دراويش الوعي السوداني- تشريح خطاب النخبة بين القداسة الزائفة والضمير الميت

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 10:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-02-2025, 10:39 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
دراويش الوعي السوداني- تشريح خطاب النخبة بين القداسة الزائفة والضمير الميت

    10:39 PM June, 02 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    "ما ظهر على الشاشة الجزيرة االفضائية لم يكن سوى طقوساً جنائزية للعقل السوداني، حيث يُدفن الوطن تحت ركام الخطابات، ويُحنَّط المثقفون في أردية بلاغتهم البليدة، بينما جثث الحقيقة تُترك للنسورالصعاليك في العالم"
    بهذا المشهد الكثيف نبدأ. لأن ما بُثّ عبر شاشة "الجزيرة مباشر" مؤخراً، في حوار بين بعض المثقفين السودانيين، لم يكن نقاشاً فكرياً بل انكشافاً عارياً لانحطاط النخبة. كان عرضاً مجانياً لسقوط الوعي في فخاخ الذات المتورمة، حيث لا فكرة تُقال، بل فصاحةٌ تَقتل.
    حيث لا تساؤلٌ يُطرح، بل تهجمٌ يُزيَّن بالألفاظ.
    الدرويشية الثقافية: عندما يتحوّل الضريح إلى منصة فكر
    من هنا تأتي استعارتنا لـ"الدرويش"، لا بوصفه ناسكاً زاهداً، بل مثقفاً تماهى مع ذاته لدرجة القداسة. إنه الدرويش الذي لم يعد يرى في خطابه إلا الحقيقة المطلقة، فيحيل كل من يخالفه إلى الكفر الثقافي أو الخيانة الوطنية. صار المثقف عندنا ضريحاً متحركاً، يطوف
    الناس حوله طلبًا لوهم الخلاص، بينما هو ينهار من الداخل.
    هذا الانهيار ليس أدبياً فقط، بل أخلاقي بالدرجة الأولى. نحن أمام فصاحة التهجُّم لا من أجل إعلاء الفكرة، بل من أجل إشباع نرجسية الذات، وتحصين موقع رمزي أو مصلحة ظرفية. اللغة هنا لا تُبنى، بل تُطلق كصواريخ صوتية لتدمير الخصم لا لإقناعه.
    فالمعركة ليست فكرية، بل شكل من العنف الرمزي المتخفي في ثوب البلاغة.
    الهوية الممزقة وعنف الرداءة
    ما يغذّي هذا العنف أكثر من أي شيء هو التمزق الوجودي للمثقف السوداني: هل هو عربي؟ أفريقي؟ مسلم؟ محلي؟ هذا السؤال، بدلاً من أن يولد حواراً عميقاً، ينتج ردة فعل هستيرية، كأن كل واحد يحرس "هويته" كآخر معاقل النجاة من الذوبان.
    ولذلك، فإن أي نقد يُترجم كتهديد للذات، ويُردّ عليه بعنف مضاعف.
    الإرث الرعوي والعقل الهرمي
    لا يمكن فهم هذه الأزمة دون ربطها بـ عقلية الرعوية الاجتماعية التي تتسلل إلى الخطاب النخبوي: عقلية تقوم على التراتبية، الإقصاء، والمباهاة بالمركز. فالقبيلة حاضرة كظلال في الخطاب، عبر تحالفات خفية، أو اختيار رموز معينة، أو ترميز الخصم الجهوي.
    إنها ذهنية تستبطن التسلط، وتُحيل الثقافة إلى أداة إقصاء لا أفق حوار.
    ثغرات الصمت القاتل: ما لم يُقل بعد
    الرأسمال الرمزي والتمويل السياسي:
    من يدفع؟ ومن يُلمِّع؟ كثير من هذه السجالات لا تجري في الفراغ، بل خلفها تحالفات مالية وإعلامية وأكاديمية. بعض النخب ممولة من جهات خارجية تسعى لاختراق المشهد. المناصب تُباع، المنابر تُوزَّع، والبلاغة تصير سلعة تخدم مشروعًا لا فكرة.
    الذكورية الخطابية:
    رغم ارتفاع صوت النسويات، لا تزال الذكورية تسكن جملة النخبة السودانية. نراها في تهميش صوت المثقفات، وفي استخدام "الأنثوية" كشتيمة ضمنية، وفي حصر القضايا الجندرية على هامش النقاش. العنف هنا طبقي وجندري في آن.
    التمرد الجيلي المزيَّف =الأجيال الجديدة دخلت الحلبة، لكنها ورثت نفس أدوات العنف الرمزي. لا تزال تعاني من غياب المشروع، ومن الانسحاق أمام رموز "الجيل المؤسس". التمرد ظل لغوياً لا هيكلياً. ولذلك فإن الطقس يتكرر: صوت جديد، بأسلحة قديمة.
    المثقف العضوي للسلطة -بعض الدراويش ليسوا غافلين بل فاعلين بوعي. هم جنود للسلطة، سواء كانت دينية أو عسكرية أو نيوليبرالية. مهمتهم تشتيت الوعي، وتحويل كل نقاش إلى حفلة سبّ، حتى لا يرتفع صوتٌ عن الفقر، أو العنصرية، أو التهجير.
    اللغة كسجن استعماري -نخبتنا تدافع عن "الفصحى المعيارية" — اللغة التي فصلها الاستعمار عن الجسد الشعبي — لكنها تستعملها كأداة هيمنة طبقية. تُقصي اللهجات، وتتهم العامية بالجهل، بينما هي تتغنى بـ"التحامها مع الناس"!
    مفارقة تكشف كذب المشروع الثقافي ذاته.
    تماثيل على رماد
    "الدراويش لا يرقصون على أطلس المدن المحترقة فحسب، بل ينفخون في رمادها ليُطفئوا الشرر الأخير الذي قد يضيء طريق الخلاص."

    ما نشهده ليس صراعاً فكرياً، بل صراع على البقاء الرمزي في مشهد منهار. ليس جدلاً حول الحقيقة، بل معركة على احتكار تمثيلها. والعنف اللفظي ليس عرضاً هامشيًا، بل أداة سياسية لطمس أي بديل، ولمراكمة الشرعية عبر الاستعراض الخطابي.

    إن أردنا الخروج من هذا الكهف، فعلينا أولاً أن نخلع أزياء التقديس عن المثقف، أن نكسر تماثيل النخبة التي لم تُنتج سوى الضجيج. فالشفاء لا يبدأ بمزيد من النقاش، بل بفضح البنية التي تجعل من المثقف كاهناً، ومن اللغة خنجراً، ومن الفكرة تميمةً للحظ لا مشروعًا للتحرر.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de