بقلم: صديق أبوفواز الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥م/ القاهرة ضجت الأسافير كالعادة بخبر تعيين البرهان لرئيس وزراء جديد، وتكليفه بتكوين حكومة تكنوقراط.
ولقد ركزت الأغلبية على شخصية الدكتور كمال إدريس، وتاريخه في المنظمات الدولية، وقضية تزويره لشهادة ميلاده حتى يستمر في وظيفته التي كان يشغلها، واستندوا على ذلك بأنه غير مؤهل لوظيفة رئيس وزراء.
هنالك من عقد مقارنة بينه وبين الدكتور عبدالله حمدوك، من ناحية المؤهلات ومن ناحية انهما الاثنان يعتبران مستقلين سياسياً، وكفاءات دولية، وأنهما يناسبان صفة التكنوقراط المطلوبة في مرحلة انتقالية تستدعي إبعاد السياسيين من تقلد اي مناصب في مرحلة التأسيس، وفي نظرنا لقد كان ذلك خطأً فادحاً، خاصة بعد ثورة عظيمة انتهت بانقلاب قصر وإسقاط رأس الحية والابقاء على جسدها حياً يسعى، مع خطأ شراكة عسكر البشير في السلطة الانتقالية.
لقد قلنا ذلك منذ اليوم الأول، إن الحديد لا يفله الا الحديد، والتكنوقراط لا يستيطون مواجهة العساكر، ولا يستطيعون تنفيذ أهداف ثورة عظيمة مثل ثورة ديسمبر المجيدة.
إن فشل الفترة الانتقالية لم يكن بسبب شخصية حمدوك فقط، ولا بسبب انحراف بعضاً من عناصر قوى الحرية والتغيير عن صراط الثورة المستقيم، ولكن السبب الأساسي كان يكمن في القبول باللجنة الأمنية للبشير على رأس السلطة الانتقالية، والوثيقة الدستورية التي كانت بكل المقاييس أقل بكثير من طموحات الثورة والثوار، وتقنين وجود قوات الدعم السريع بدلاً عن حلها.
نقول ذلك لكي نصل الى أن القضية ليست في تعيين كمال إدريس، ولا في شخصه، القضية التي أهملتها الأغلبية العظمى، أن أسباب فشل اي رئيس وزراء في هذه الظروف وهذا المناخ، وتحت ولاية نفس العناصر برئاسة البرهان، وقبضتهم على مفاصل الدولة، ما زالت قائمة، ناهيك عن الاستقطاب الحاد والتشرذم بين القوى السياسية ، وكل أفراد المجتمع، وانتشار خطاب الكراهية والعنصرية، وتفتيت وتمزيق النسيج الاجتماعي بسبب حرب ١٥ أبريل الكارثية.
فمن كان سبباً في اندلاع الحرب، وسبباً في ازمتنا الشاملة، لن يكون أبداً جزءاً من الحل، حتى وإن استدعى ابراهام لنكولون من قبره وعينه رئيساً للوزراء.
ففي اعتقادي، وبغض النظر عن رأينا في شخصية كامل ادريس، فأي رئيس حكومة يعين في هذه الظروف، ستقابله تحديات جمة والخص بعضاً منها في الآتي:-
أولا؛ مسألة الحرب والسلام ، فهذه مسألة في يد البرهان ولن يكون لدى رئيس الوزراء دور أو كلمة فيها.
ثانيا؛ مسألة عدم الشرعية التي ما زالت قائمة منذ انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م، ستظل تطارد سلطة البرهان حتى خلعه.
ثالثا؛ وجود #الثلث_المعطل المتمثل في الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، فأي رئيس وزراء لن يستطيع مثلا ان يقيل جبريل ابراهيم من وزارة المالية، وبالطبع لن يكون لديه أي رأي في مجلس السيادة.
رابعا؛ مسألة الفساد المستشري والمحمي مباشرة بواسطة مجلس السيادة وخاصة المكون العسكري، فرئيس الوزراء لن يكون لديه السلطة الكافية لمحاربة الفساد.
أخيراً؛ وجود كوادر الحركة الإسلامية في مفاصل الدولة لن يقدر عليها أي رئيس وزراء يتم تعيينه بواسطة البرهان.
الذين حاولوا تثمين تعيين إمرأتين في مجلس السيادة، فإننا نتفهم منطلقاتهم، ولكننا نختلف معهم، لأن التغيير لا يمكن أن يتم بقرارات يصدرها رئيس سلطة انقلابية، التغيير يجب أن يكون ثورياً، وأن تشارك فيه القواعد حباً وكرامة.
إن أسباب اجهاض الثورة وفشل عملية التحول الديمقراطي، ما زالت قائمة، وظللنا نقول بها منذ اليوم الأول لاسقاط البشير في ١١ أبريل ٢٠١٩.
وإن أي أمنيات أواحلام يرجوها البعض من تعيين رئيساً للوزراء، لن تتحقق في ظل السلطة الانقلابية الحالية، خاصة وأن البرهان قد عدل الوثيقة الدستورية المنتهية أصلاً منذ ٢١ أكتوبر ٢٠٢١م، وركز كل السلطات في يده، فنحن ياسادتي وسيداتي الافاضل؛ في ظل النسخة الثانية لحكم البشير.
ولن يتغير الحال إلا بانعاش ثورة ديسمبر المجيدة مرة أخرى والاستمرار في النضال، وفرض التغيير الذي يجب أن يحدث رغم أنف البرهان ومن معه، وأن يكون تغييراً جذرياً، وثورياً شاملاً.
تحيةً واحتراماً ،،، صديق أبوفواز الثلاثاء ٢٠ مايو ٢٠٢٥م/القاهرة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة