في ردهات الفوضى السودانية المتفاقمة، حيث تتراقص اشباح الخراب على انقاض وطن مثخن بالجراح، يطل علينا صوت من (الحدث) ببيانات رنانة، تصريحات تقطر حماسة ظاهرية، وتفيض ادعاءات بالغيرة على الوطن، وعلى السلم العالمي برمته. إنه السيد محمد الامين ترك، رئيس المجلس الاعلى لنظارات البجا، يطلق تحذيراته النارية من حرب كونية وشيكة، ويرسم لوحة قاتمة لمستقبل تتهدده ممارسات غير مسؤولة. لكن مهلا، ألا تشبه هذه الصورة وجها اخر، وجها نعرفه جيدا، تلون بالخيانة واصطبع بصبغة العبث؟
دعني استوقفك هنا، يا (سيد السلام) المزعوم. ألا تذكر كيف كانت اياديك هي ذاتها التي اغلقت الشريان الحيوي للوطن، الطريق القومي، ذات يوم؟ يوم كانت فيه غايتك المعلنة اسقاط حكومة مدنية، لا تدعي العمالة ولا تحمل في طياتها مشاريع التخريب. يومها، ألم يكن فعلك هذا يهدد الامن القومي، لا بل الاقليمي، اكثر مما يهدده اي عدوان خارجي؟ ألم يتسبب ذلك في خنق اقتصادي مهلك، افقد البلاد انفاسها، وانت اليوم تتشدق بحماية المنشات الحيوية التي كنت بالامس تسعى لتدميرها بتعطيلك لكل سبل الحياة؟
ودعنا لاننسى ايضا، حينما كان ميناء بورتسودان، هذه الرئة التي تتنفس منها البلاد، يخضع لارادتك العابثة. اشهر طوال والميناء يعاني شللا شبه تام، تتوقف حركة التجارة، تتكدس البضائع، وتتصاعد اهات المحرومين. ألم يكن هذا استهدافا صريحا للبنى التحتية، واجهازا ممنهجا على مقدرات شعب يتطلع للحياة، وانت اليوم ترتدي ثوب المدافع عن الامن القومي والمصالح الحيوية؟ اي تناقض هذا، واي مسرحية هزلية تدور احداثها على مسرح المعاناة السودانية؟
ترى، ما الثمن الذي قبضته مقابل الاجندات التي قمت بتمريرها؟، وانت تفتح الابواب واسعة امام مشروع الانقلاب،و تضيق الخناق على حكومة وليدة الثورة، وتسهم في شيطنتها لتبدو فاشلة، تمهيدا لسقوطها؟ لقد اتقنت دورك في تلك المسرحية الدموية، وكنت عرابا لسيناريو الانقلاب الذي كان يبشر بالاستقرار، فاذا به ينتهي بحرب طاحنة تمزق الوطن. وبعد كل ما قدمته من خدمات، وبعد ان نزحت حكومة الامر الواقع الى بورتسودان، عاصمتكم الادارية التي تقع في مناطق نفوذكم وثقلكم، هل نلت من كعكة السلطة شيئا؟ هل جنى اتباعك غير الفتات، والقليل من اموال الشعب المكلوم، بينما كانت الامة باكملها تدفع ثمن حماقتكم حربا وخرابا وتهجيرا؟
يا ترك، لقد اصبحت مجرد (كرت) بال، استخدم في لعبة قذرة، ثم القي به في سلة مهملات التاريخ. صلاحيتك انتهت، ودورك المسرحي قد كشف زيفه امام الملا. ان تصريحاتك اليوم، ليست سوى محاولة يائسة لاعادة احياء رماد دور انتهى، بعد ان تكشفت حقيقة عمالتك وتخريبك. فمن يلعب بالنار، ليس له ان يلوم الا نفسه حين يلفحه لهيبها. والتاريخ، يا هذا، ليس بجبان ليرحم من باع وطنه ومقدراته، وقامر بمستقبل شعبه، من اجل اجندات مظلمة ومصالح ضيقة. ان صوتك اليوم، ليس سوى صدى لخيانة مدوية، وعبث مستميت، سيلعنه التاريخ، وسيحاسبك عليه شعب لن ينسى.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة