تشير الأحداث الأخيرة في السودان، بما في ذلك استهداف مطار بورتسودان ومستودعات الوقود فيه، إلى تصرفات إرهابية واضحة من قبل نظام أبوظبي، الذي يسعى بكل وسائله للسيطرة على السودان. في الوقت نفسه، يتقاعس المجتمع الدولي عن محاسبة هذا النظام على جرائمه، خاصةً دعمه للمليشيات المسلحة مثل "الدعم السريع"، من خلال توفير أحدث أنواع الأسلحة.
تشير تقارير المنظمات الدولية، مثل منظمة العفو الدولية، إلى أن هناك عمليات شراء للأسلحة من بلغاريا وطائرات مسيرة من الصين من قبل شركات إماراتية، وهي ذات الأسلحة التي تستخدمها مليشيات "أل دلقو" الإرهابية. إن تاريخ نظام أبوظبي في التدخل في دول مثل ليبيا واليمن وسوريا قد أدى إلى دمار وتقسيم شعوب تلك الدول.
ما يحدث في السودان، وخاصة في منطقة البحر الأحمر، يشكل تهديدًا للسلم الإقليمي وللملاحة البحرية وطرق التجارة، ويعزز من وجود الإرهاب في المنطقة. إذا لم يتدخل المجتمع الدولي والدول الإقليمية، خاصةً الدول المطلة على البحر الأحمر وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي، لوقف انتهاكات نظام أبوظبي في السودان، فإن المنطقة قد تنزلق إلى صراع وحرب تهدد سلامة الملاحة البحرية.
إن ما يحدث يُعتبر غزوًا للسودان من قبل دولة أخرى، ويتوجب على المنظمات الإقليمية مثل الإيقاد والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة ودول الجوار الإقليمي التحرك لحماية سيادة وسلامة أراضي السودان. إذا استمر نظام أبوظبي في انتهاكاته، فقد تشهد المنطقة بأسرها صراعات وحروباً تؤثر سلبًا على الجميع، خاصةً في ظل هشاشة الأوضاع في دول البحيرات العظمى ودول الجوار.
تداخل المصالح الإقليمية والدولية
يشهد الوضع في السودان تداخلًا معقدًا بين مصالح وأهداف القوى الخارجية والمحلية، بما في ذلك الصين ومصر وإثيوبيا وإيران وروسيا والسعودية وتركيا ونظام أبوظبي والولايات المتحدة الأمريكية. يُعتبر السودان واحدًا من الدول القليلة في منطقة القرن الإفريقي التي تمتلك أراضٍ زراعية شاسعة وقابلة للزراعة على نطاق واسع، مع سهولة الوصول إلى ميناء بورتسودان. لذا، يُعد السودان نقطة جذب استثمارية لدول الخليج العربي بسبب قربها الجغرافي.
نتيجة لذلك، ساهم النزاع في السودان في تسابق القوى الإقليمية للحصول على النفوذ. أصبح السودان ساحة لنزاع بالوكالة بين بعض القوى الإقليمية المتنافسة، حيث يتضح مدى تأثير نظام أبوظبي في حرب السودان من خلال جلب خبراء أجانب ومرتزقة من 18 دولة للقتال إلى جانب قوات الدعم السريع.
زيادةً على ذلك، أفادت وكالة رويترز أن تشاد وبعض التحالفات القبلية من دول الجوار الغربي والجنوبي للسودان تدعم قوات الدعم السريع عبر تقديم تسهيلات لعبور الطائرات اللوجستية إلى نيالا. بينما يدعم الجار الشرقي إريتريا الجيش السوداني. كما حافظت إثيوبيا وإسرائيل وكينيا على توفير ملاذ لقوات الدعم السريع، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك بدعم تشكيل حكومة للمليشيات، مما يعني دعمها لتقسيم السودان وهذا يتعارض مع ميثاق الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة. وتتمتع السعودية وجنوب السودان بعلاقات وثيقة مع كلا الجانبين المتحاربين، وظلت هذه الدول حتى الآن محايدة في محاولة للوصول إلى تفاهم بين الطرفين.
إذا استمر العنف بالقرب من الحدود، فقد تُجَر بعض الدول المجاورة مثل إثيوبيا وإريتريا إلى النزاع. ومع ذلك، حافظت هذه الدول رسميًا على موقف الحياد حتى الآن. وإذا تم جر إثيوبيا وإريتريا إلى نزاع السودان لأسباب تتعلق بالحدود أو غيرها، فقد يتحول النزاع إلى حرب إقليمية. وقد حذر الخبراء من أن النزاع النشط قد يتسرب إلى الدول المجاورة مع إمكانية تطوره إلى نزاع إقليمي أوسع.
إن الموقف المحايد لإثيوبيا تجاه النزاع ينبع من رغبتها في عدم تصعيد النزاعات الدبلوماسية المستمرة بينها وبين مصر بسبب ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير، ونزاعها الحدودي مع السودان حول مثلث الفشقة الذي يضم أراضٍ زراعية خصبة. ورغم إعلان إثيوبيا رسميًا أنها ستظل محايدة، يعتقد بعض الخبراء أن هناك تحالفًا غير مباشر بينها وبين الإمارات نظرًا لعلاقاتهما الوثيقة.
الاستجابات الإقليمية والدولية ومحدوديتها
منذ بداية الحرب التي لا تزال مستمرة، أُطلقت عدة مسارات دبلوماسية تهدف إلى إنهاء هذا النزاع المدمر. وقد تركزت هذه الجهود بشكل أساسي على وقف إنساني فوري لإطلاق النار، لكنها لم تحقق سوى تقدم ضئيل حتى الآن.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة