جاء في صحيح مسلم عن أبو مالك الأشعري: (.. والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ..الخ) فالصدقة هي البرهان علي إيمانك بالله وامتثالك لأوامره ونواهيه وأنك مستسلم لمنهج الله في صرف المال ▪¤▪¤▪ أخرج الطبراني عن أنس بن مالك: (إنّ أوّلَ ما يُحاسَبُ بهِ العبْدُ يومَ القيامةِ من عملِهِ صِلاتُه [بكسر الصاد)، فإِن صَلُحَت فقدْ أفلحَ وأنْجَح َ وإِنْ فَسَدَتْ فقدْ خَابَ وَخَسِرَ) وقد ذكرنا من قبل في مقالة: (تصحيف وتحريف في تشكيل المصحف الشريف (٢)) أن هناك تصحيف وخلط بين كلمتي الصلاة والصِلات [بكسر الصاد] >>> وتشكيل المصحف قضية معروفة، ويكفنا هنا أن نذكر أن المصحف في صدر الإسلام كان من غير تنقيط ولا تشكيل، ويوجد الآن مصحف عثمان بدار الوثائق بالقاهرة غير منقوط ولا مشكول وقد تم نسخه عام ٢٥ هجري. ومعروف أن الناس كانوا يعتمدون في حفظ القرآن وتناقل العلم والأدب
>>> عندما يتحدث القرآن عن المؤمنين ويذكر الصلاة تأتي بصيغة الجمع: (صلواتهم) كما في الآية ٩ من سورة 'المؤمنون': {وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَ ٰتِهِمۡ یُحَافِظُونَ} ونفس الآية متكررة في سورة المعارج: {وَٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صَلَوَ ٰتِهِمۡ یُحَافِظُونَ} فهنا لا يمكن أن تكون: "صلاتهم" بصيغة المفرد بينما كلمة "المؤمنون": جمع ولاحظ أن الحديث عن الصلاة يأتي متأخرا ففي سورة 'المؤمنون' وكذلك في 'المعارج' كان آخر صفة ذكرت للمؤمنين هي المحافظة على الصلوات أما الحديث عن (الصِلات) المالية فكان أول صفة ذكرت للمؤمنين في المؤمنون وفي المعارج: ●{الَّذِینَ هُمۡ فِی صِلَاتِهِمۡ خَـٰشِعُونَ} [المؤمنون: ٢] ● {ٱلَّذِینَ هُمۡ عَلَىٰ صِلَاتِهِمۡ دَائمُون} [المعارج: ٣٤] والخشوع في إعطاء الصِلات المقصود به أنهم في إنفاقهم علي المحتاجين يكونون متواضعين متذللين (خاشعون) فالخشوع هو رَمَى البصر نَحْوَ الأَرض وغَضَّه وخفَضَ الصَوْتَُ ، كما جاء في قواميس اللغة ، وهذا هو نفس معني آية المائدة: {َوَیُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمۡ رَ ٰكِعُونَ} وكذلك آية البقرة: {وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ} فلا يمكن هنا أن يكون المقصود بقوله: {واركعوا مع الرائعين} هو الصلاة لأنه ذكرها في بداية الآية: {واقيموا الصلاة} جاء في التفاسير : َ “المُرادُ مِنَ الأمْرِ بِالرُّكُوع ِ هو الأمْرَ بِالخُضُوعِ ؛ لِأنَّ الرُّكُوعَ والخُضُوعَ في اللُّغَةِ سَواءٌ، فَيَكُونُ نَهْيًا عَنِ الِاسْتِكْبارِ المَذْمُومِ وأمْرًا بِالتَّذَلُّل ِ كَما قالَ لِلْمُؤْمِنِينَ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهم ويُحِبُّونَهُ أذِلَّةٍ عَلى المُؤْمِنِينَ أعِزَّةٍ عَلى الكافِرِينَ} ▪¤▪¤▪ في سورة الماعون توعد الله الذين يمنعون الماعون بالويل: {ويل للمصلين} واعتبر صلواتهم مجرد رياء: {الذين هم يراءون}
وهناك معني مشابه في سورة العنكبوت: {وإِنَّ ٱلصَّلَوٰةَ تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَاۤءِ وَٱلۡمُنكَرِۗ} بمعني أن الصلاة تقود الشخص للسخاء وعدم البخل ف (الفحشاء) هنا بمعني البخل وهي كما في قوله: {ٱلشَّیۡطَـٰنُ یَعِدُكُمُ ٱلۡفَقۡر َ وَیَأۡمُرُكُم بِٱلۡفَحۡشَاۤءِۖ} وجاء في التفاسير: "أنَّ الفَحْشاءَ هي البُخْل ُ ﴿ويَأْمُرُكم بِالفَحْشاءِ﴾ أيْ: ويُغْرِيكم عَلى البُخْلِ إغْراءَ الآمِرِ لِلْمَأْمُورِ، والفاحِشُ عِنْدَ العَرَبِ البَخِيلُ، قالَ طَرَفَةُ:
▪¤▪¤▪ ولقد تحدثنا من قبل عن (الصلات الاسلامية) وقلنا أن هناك : صلة الرحم صلة المسكين صلة اليتيم صل ابن السبيل صلة السائل… كل هذه الصِلات هي عبارة عن حقوق مالية يُنال بها بر الله علي حسب ما في الآية : {لَن تَنَالُوا۟ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا۟ مِمَّا تُحِبُّونَۚ}. وقي آية اخري : {لَّیۡسَ ٱلۡبِرَّ أَن تُوَلُّوا۟ وُجُوهَكُم ۡ قِبَلَ ٱلۡمَشۡرِقِ وَٱلۡمَغۡرِبِ وَلَـٰكِنَّ ٱلۡبِرَّ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَٱلۡمَلَـٰۤئكَةِ وَٱلۡكِتَـٰبِ وَٱلنَّبِیِّـۧنَ وَءَاتَى ٱلۡمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِۦ ذَوِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینَ وَٱبۡنَ ٱلسَّبِیلِ وَٱلسَّاۤئلِینَ وَفِی ٱلرِّقَابِ}
جاء في صحيح البخاري عن أنس بن مالك أن أبو طَلْحَةَ كانَ أكْثَرَ الأنْصارِ بالمَدِينَةِ مالًا، وكانَ أحَبَّ أمْوالِهِ إلَيْهِ بَيْرُحاءَ، وكانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المَسْجِدِ، وكانَ رَسولُ اللَّهِ يَدْخُلُها ويَشْرَبُ مِن ماءٍ فِيها طَيِّبٍ، فَلَمّا نَزَلَتْ: ﴿لَنْ تَنالُوا البِرَّ حتّى تُنْفِقُوا ممّا تُحِبُّونَ﴾ [آل عمران: ٩٢] قامَ أبو طَلْحَةَ إلى رَسولِ اللَّهِ، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّ اللَّهَ تَعالى يقولُ في كِتابِهِ: ﴿لَنْ تَنالُوا البِرَّ حتّى تُنْفِقُوا ممّا تُحِبُّونَ﴾ وإنَّ أحَبَّ أمْوالِي إلَيَّ بَيْرُحاءَ، وإنَّها صَدَقَةٌ لِلَّهِ أرْجُو برَّها، وذُخْرَها عِنْدَ اللَّهِ، فَضَعْها يا رَسولَ اللَّهِ حَيْثُ شِئْتَ، فَقالَ: بَخٍ، ذلكَ مالٌ رائِحٌ، ذلكَ مالٌ رائِحٌ، قدْ سَمِعْتُ ما قُلْتَ فِيها، وأَرى أنْ تَجْعَلَها في الأقْرَبِينَ، قالَ: أفْعَلُ يا رَسولَ اللَّهِ، فَقَسَمَها أبو طَلْحَةَ في أقارِبِهِ وبَنِي عَمِّهِ. >>> هذه هي الصِلات الإسلامية الواجب وصلها بالمال والمساعدة المادية فلا بر الا بالإنفاق لا بر بالتوجه نحو قبلة المشرق او المغرب ولكن البر في تلك الصِلات التي أمر بها الإسلام. فإن اصعب العبادات هو إنفاق المال ولذلك هي اكثر الاعمال ثقلا في الميزان . ولذلك تجد في القرآن والسنة أن التقوي مرتبطة بالإنفاق: - (اتقوا النار ولو بشق تمرة) ووصية الرسول للنساء: - (تصدقن فإني اريتكن أكثر اهل النار) - {هدي للمتقين○ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون} - {وسيجنبها الاتقي. الذي يؤتي ماله يتزكي} والقرآن حكي عمن طلب أن يؤخر الله أجله: {لولا اخرتني إلي أجل قريب○ فاصدق..}. >>> والقرآن دائما ما يقرن بين الصلاة و الإنفاق – أو الإيمان والإنفاق: – {وَیُقِیمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ} -{وَٱلۡقَـٰنِتِینَ وَٱلۡمُنفِقِینَ} – {وَمَاذَا عَلَیۡهِم ۡ لَوۡ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِر ِ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقَهُمُ ٱللَّهُُۚ} – {وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُوا۟ مِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ سِرࣰّا وَعَلَانِیَةࣰ} -{وَٱلۡمُقِیمِی ٱلصَّلَوٰةِ وَمِمَّا رَزَقۡنَـٰهُمۡ یُنفِقُونَ} – {ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُوا۟ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِینَ فِیهِۖ} -{فَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ مَا ٱسۡتَطَعۡتُۡ وَٱسۡمَعُوا۟ وَأَطِیعُوا ۟ وَأَنفِقُوا۟ خَیۡرࣰا لِّأَنفُسِكُمۡۗ} – {وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰة وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰة َ وَٱرۡكَعُوا۟ مَعَ ٱلرَّ ٰكِعِینَ} – {وَقُولُوا۟ لِلنَّاسِ حُسۡنࣰا وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰة َ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ} -{وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰة َۚ وَمَا تُقَدِّمُوا۟ لِأَنفُسِكُم مِّنۡ خَیۡرࣲ تَجِدُوهُ عِندَ ٱللَّهِۗ} – {إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰة َ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰة َ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ} – {فَإِن تَابُوا۟ وَأَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰة َ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِی ٱلدِّینِۗ} – {ٱلَّذِینَ إِن مَّكَّنَّـٰهُمۡ فِی ٱلۡأَرۡضِ أَقَامُوا۟ ٱلصَّلَوٰة َ وَءَاتَوُا۟ ٱلزَّكَوٰةَ} – {فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَٱعۡتَصِمُوا۟ بِٱللَّهِ} – {فَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِیعُوا۟ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ} – {وَأَقِیمُوا۟ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُوا۟ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَقۡرِضُوا۟ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنࣰا}ۚ ▪¤▪¤▪ قد يسأل سائل: اذا كانت الصلات المالية هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة .. فماذا بشأن الفقراء الذين لا مال لهم ينفقونه في صلات المحتاجين؟! والإجابة علي ذلك: أن الفقراء يدخلون الجنة بغير حساب، فعن سعيد بن عامر عن رسولَ اللهُ: (يجيءُ فُقَراءُ المسلِمين يومَ القيامةِ يَزِفُّون كزَفِّ الحمامِ، فيقالُ لهم: قِفوا للحِسابِ، فيقولون: واللهِ ما تركنا شيئًا فتحاسِبونا عليه، فيقولُ اللهُ تعالى: صَدَق عبادي، أدخِلوهم الجنَّةَ بغيرِ حِسابٍ)
□■□■□■ نذكّر بالدعاء في كل حين علي الذين أخرجوا الناس من ديارهم وساموهم سوء العذاب فهو دعاء لا شك مستجاب
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة