الحياة فرص و سوانح ، السعيد من يستغل تلكم المناسبات و الفرص لصالح نفسه و مجتمعه و الإنسانية جمعاء ، و تأتي قيادة الأمم و المؤسسات المؤثرة في قمة تلك الفرص ، فمن البشر من تأتيه فرصته في القيادة ، فيبدع و ينجز في زمن بسيط ما عجز عنه أسلافه في أزمان متطاولة ؛ أولئك هم من يمتلكون موهبة القيادة ، أما غيرهم ، فيمرون ، مرور اللئام ، يتخبطون ذات اليمين و ذات الشمال ، كما يفعل الطالب في الإمتحان الذي باغته دون تجهيز و إعداد كافي للمادة ، و السبب يعود لإفتقارهم للموهبة و مساعدة الأقدمية و التراتيبية لهم للوصول للمنصب القيادي ، فلا غرو في أن يكون البون جد شاسع و واسع بين القادة في ميزان الأثر و الفاعلية . سيرة الإنبياء و المرسلين ، توحي لنا بالإرتباط الوثيق بين رجل الدين و رجل الدولة ، كما في سير : موسى و داؤود ، و سليمان ، و محمد عليهم السلام ، فلا بد لرجل الدين أن يساهم في الإصلاح في مجتمعه بقدر المستطاع ، و ألا يقف كمتفرج تاركاً بالكلية الإصلاح لرجل الدولة ، و مبدأ النظام العلماني القائل بفصل الدين عن الدولة ، لا يجب أن يعني ، منع الدعاة من الإصلاح الاجتماعي ، لأن محاربة الفساد في المجتمعات هي مسؤولية جميع أفراد المجتمع بغض النظر عن إنتماءاتهم العقائدية ، فالمبدأ أفهم منه ، منع هيمنة ديانة واحدة على حساب الديانات الأخرى ، وهو مستساغ في الوقت الراهن ، حيث يستحيل غلبة دين معين بقية الأديان من ناحية عسكرية ، حيث توزعت القوة النووية ، بين كافة الأديان ، الإسلام ، المسيحية ، المجوسية ، اليهودية ، فإذا تعذر ذلك ، فإن العلمانية صارت الخيار المتاح أمام الجميع في الوقت الراهن ، و بعد خروج البشرية من ربقة عهد الثورة الصناعية ، و رجوعها للعهد الأصلي البدائي ، عهد السيوف و الرماح و الخيل و الحمير ، فيمكن الرجوع لمفاهيم الهيمنة و سيطرة الأقوى عسكرياً لمن له الغلبة ، فالعهد الذي فيه نحن الآن هو طفرة لفترة محددة ، و لكن البشرية ستعود في القرون القادمة للعهد القديم ، فالرب في عهد الطفرة يريد إيصال رسائل معينة للبشرية حيث ، يفتح أمامهم ، فرص التعمق في أسباب الرفاه ، حتى يصلوا لمراحل متقدمة جداً ، و بعد دخول الجنان ، يقارنوا ما كان حصلوا عليه في الدنيا ، بما وجدوه من تقانة ربانية في جنات الخلد ، فيعرفون الفرق بين علم الإنسان ، و علم الخالق عز وجل فيزدادوا يقيناً و إيماناً . يمثل البابا فرانسيس ، بابا الفاتيكان ، الذي إنتقل إلي جوار ربه في يوم الإثنين ٢١/٤/٢٠٢٥ ، واحد من القادة الأفذاذ ، الذين شغلوا منصب البابوية في الفترات الماضية ، و أثبت جديته في السلام العالمي في أكثر من مناسبة ، و لم يقف تقدمه في السن ، و تمكن بعض الأمراض من جسمه في تقليل رسالته في الحياة ، وهو موقف نادر من رجل نادر ، حيث يحرص الناس في أواخر أعمارهم للخلود للراحة ، و لكن همة الرجل العالية أبت إلا أن تكون راحته في إيصال رسائله للمجتمعات البشرية ، لذا دخل قلوب الشعوب التي تكبد المشاق في زياراتهم ، فالزيارة تترك أثراً سلبياً على جسده الضعيف الواهن و أثرا إيجابياً عميقاً في صدور الشعوب المكلومة سياسياً و إقتصاديا و إجتماعيا ، فله الرحمة ، و العزاء والمواساة ممتدة لأسرته الصغيرة و أقاربه ، في أن يجتهدوا في رفد المجتمع البشري بمثل فرانسيس في المرات القادمة . E_M: [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة