نساءُنا خارج مرمى النيران: في نقد خطاب التشويه باسم المقاومة #

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 08-27-2025, 07:53 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-03-2025, 12:38 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 12211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نساءُنا خارج مرمى النيران: في نقد خطاب التشويه باسم المقاومة #

    12:38 PM May, 03 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    في مقاله الموسوم "قرناص: عار الدولة ولذّة الطاعة", انزلق الدكتور الوليد مادبو، وهو من أصحاب القلم القادر على المزاوجة بين التحليل السياسي واللغة الفلسفية، إلى منزلق خطير من حيث لا يدري؛ حين اتخذ من امرأة سودانية
    - أيًا كانت خلفيتها السياسية أو الوظيفية - رمزًا لكامل جهاز الدولة، وأداةً للاتهام الأخلاقي المُغلف ببلاغة تهكمية، تنضح بالرمزية الموحية، لكنها تفتقر إلى النزاهة المفهومية التي تميز بين نقد السلطة وتحقير الأفراد.

    لقد جرى في هذا المقال توظيف صورة المرأة كأداة لإدانة الدولة ومؤسساتها، عبر ربط وجودها في مواقع المسؤولية بإشارات لا تخفى دلالاتها الجندرية والأخلاقية، كأنما المرأة السودانية لا تُستحضر إلا بوصفها جسدًا أو مجالًا للامتياز الرمزي
    لا كفاعل مدني أو سياسي أو مهني. وهنا يكمن جوهر الخلل: إذ إن المقال لم يسقط فقط في فخ التشييء، بل استند إلى ذلك التشييء ذاته ليبني حجته السياسية، ضاربًا عرض الحائط بإحدى أعزّ القيم في الوجدان السوداني:
    حرمة نسائنا واحترام خصوصيتهن في القول والفعل والرمز.

    ما نراه هنا ليس نقدًا بنّاءً للدولة، بل إعادة إنتاج لصورة المرأة بوصفها أداةً في يد السلطة، أو رمزًا لفشلها، بلغة تتوسل التحليل الاجتماعي، لكنها تقع في محظور أخلاقي وثقافي لا يجوز التغاضي عنه.
    ففي ثقافة أهل السودان، وإن تعددت مشاربهم، ظلّت المرأة محل توقير، لا تُستباح سيرتها، ولا تُستغل صورتها، لا في المدح ولا في الذم، لا في الولاء ولا في الخصومة.

    والمفارقة المؤلمة أن هذا الخطاب الذي يدّعي الانحياز لقيم التحرر من البنية السلطوية، قد وقع في قلبها: إذ أسند للمرأة وظيفة رمزية، انتزع منها إنسانيتها، وحرّكها ككائن وظيفي في سرده، تمامًا كما تفعل الأنظمة التي يدينها الكاتب.
    ومتى كان تحرير المجتمعات يتم على جثة السُمعة الأخلاقية لامرأة، أياً كانت؟ أليس ذلك ضربًا من إعادة إنتاج السلطوية بوجه معكوس؟

    إن الممارسة الفكرية الجادة، خاصة حين تنزع إلى النقد، لا بد أن تُحكّم معيار العدالة، لا أن تنزلق إلى التعميم أو الترميز الموحش.
    النقد ليس مسرحًا تُلقى فيه التهم بمجازات متخمة بالإيحاء، بل هو مقام التفكيك والتعرية الحصيفة، التي تُفصل القول وتردّ الأمور إلى أصولها. والمرأة ليست وسيلة في هذا السياق، بل إن استدعاءها في غير موضع الفعل والمسؤولية المباشرة
    يُعد خيانة مضاعفة للعدالة والضمير، وخرقًا للستر الذي يُعد في ثقافتنا مبدأً لا تكتيكًا.

    كما أن تحويل العلاقة الزوجية إلى "أمر عمليات" كما ورد في المقال، ليس فقط تشويهًا لحياة أفراد، بل تطبيع ضمني مع خطاب النيل من المرأة كلما بدت طرفًا في منظومة السلطة أو ذُكر اسمها في جهاز الدولة.
    هذا التصور يستبطن نزعة طهرانية تميز الذكر وتُدين الأنثى، وتُحمّلها رمزيًا مسؤولية الانهيار الأخلاقي، وهي ممارسة تتناقض جوهريًا مع أي خطاب يدّعي الانحياز للعدالة والوعي التاريخي.

    إننا في لحظة تاريخية فارقة، تتطلب من المثقف أن يكون منارةً لا مرآةً للهوى السياسي، وأن يسمو بلغته عن التورط في أشكال جديدة من التسلّط الرمزي.
    وإن المرأة السودانية، بما تمثله من عمق ثقافي وامتداد اجتماعي، يجب أن تكون خارج مرمى النيران، سواء أكانت تلك النيران صادرة من فوهات البنادق أم من أقلام المفكرين.

    ليس من الشرف في شيء أن تُختزل الكرامة النسوية في صراع رمزي مع الدولة، ولا أن تُحشر في قوالب الإدانة بوصفها تجسيدًا للفشل، أو امتدادًا للفساد.
    بل إن النضال الحقيقي يبدأ من احترام الأفراد، نساءً ورجالاً، وتحرير اللغة من التواطؤ مع التنميط والاستسهال.

    في الختام، نحتاج في هذا الزمن المضطرب إلى أخلاقيات مقاومة قبل أن نحتاج إلى بلاغات هجائية.
    والنقد الجادّ لا يُشهر بالنساء، بل يُقيم الحجة على النظام، ويصون القيم لا يعيد تفكيكها. ولعلّ من حسن الخاتمة أن نذكّر أنفسنا بما كان أهل السودان يتواصون به في الملمات: "لا تُمسّ امرأة لا بقول ولا بفعل." فهل نعي هذا الميثاق، أم أننا نُبدده باسم الجرأة والبلاغة؟























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de