إما أن يظل محصورا في دائرة الظلام، حيث تتحكم مافيا السلطة والثروة والسلاح بقيادة مجرم الحرب البرهان، وإما أن يختار دعم القوى التي تسعى لتحقيق الحرية، والعدالة، والسلام، وهي القوى التي رفعت شعارات الإنتقال المدني، وإلتزمت بمبادئه السلمية، ودفعت ثمنا غاليا في سبيل تحقيقه. إن إختيار الموقف لا ينبغي أن يكون عشوائيا أو مبنيا على العواطف أو المخاوف، بل يجب أن يستند إلى وعي سياسي وفهم عميق لطبيعة المرحلة، وللخيارات المتاحة، وتأثيرها على مستقبل السودان. فالسياسة علم وفن، يتطلب تقدير موقف مبنيا على الفهم المنهجي، وليس على الإنفعالات أو القرارات اللحظية. في المعادلة الراهنة، هناك خياران: الأول: الوقوف مع قوى الخراب، ممثلة في النظام القديم، المتمثل في الكيزان، الذين يسعون للحفاظ على مصالحهم على حساب مصالح الوطن، ويعملون على نشر الفوضى، واستباحة دماء الأبرياء، لإعادة البلاد إلى زمن الاستبداد والظلام. الخيار الثاني: دعم قوى الثورة، التي رفعت شعار الحرية والعدالة والسلام، وتعمل على بناءمستقبل ديمقراطي مستدام، عبر الإلتزام بالمبادئي السلمية، وقطع الطريق أمام قوى التخريب والدمار التي حاولت إعادة البلاد إلى دائرة الإحتراب. هذا الخيار لا يُنظر إليه ككلمات فقط، بل هو استثمار في وعي وطني راسخ، مستعد لتحمل تبعات الموقف الصحيح الذي يعبّر عن إرادة الشعب ويخدم مصلحة الوطن على المدى الطويل. فالوقوف مع الحق، في حد ذاته، فضيلة، وهو واجب وطني، ويمنح الإنسان شعورا بالرضا عن النفس، إذ الحياة زائلة، والنعيم الزائل، وما يبقى هو الموقف الصحيح الذي يرضي الضمير ويحقق السلام الداخلي. التاريخ لن ينسى من خانوا الثورة، ومن وقفوا مع مجرم الحرب البرهان، الذي هو جزء من منظومة مرتبطة تنظيمياً بالكيزان، ولا يملك القدرة على إتخاذ قرار مستقل يخرج به عن أوامرهم. وظيفته كانت وأضحت أداة لإجهاض حلم الأجيال في دولة مدنية ديمقراطية، كما هو حال عمر البشير سابقا. أما حميدتي، الذي أعلن موقفه بوضوح، فرفض عودة فلول النظام السابق، وأكد دعمه لشباب التغيير، وتحمل مسؤولية موقفه الشجاع، رغم غدر الكيزان وداعميهم من حركات الإرتزاق، الذين انخرطوا في مؤامرة شريرة ضد مستقبل البلاد، نتيجة جهلهم السياسي وعدم وعيهم بأهمية الإستقرار المدني. كما قلنا، السياسة علم قائم على الفلسفة والمنطق، لأنها تؤثر في حياة الملايين، وتحدد أمنهم، وسلامتهم، وإستقرارهم، وتطورهم. وكل من لا يدرك ذلك، ويتمادى في غيه وجهله وغروره، لا يستطيع أن يحقق المهام الوطنية الكبرى. الإستقرار السياسي، والتنمية الإقتصادية، والرفاه الإجتماعي، لن يتحقق إلا في ظل دولة مدنية، تعزز ثقافة إحترام القانون، وتداول السلطة بشكل سلمي، وتوزيع عادل للثروة، بحيث يحقق العدالة الاجتماعية. زبدة الحديث، الإستقرار السياسي والإزدهار الإقتصادي والرفاه الإجتماعي لن يتحقق إلا عبر نظام مدني، قائم على المؤسسات، ومرتكز على إرادة الشعب الحرة. أما الرهان على حكم العسكر، المدعوم من قوى الردة والظلام، فهو رهان على السراب.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة