اعود اليوم لاتحدث عن مهنية د. اكرم واحترافيته في ادارة ازمة الكرونا بالرغم من انني كنت ساخط في تلك الايام لانه منعنا من العودة الى السودان انا والكثير من السودانيين العالقين .. لقد انهيت عقد عملي في السعودية بمحض ارادتي وكنت حينها اهم بالعودة للسودان لممارضة الوالد عليه رحمة الله وملازمته في ازمته بعد قرر اخوتي الصغار مغادرة السودان فقد حصل د التاج على عقد عمل مميز في السعودية بعد ان تعاقد مع المستشفى العسكري بالسعودية وكذلك قرر اخي د احمد الاغتراب في البحرين. لم يتركوا لي خيار اخر فاخترت العودة والبقاء بجوار الوالد والوالدة .. فتقدمت باستقالتي من العمل وانا بكامل قواي العقلية ولكن بعد شهر من تقديم خطاب الاستقالة كبست الكرونا وتم منعنا من السفر والعودة للسودان وكان حينها د اكرم هو وزير الصحة في حكومة حمدوك.
اعود لموضوع مهنية د اكرم والذي ادار ازمة الكرونا باحترافية ومهنية عالية جنبت السودان انتشار المرض ولن يستطيع احد التشكيك في علم ومهنية د اكرم ونحن نشاهد اليوم ازمة الكوليرا التي تنهش بلادنا ويروح ضحية المرض الالاف من السودانيين دون ان نسمع اي صوت لوزير الصحة الحالي او حتى نرى له تحركا لمواجهة الازمة كما كان يفعل د اكرم .. وصلني ان عدد المصابين يفوق ال 10000 مريض وهذا يعني ان هناك ازمة حقيقية تواجه البلاد والعباد وتحتاج من وزارة الصحة الى وقفة صلبة لمواجهة الوباء الذي ينتشر كالنار في الهشيم. كما قلت فقد ادار د اكرم بمهنية واحترافية عالية يحسد عليها ومن وجهة نظري انه من افضل وزراء الصحة الذين مروا على السودان ان لم يكن افضلهم على الاطلاق. لم يمكث د اكرم كثيرا بسبب بعض الاخطاء التي ارتكبها مثله مثل غيره من وزراء ما بعد سقوط الانقاد ولعل اهم عيوبه هي الهتافية والحماس الزائد واستعدائه للكثير من الجهات بسبب وبلا سبب نعلم جميعنا هشاشة تلك الفترة من حكم حمدوك .. فمعظم و زراء تلك الفترة كانوا ثوار او يلبسون رداء الثوار ولذلك فشلوا .. لا لشئ الا لانعدام الحكمة والحنكة والدراية السياسية .. تصرفاتهم كانت تصرفات ثوار وليس قادة ووزراء ومسؤولين.
ولعل اهم النقاط التي ادت الى فشل د اكرم بالرغم من نجاحه الساحق والمميز في مواجهة ازمة الكرونا
1. حماسه الزائد وتصرفه كثائر وليس وزير. 2. استعدائه لزملائه الاطباء والموظفين والعاملين في وزارة الصحة نفسها 3. عدم اختياره للتوقيت المناسب لبدء معركته ضد مافيا تجار الدواء وللمعلومية كانت هناك مسألتين ارهقت الانقاذ وغلبتها حتى عندما كانت الانقاذ في اوج عزها وصلفها وقوتها هما: مافيا الدواء وعملية اختيار ولاة الولايات
عليه هل نطمع في وزير صحة يتصدى لجائحة تفشي مرض الكوليرا والاسهالات المائية المنتشرة في هذه الايام وتفتلك باهلنا البسطاء الذين لم يستطيعوا الهرب من جحيم الحرب فسقطوا ضحايا للمرض والجوع والعطش فمن لم يمت بمسيرة او برصاص الطرفين المتحاربين في هذه الحرب العبثية مات بالكوليرا ... منذ عدة ايام ومع شروق شمس كل صباح اسمع خبرا بوفاة اخ او صديق او جار جراء اصابته بالمرض.
لا شك ان د اكرم يستحق ان يجلس على كرسي الوزارة بما يملكه من علم وخبرة .. وحتى لا انسى فهو ووزير المالية البدوي في حكومة الثورة اعتبرهم من انجح الوزراء واكثرهم علما ومهنية واحترافية لو اتيحت لهم الفرصة في الاستمرار.
ايا كان المنتصر في هذه الحرب العبثية بالتأكيد عليه مواجهة الشعب في المباراة النهائية مباراة من اجل السلام والحرية والعدالة .. مباراة من اجل دولة مدنية راشدة لا يسمع فيها صوت الرصاص.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة