بين الطار والعار: القونات يقئن الحمل على صلف النخب عند عتبات الخراب السوداني (١) كتبه خالد كودي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-14-2025, 10:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-17-2025, 11:53 PM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين الطار والعار: القونات يقئن الحمل على صلف النخب عند عتبات الخراب السوداني (١) كتبه خالد كودي

    11:53 PM May, 17 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر



    بين الطار والعار: القونات يقئن الحمل على صلف النخب عند عتبات الخراب السوداني (١)

    الجزء الأول:

    16/4/2025 خالد كودي، بوسطن

    مدخل:

    القونات: هل سيُسقطن مطلقات ثقافة المركز ويقئن الحمل على عتبات الوطن؟

    كان الفن ولا يزال ساحة مركزية للصراع بين قوى التغيير وقوى الهيمنة، فهو مرآة للمجتمع وكاشف للأزمات والاضطرابات. عبر التاريخ، استخدم الفنانون أصواتهم وأجسادهم للتعبيرعن قيم المجتمع في الزمان وعكسها، او كأدوات لتفكيك القيم السائدة وإعادة صياغة المفاهيم الثقافية والاجتماعية والاقتصادية. من حركة الدادا الأوروبية التي نشأت كرد فعل على عبثية الحرب العالمية الأولى، إلى موسيقى الهيب هوب التي وُلدت في شوارع برونكس بنيويورك كصرخة احتجاجية ضد التمييز العنصري، ومن أفرو بيت الأفريقية التي استخدمها فلا كوتي لمواجهة الدكتاتوريات العسكرية، إلى موسيقى الريقي الجامايكية التي وثقت قصص المعاناة والظلم في جزر الكاريبي. تتشكل الحركات الفنية التمردية دائمًا في سياقات تاريخية مشحونة بالصراعات والعناء واللايقين.
    في السودان، ظهرت ثقافة "القونات" وهي في تقديرنا حركة فنية متمردة تتجاوز الأطر التقليدية للفنون الغنائية والشعرية السودانية، لتتحول إلى ساحة اختبار للمطلقات الثقافية والدينية المفروضة على المجتمع من النخب السياسية والثقافية والدينية. هذه النخب، التي ارتبطت غالباً بالثقافة العربية الإسلامية السائدة، مارست الإقصاء والتهميش والقمع على الفئات غير المنتمية لتلك الثقافة، ما جعل "القونات" يتجاوزن حدود الفن الغنائي إلى استخدام كل ما هو متاح من أدوات بصرية واستعراضية حركية ولغوية للتعبير عن الرفض والتمرد!

    "القونات": موضعة التمرد الفني السوداني في سياق الحركات العالمية
    لطالما كانت قصة الفن ساحة للتنازع بين قوى المحافظة والتحرر، بين السائد والمتمرد، بين السلطة والهامش. ومن رحم الحركات الفنية التمردية، انبثقت أشكال تعبيرية جديدة استخدمت الجسد والإيقاع والألوان والاشكال كوسائل لكشف المستور وفضح التناقضات. وفي السودان، تتجسد ظاهرة "القونات" كامتداد لهذا الإرث الثوري التحرري، حيث يتحول الجسد – الأنثوي والذكري على حد سواء – إلى ساحة احتجاجية، وتتحول الألحان والإيقاعات إلى صرخات متواصلة في وجه النخب المتمادية في نفاقها.

    "القونات" لا يغنين فقط؛ إنهن يكتبن تاريخ الخراب السوداني بأصواتهن وأجسادهن، يعيدن صياغة الحكايات الموجعة بنظم سيريالي للكلمات، حيث تتحرر القصيدة من قوانينها التقليدية لتخترق حدود الشعرية المابعد حداثية، وتنحت لها قوانين خاصة للأحرف والإيقاعات والنطق علوا وانخفاضا وغنجا كمان!. وفي هذا المشهد الفني، تصبح "القونات" رمزاً للتمرد الفني، حيث يقدمن فناً صاخباً ومتمرداً على مجتمعهن، محاكيات تاريخ الحركات العالمية التي رفعت شعارات المقاومة والتحدي، بدءاً من الدادية وصولاً إلى الهيب هوب وأفرو بيت.

    حركة الدادا: عبثية الحرب وتمرد الجسد (أوروبا)
    خلال الحرب العالمية الأولى، نشأت حركة الدادا في أوروبا كرد فعل على عبثية الحرب وويلاتها. حول مارسيل دوشامب "النافورة" او "المبولة" (1917) إلى رمز ساخر من الفن البرجوازي والنخب الثقافية. بالمثل، تستخدم "القونات" أجسادهن وأزيائهن الفاقعة كصرخة ساخرة ضد النخب الدينية والسياسية في السودان، كمن يقلب الطاولة على ثقافة الزيف والانحلال المستتر، وبدون مبالاة لردود الفعل أيا كانت، ومن أي كان..
    التعبيرية التجريدية: تفكيك الذات بعد الحرب (الولايات المتحدة)
    في أعقاب الحرب العالمية الثانية، تحولت التعبيرية التجريدية إلى مساحة لتفكيك الذات وتعبير عن الفوضى الداخلية. استخدم الفنان جاكسون بولوك الألوان الداكنة والحركات العنيفة في لوحته "رقم 5" (1948) لتجسيد انهيار الذات. وفي السودان، تستخدم "القونات" الإيقاعات الصاخبة والكلمات والتعابير المتكررة كما في موسيقي ال"تكنو" لتجسيد مشاهد الانهيار المجتمعي الكاسح، متجاوزات الحدود التقليدية للفن الغنائي ومايصاحبه من كلمه وموسيقي.
    الهيب هوب: صوت الجسد الأسود المقاوم (الولايات المتحدة)
    في السبعينيات، نبعت موسيقى الهيب هوب من الأحياء الفقيرة في برونكس بنيويورك كوسيلة لمقاومة العنصرية والتمييز الاجتماعي. كلمات "توباك شاكور" و"بيغجي سمولز" كانت صرخات غضب ضد النظام. وفي السودان، تتحول أجساد "القونات" إلى مسرح هيب هوب سوداني، حيث تُستخدم الكلمات المستفزة والأزياء المتحدية الفاقعة كوسيلة للتعبير عن رفض القيود الاجتماعية والدينية. و(المزيد عن الهيب هوب لاحقا)
    الهيبيز: الجسد كمسرح للتمرد (الولايات المتحدة)
    في ستينيات القرن الماضي، تحولت حركة "الهيبيز" إلى فضاء للتمرد على القيم البرجوازية من خلال الموسيقى الجماعية والرقص العفوي والعري، وكان للحركات النسوية دورا أساسية في انفجار المواجهات الحقوقية. وفي السودان، تتخذ "القونات" من أزيائهن المزركشة وإيقاعات الطار فضاءً احتفالياً يعيد تشكيل مسرح "الهيبيز" بملامح محلية، لتصبح حفلاتهن كرنفالات متمردة على القيم السلطوية- حفالاتهن تساوي حرية للجميع كمن في حلقات الذكر الصوفية!.
    البوتو: رقصات الموت الجماعية (اليابان)
    بعد القصف النووي على هيروشيما وناجازاكي، تحولت أجساد فناني البوتو إلى مساحات للموت والحداد، حيث طُليت الأجساد بالأبيض وتمددت الحركات ببطء لتعكس الفاجعة. وفي السودان، تتحول أجساد "القونات" إلى لوحة بوتو محلية، حيث تتكرر الحركات وتتسارع الإيقاعات كتعبير عن ذاكرة الخراب.
    الكارنوفال: صرخة الفقراء (البرازيل)
    في البرازيل، يُعد الكارنوفال مساحةً لتحدي الطبقية والهيمنة، حيث تُستخدم الأزياء الفاقعة والأغاني الساخرة لفضح النخب. وفي السودان، تتحول حفلات "القونات" إلى كرنفال شعبي، حيث يتمايل الجسد الأنثوي والذكوري بإيقاعات الطار، ويُستخدم الإيقاع كأداة لكسر القواعد الاجتماعية الصارمة.
    أفرو بيت: صوت المقاومة الأفريقية (نيجيريا)
    في السبعينيات، أطلق النان النيجيري فلا كوتي، فنان افريقيا الأول موسيقى "أفرو بيت" كتمرد على الأنظمة العسكرية النيجيرية، مستخدماً الإيقاعات الإفريقية والكلمات النارية لفضح الفساد والقمع. وفي السودان، تتحول إيقاعات "القونات" إلى ضربات طبول حرب تجسيدا للفساد والنفاق الديني والسياسي، كمن يعيد صياغة أفرو بيت سودانية بنكهة محلية، انه التحدي! و"القونات" تمت مطاردتهن من السلطة واعتقال الكثيرات منهن وتعذيبهن واستغلالهن، ووتطبيق قوانين الهوس الديني عليهن، فازددن عددا وعتادا، ولايزلن!
    الريقي: نغمة المنفيين والمقموعين (جامايكا)
    في جزر الكاريبي، وثقت موسيقى الريقي قصص الظلم الاجتماعي والاقتصادي، واستخدمها بوب مارلي لنقل صوت المهمشين إلى العالم. وفي السودان، تُستخدم أصوات "القونات" كأغاني ريقي محلية، حيث تتحول الكلمات المكررة والإيقاعات المتموجة إلى صوت صرخة جماعية ضد التهميش والإقصاء والحرمان! وايقاع (الزنق) الذي سنكتب عنه لاحقا بدوره تاريخ علي خصوصيته في سياق مصاحبة أغنيات القونات.

    في السياق السوداني، تتجلى "القونات" كمرآة تعكس التناقضات المجتمعية، مجسدات بذلك الفجوة بين قيم الادعاء الأخلاقي وسلوكيات النخب المتناقضة. إنهن مبدعات يستخدمن الجسد والإيقاع والكلمات والألوان كوسائل لتفكيك الزيف وكشف المستور، بينما تتهمهن النخب والمثقفين بالانحطاط والإسفاف والهبوط والفساد- نعم الفساد.
    لكن المفارقة تكمن في أن تلك النخب نفسها تطرب خفية لأغاني "القونات"، متلذذة بما تدّعي رفضه علناً، منغمسة في سرقة إيقاعاتهن المبدعة، وحركاتهن، وحتى تعابيرهن الفنية دون الاعتراف بهن كمبدعات أصيلات!
    أما عن شعرهن الغنائي، فهو ليس مجرد كلمات تُغنى؛ إنه نصوص متمردة تتجاوز حدود المعاني السطحية، لتصبح لغة بصرية صوتية بديلة تُعيد صياغة مشاهد الألم والنفاق والازدواجية. كلماتهن غالباً ما تكون مُشبعة بالإيحاءات والرموز التي تقتحم المحظور، لتكشف عن المستور وتفضح تناقضات السلطة وقيم النخب. بين آهاتهن وتكرارهن الإيقاعي، تتشكل لغة خاصة لا تنحصر في الغناء، بل تتحول إلى سلاح فني ينقل صوت تجربة التهميش ويُدين استبداد المركز.
    في السودان، تتحول حفلات "القونات" إلى مسرح "كارنفالي"، حيث تمتزج الإيقاعات الشعبية بالملابس المزركشة المصممة فنيا والرقصات التعبيرية المثيرة، كمن يعيد تشكيل مفهوم الكارنوفال بطابع سوداني محلي.
    عبر التاريخ، كان الجسد فضاءً للتعبير عن الرفض والتمرد على الأنظمة القمعية، سواء من خلال الألوان الصاخبة، او تصميم الملابس الذي يبرز تفاصيل أسلحة الجسد، ومن خلال الإيقاعات الموسيقية، أو الكلمات المستفزة. وفي السودان، تتحول حفلات "القونات" إلى ساحة "كارنفالية"، حيث تُستخدم الأجساد، الإيقاعات، الألوان، الكلمات، والتعابير ولكنتها، ودرجتها، والأزياء لتحدي خطاب السلطة والنفاق الأخلاقي للنخب. هكذا، تعيد "القونات" تشكيل لغة الفن الشعبي، ليصبح الجسد صرخة في وجه القمع والاقصاء!

    من أي مجتمع أتت "القونات"؟
    في ساق غير: أتت القونات من أطلال وطن غارق في الخطيئة، تنهض القونة على خشبة المسرح كحواء في "كامل تنميطها" في موسم التكاثر، جسدها لوحة عارية إلا من خيبة النخب المتمدينة. تتمايل على إيقاعات الطار المدوية، تصرخ بآهاتها الإيحائية بلا مواربة او حياد، فتتردد الصرخات في فضاء محشو بالكذب والنفاق. شيخٌ يغلق فمه بعد صلاة الجمعة، يلعن "القونات" ويرفع سبابته متهماً إياهن بالفساد، لكنه في الليل، حين يخبو ضوء القمر، يخلع عمامته ويسقط عن وجهه قناع الورع، يتسلل إلى القصور، يقضم جسد الوطن كما يقضم الشيطان الروح.

    ذلك الوطن الذي حكمه عمر البشير، وعرابه حسن الترابي، ومثقفيه الذين لا يزالون يحاولون إقناع الناس بأن الزبير باشا لم يكن نخاساً بل بطلاً قومياً تُسمى الشوارع باسمه. عبد الحي يوسف وناجي مصطفى يعزفان على أوتار الدين، بينما حسين خوجلي والطاهر حسن التوم يكتبان خطباً عن الأخلاق، وكلاهما يتسكع في مواخير السلطة. وخالد الأعيسر يعبر عن وطنٍ يُباع قطعة قطعة. يا لهم من كورس! يا لهم من تجار! في خضم ذلك الخراب، تتخذ النخب والمثقفون "القونات" ككبش فداء، يرمونهن بالحجارة بينما أيديهم تقطر من دم الخيبة والفشل الأبدي.
    القونة تتلوى على المسرح، تفتح صدرها للعالم، تصرخ بالحقيقة بصوت ملتهب: "كله! كله! أريد كل شيء!" تتبع الرغبة بآهاتها، كأنها تحرق المسافة بين الجسد والكلمة، لتقول: أين كنتم يا رجال الدين حين اغتصبت دارفور؟ أين كانت أقلامكم يا نخب المثقفين حين قُصفت قرى هوامش وطنكم ولاتزال؟
    "القونات" يُتّهمن بأنهن يشوهن شرف الوطن، يتكسبن بأجسادهن ورقصاتهن الفاضحة، بينما هم يبيعون الوطن نفسه قطعة قطعة. أولئك الذين يتهمون "القونات" بإفساد الذوق العام في المنافي، يتهمونهن بالرقص الخليع والغناء الهابط، هم، أنفسهم يسطون على فنهن، يسرقون إيقاعاتهن، حركاتهن، وحتى كلماتهن دون الاعتراف بهن كصاحبات الإبداع الأصيل.
    "القونات" لا يغنين فقط؛ إنهن يكتبن تاريخ الخراب السوداني بأصواتهن وأجسادهن، ويحملن على ظهورهن أوزار الوطن الممزق. إنهن مرآة تعكس التناقضات العميقة في مجتمع يمور بالزيف والنفاق. هنَّ المبدعات اللاتي استخدمن أجسادهن وأصواتهن كأدوات فنية تعيد تشكيل الهوية الثقافية وتفضح قبح المركز، ليصبحن بذلك رمزاً للتمرد الجسدي والفني. مثلما استخدم دوشامب مبولةً كعمل ساخر ضد الفن البرجوازي، وكما استعار الفنانون في الهيب هوب والإيقاعات الإفريقية لغة المقهورين، تستخدم "القونات" أجسادهن كمساحة لكشف الزيف المستتر خلف عمائم الشيوخ وبدلات الساسة.

    والذي جعل "القونات" حقيقة في المنافي هم من باع الوطن ودمر ماتبقي. 
وقد باعوا السودان كله منذ 1989؟
ألم يبيعوا
    الجنسية والجواز السوداني
سواكن، ميناء بورتسودان، مطار الخرطوم
الهيئة القومية للكهرباء، الهيئة العامة للمواصلات، مؤسسة الري
شتول شجرة الهشاب، إناث الضأن والإبل
بيت السودان في لندن، بيت السودان في جنيف
الخطوط البحرية السودانية - 15 باخرة
شركة السكر السودانية
أراضي جامعة الخرطوم، أراضي السكة حديد
مشروع الجزيرة، مصانع الغزل والنسيج، مشاريع النيل الأبيض والنيل الأزرق
مستشفى الخرطوم، مستشفى جعفر ابن عوف
الفندق الكبير، قصر الصداقة
المشروع الحضاري! أكان بيع الوطن جزءاً من حضارتكم؟ ويتحدثون عن فساد "القونات"
    هم الذين خلعوا الشرف عن الوطن وعلقوه على أجساد "القونات". هم الذين باعوا ثروات السودان: الذهب، النفط، الأراضي الزراعية، الموانئ، المعسكرات، المدارس، المستشفيات.
    "القونة" تتراقص على خشبة المسرح، تفتح فمها لتغني، لكن صوتها يخرج كنشيج طفل يتيم في مكان ما من السودان الجريح، كنحيب أم فقدت ابنها في مكان اخر. "القونة" تفتح ذراعيها للفرح، بينما هم يفتحون جيوبهم للمال الحرام.
    يا شيوخ الدين، يا وعاظ السلطة، يا أدعياء الأخلاق
ألم تملأوا جيوبكم بذهب السودان المهرّب؟ ألم تبتلعوا عرق الفلاحين، دماء الشهداء، وأحلام البسطاء؟
    تتلوى القونة على المسرح، تهز جسدها في عرض فني لايقتل احدا، بينما أنتم تهزون عمائمكم في مزاد بيع الوطن بمن فيه. هل القونة هي من باع خط هيثرو؟ هل القونة هي من باع بيت السودان في جدة؟ هل القونة هي من باع أراضي الحوض النوبي لشركة أمريكية بخمس وعشرين ألف دولار؟
    في مدينة الخطيئة، تتراقص القونة، لكنها ليست الفاسدة. الفاسدون هم من يتظاهرون بالعفة، من يغسلون أيديهم بدماء الأبرياء، من يحولون الوطن إلى سوق نخاسة، من يسرقون الأمل ويبيعونه في أسواق المال.
    حين تتحول صرخات "القونات" إلى أصوات الحقيقة، وحين تتحول أجسادهن إلى لافتات تفضح النفاق، حينها ستسقط العمائم وتتكسر السيوف، وستصعد الأرواح المذبوحة لتعلن أن ما ضاع من السودان ليس جسد "القونة"، بل كرامته.

    إن فن القونات ليس مجرد ظاهرة فنية عابرة؛ بل هو منصة لتفكيك المفاهيم السائدة وإعادة تشكيل السرديات الاجتماعية من منظور الفئات المهمشة وبادوات الابداع. في هذا السياق، يمكن القول إن "القونات" يُعدن صياغة مفهوم الجمال والمعنى، بعيداً عن قوالب النخب الثقافية التي تحتفي بالرمزية والتجريد من ناحية ومن الناحية الأخرى بالمحافظة والجمود، ليقدم "القونات" فناً متميزا يتسم بالمباشرة والجسارة، ويرتبط ارتباطاً وثيقاً بالواقع الذي طغت عليه ثقافة النفاق والجشع والعنصرية والفساد والديكتاتورية والقمع، "القونات" يغنين كلمات ترتبط بالواقع السوداني بالتجارب اليومية للنساء والفئات المهمشة بتعدد مضامين التهميش في تداخلها مع السلطة.

    "القونات" لا يقدمن فقط الغناء، بل يمزجن بين الغناء والرقص وتصميم الملابس والاكسسوارات، والتجميل مما يجعل من فنهن منصة شاملة تتحدى السرديات التقليدية وتُعيد بناء ملمح في الهوية الفنية، الثقافية والاجتماعية. بهذا المعنى، فإن القونات، كظاهرة فنية معاصرة، يمثلن نقطة تقاطع بين الفن الشعبي والفن الاحتجاجي، بين التراث الأفريقي والتمرد الحداثي، وبين الأصوات المنسية في الهوامش والسرديات المهيمنة في المركز. وكما قد يقول الناقد الثقافي بول غيلروي: "الفن الذي يولد من الهوامش هو فن يعيد تشكيل التاريخ لأنه يكشف المسكوت عنه ويُعطي صوتاً لمن سُلِبَ حقهم في الكلام" و"القونات" غنين عن المسكوت عنه وغنين للغير مرئيين، وبإبداع- بأصل غير مسبوق.

    يتبع....

    النضال مستمر والنصر اكيد


    (أدوات البحث التقليدية والإليكترونية الحديثة استخدمت في هذه السلسلة من المقالات)























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de