غمرني الاندهاش وأنا أتابع حديث رئيس المجلس السيادي في مؤتمر الخدمة المدنية، وحديث آخر للكمرد مالك عقار. تحدث الأول عن المحسوبية والفساد في الخدمة المدنية وضرورة مراجعتها، بينما تناول الثاني منظومة الفساد في الوزارات، مشيرًا إلى وجود جهات تعمل كأجسام موازية للوزارات بهدف إيجاد فرص للذين يشاغبون.
لقد أكد المتحدثون أن عملية الإصلاح يجب أن تبدأ من أعلى المستويات إلى أدناها. هذا كلام جيد وجميل، ولكن الاندهاش يكمن في أنهم يتحدثون عن خلل في الدولة وهم يمتلكون أدوات الإصلاح، عبر اتخاذ قرارات سيادية تعيد للدولة هيبتها أو مكانتها الطبيعية. الأمر يحتاج إلى شجاعة وإرادة حقيقية لاتخاذ قرارات فاعلة، بدلًا من الحديث عنها في الهواء الطلق.
أولى خطوات الإصلاح تبدأ باختيار رئيس وزراء يتمتع بالكفاءة والنزاهة ليقوم بتشكيل حكومة كفاءات وطنية، من الضروري أيضًا تفريع أعضاء المجلس السيادي إلى مهام سيادية محددة، دون تدخلهم في الشأن الوزاري. إن الإشراف على الوزارات بحد ذاته يعد فسادًا ويؤدي إلى حدوث خلل عميق في هياكل الدولة، حيث يعني ذلك ازدواجية القرار والمسؤولية.
سيدي الرئيس، نحن بحاجة إلى اتخاذ قرارات صارمة وشجاعة، وتحويل الحكومة إلى حكومة إلكترونية تضمن الشفافية والكفاءة. يجب أن نعمل على إحداث مواطنة بلا تمييز وفصل السلطات لمنع التسلط والدكتاتورية. إن الإصلاح الحقيقي يتطلب رؤية واضحة وإرادة قوية للتغيير، وليس مجرد كلمات تُلقى في مؤتمرات. لنبدأ العمل الآن، لنستعيد ثقة الشعب ونحقق التنمية المستدامة التي ينشدها الجميع.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة