل، فالعدو الذي لا يحس شيئاً، ولا يرى شيئاً، ولا يشعر بشيء، يجد في ثانية يداً "حانية" تخرجه في خفة ورشاقة، من عناء الدنيا إلى عذاب الآخرة، لتلجئ أهله وعترته أن تختلج في حناياهم وصدورهم لواعج الأسى، وفي محاجرهم ومآقيهم كوامن الشجن، وتحمل "غزة" الجريحة رغم مرارة الفقد، وفداحة الخطب، وعظمة المخمصة، أن يفتر ثغرها عن شارات الفرح والابتهاج، فحماس ما فتئت في نعمة سابغة، وسطوة بالغة، وما زالت رغم تكالب العدى عليها، قادرة على أن تحرج صاحب كل نفس فاجرة، وقلب غليظ، وتدحرجه من "غزة" مذموماً مدحورا، فالبارحة في شرقي مدينة خانيوس، جنوب غزة، نصبت كمينها المحكم الذي حيدت فيه أربعة من كلاب اسرائيل الضالة، وكمائنها الحثيثة التحول، والسريعة التشكل للظروف، ما أكثر ما لقى جيش الاحتلال الذي لا يعرف ولا يعلم شيئاً من أمرها، عنتاً دفعه لأن ينظر في نفسه، وينظر أمامه، وينظر من حوله، عسى أن ينجو من مباغتة حماس ومبادهاتها، وفي الحق أن هذه المباغتة هي أصل الكثير من الآلام التي تجابه ############ان اسرائيل في غزة، فما أشد ما احتملوا من آلامها، وما أفدح ما جابهوا من خطوبها، وقيادة الجيش الاسرائيلي التي تأخذ نفسها بألوان النشاط، والتي بددت ذخائر هائلة، و أشعلت حروباً شعواء، وضحت بجيف لا حصر لها، ما زالت يرتد خجلها تبجاً، وعجزها عن قمع هذه الكمائن، جرأة على التعدي والابادة لأهالي غزة، فهي لا تستطيع أن تجاري قيادات حماس في عبقريتها ولوذعيتها، ففي كل يوم تتفتق أذهان قادة حماس، بشراك تجبر قيادات الجيش الذي لا يقهر، بأن تلمح بعجزها حيناً، وتصرح به حيناً آخر. اسرائيل التي تعتقد أنها آلهة مقدسة، لا يستطيع أحد الاعتداء إليها، أسبغت عليها حماس وصواريخ اليمن السعيد، شكلاً مضحكاً، يضج بالتهكم، وتشيع فيه مخايل السخرية والاستهزاء، فاليمن الذي يبرح ينصر الفضيلة أنى سارت، يمطر الكيان الغاصب بحممه التي لا تتكلف الاستئذان، فقد اعتدنا أن يرسل لها هذا القطر العربي الصميم، غداة كل يوم عدة صواريخ، الأول يسخر منها، والثاني يهزأُ بها، والثالث يفحش عليها، والرابع يمرغ عرنينها في التراب، فتخلف هذه الصواريخ في تل أبيب خلاف الخوف والوجل، ضيقاً في النفس لقاطنيها، واعتلالاً في المزاج، أما كمائن حماس فهي في تقاربها وتباعدها، استطاعة حماس أن تحوطها بالعناية، وأن تهيئ لها الأسباب التي تكفل لها نجاحها، الأمر الذي جعل حكومة "النتن ياهو" يعوزها التجانس في التقارير والتصريحات. د.الطيب النقر
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة