يا للعار أن يُهاجَمُ منبرٌ وطنيٌ خدم الإعلام السوداني وصانحٌ للحوار الرصين، كما حُرِمَت “السودانية 24” من أحقية أن تُناقش هموم الوطن بحيادية! منَ العارِ أن يُعتبرُ استضافةُ أستاذٍ مثل محمد سيد أحمد الجاكومي، والأديب ماهر أبوالجوخ، “جريمةً” تستوجبُ التهديد والتشهير، لأنهما – وحدهما – يجرآن على طرح الأسئلة التي يخشى البعض الإجابةَ عليها.
قناة “السودانية 24” لم تكن يومًا منبراً للأجندات الخارجية، بل كانت صوتَ سودانيين وطنيين مؤمنين بقدرة الداخل على الإصلاح قبل أن يستميت البعض في استجداء المنابر الخارجية. لقد واجهت القناةُ قرارَ إيقاف فريق “دائرة الحدث” في ديسمبر الماضي، بصبرٍ واحتضانٍ لملاحظاتٍ موضوعيةٍ قابلةٍ للنقد والمراجعة، وليس بالاستكانة لسياسةِ تكميم الأفواه وهدرِ حرية التعبير.
أن تهديد القناة بسبب حلقةٍ ناقشت “فشل تدخلات الخارج وقصور مبادرات الداخل” ليس إلا دليلًا على أن هناك في السودان من يخططُ لـ”إعلامٍ باسم الديمقراطية” ما هو إلا ذريعةٌ لقمعِ الأصوات المستقلة، وإفراغ الخطاب الوطني من محتواه. أليس من حقنا – كمواطنين – أن نستمعَ إلى تحليلٍ موضوعيٍّ على شاشةٍ وطنيةٍ، دون أن نخضعَ لابتزازٍ يزعمُ أن الضيوف “مطلوبون” لدى السلطات؟!
نُحذِّرُ من هذه الحملات المُسمَّمة التي تهدفُ إلى ترويع الصحفيين وإسكاتِهم في الداخل والخارج، بينما يُفترضُ أن تحمي الدولةُ الإعلامَ الوطنيَّ وتُعلي من شأنه، لا أن تُطاردَه بحججٍ واهية تُنذرُ بمأزقٍ خطيرٍ في حرية الصحافة. هل نسينا دماءَ من ارتقوا في ساحات التغيير، وسهر الليالي من أجل حق الشعب في إعلامٍ حُر؟ أم سنظل نُحقِّرُ الإعلامَ الوطنيَّ مطيةً للسلطة ومصالحِها الضيقة؟
إن “السودانية 24” وأهلَها من صحفيين ومحللين ونُخَبٍ وطنيةٍ يستحقون الوقوفَ إلى جانبهم، وليس مهاجمتهم بزعم “خيانة الأمن القومي”. فنحن هنا أمام معركةٍ كبرى: معركةُ الحفاظ على منبرٍ وطنيٍّ حرٍّ، قادرٍ على صناعةِ القرار وتنوير الرأي العام، لا أن يُسجَّنَ أو يُرهبَ؛ معركةٌ يدفع فيها الصحفيُّ حياته ثمنًا للحقيقة.
نُطالبُ الجهات المعنيةَ بوقفِ هذه الحملات الظالمة فورًا، وبحمايةِ “السودانية 24” وفريق “دائرة الحدث” من أي مساسٍ أو مضايقةٍ، وفتحِ أبواب الحوار مجددًا على ركائز الشفافية والاحترام المتبادل. وإلى كل صحفيٍ شريفٍ: واصل واجبك المقدس في نقلِ الحقيقة مهما كانت التحديات، فالأوطانُ تُبنى بأقلامٍ صادقةٍ قبل أن تُحكمَ بالحديد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة