أثار تعيين البروفيسور كامل إدريس رئيساً للوزراء جدلاً واسعاً خاصة داخل التيار الإسلامي الذي يرى في صعود شخصية مستقلة ، تهديداً مباشراً لمصالحهم ومشروهم القائم على الاستحواذ على مفاصل الجهاز التنفيذي للدولة برمتها .
الإسلاميون، الذين اعتادوا على التحكّم في مفاصل الدولة يخشون من إدريس لكونه غير محسوب على أي تيار أيديولوجي ، ويمتلك سجلاً دولياً ومصداقية وطنية لا تخضع لمساومات مراكز القوى .
من خطط الإسلاميين المحتملة لإفشال الرجل : هي شن حملات إعلامية مسعورة للتشويه عبر إثارة ملفات شخصية حقيقية أو مفبركة ، لتقويض سمعته ونزاهته . بالإضافة للطعن في كفاءته وتصويره كخبير تكنوقراط يفتقر للخبرة السياسية والذي لا يفهم واقع الحياة في البلاد ، ويسعون إلي عرقلة الأداء التنفيذي مع استغلال ما تبقى لهم من نفوذ إداري لشل مؤسسات الدولة . والكيل له بإتهامات تقدح في وطنيته وربما نعتوه بالخائن العميل الذي تحركه مخابرات دول أجنبية . وتحريض المواطن بربط الأزمات المعيشية بفعل الحرب المدمرة بسياسات حكومة إدريس ، حتى إذا عثرت بغلة في امبدة حاسبوه بمقاييس خدمات النمسا .
يُجيد الإسلاميون استخدام الإعلام لتوجيه الرأي العام ، وقد سبق أن استخدموه ضد حكومات الصادق المهدي وعبد الله حمدوك ، عبر حملات تشويه واتهامات أيديولوجية بحجة التماهي مع العلمانية وخيانة دماء الشهداء والوطن ، ما مهد الطريق لإنقلابات وانهيارات سياسية .
اليوم ، تعود ذات الأساليب لمواجهة كامل إدريس ، لكن نجاحه أو فشله سيعتمد على مدى صموده أمام هذه الحملات ، وقدرته على بناء تحالف مدني متماسك واستعادة الثقة الشعبية والانسجام مع المؤسسة العسكرية التي تدير حرب وجود اولويتها الحفاظ على مؤسسات الدولة .
اعتراض الإسلاميين على كامل إدريس ليس خلافاً سياسياً عابراً ، بل هو صراع وجود بين مشروع دولة المؤسسات بوجه مدني يقنع العالم بفعاليته ومشروع شمولي إيديولوجي يسعى للعودة عبر بوابة الأبتزاز والفوضى الإعلامية والسياسية . منذ البارحة بدأت المعركة ولم يسلم الرجل حتى من الطعن في نزاهته الشخصية ، ونتيجتها سترسم مدى قدرة البرهان في حماية قراراته وتحصينها من وساوس الضلاليين بالحكمة والعين الحمرة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة