‎بين تفكيك المليشيا وإعادة تأهيل الجيش: حين تُصاغ الثورة بمعايير النخبة الفاشلة كتبه خالد كودي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 07:44 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-21-2025, 11:44 AM

خالد كودي
<aخالد كودي
تاريخ التسجيل: 01-01-2022
مجموع المشاركات: 97

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
‎بين تفكيك المليشيا وإعادة تأهيل الجيش: حين تُصاغ الثورة بمعايير النخبة الفاشلة كتبه خالد كودي

    11:44 AM April, 21 2025

    سودانيز اون لاين
    خالد كودي-USA
    مكتبتى
    رابط مختصر






    17/4/2025 ، بوسطن،

    منذ اندلاع ثورة ديسمبر، تتكرر على ألسنة كثير من قوى النخبة المركزية شعارات باتت تُقدَّم وكأنها الترجمة الوحيدة للثورة منها: "العسكر للثكنات"، "الجنجويد يتحل"، "يا عنصري ومغرور كل البلد دارفور"، "مدنية ديمقراطية"... لكن خلف هذا الهدير الأخلاقي الظاهر، تترسّخ مفارقة سياسية وأخلاقية حادة: فبينما يُطالب بتصفية الدعم السريع بوصفه "مليشيا ارتكبت جرائم"، يُطلب من الجيش — الذي أنشأ هذه المليشيا وموّلها ووفّر لها الغطاء السياسي والقانوني — فقط أن "يعود إلى الثكنات" ليصحح نفسه ويعيد ترتيبها، وكأن إجرامه طارئ، وليس بنيويًا..
    هذه الحجة التي تُسوّق كقناعة ثورية، تصدر — في جوهرها — عن نخب تقليدية متمركزة في الخرطوم وامتداداتها النيليّة، تحاول دومًا صياغة الثورة من موقعها، وبمعاييرها، ووفق تاريخها المحدود. وهي نخب كثيرًا ما تجاهلت أن ثورة ديسمبر لم تُصنع في الخرطوم وحدها، بل سبقتها، وتقاطعت معها، وتجاوزتها، ثورات الهامش السوداني، التي دفعت من الدم والتهجير والمحرقة ما لم تدفعه أي منطقة أخرى في السودان.

    إن نسيج الثورة السودانية ليس نسيجًا واحدًا. ليست هناك ثورة واحدة، ولا أهداف واحدة، ولا طريق موحد. هناك مساران:
    ١/ مسار إصلاحي مركزي، يسعى إلى استعادة "الدولة القديمة" بعد تجميلها، بإقصاء عناصر المليشيا وإعادة تأهيل الجيش ليعود إلى الحكم المقنّع من خلف الستار.
    ٢/ ومسار ثوري جذري، يتمثّل في "مشروع السودان الجديد"، الذي لا يسعى فقط إلى تغيير الوجوه، بل إلى هدم بنية الدولة القديمة وإعادة تأسيسها على مبادئ علمانية، ديمقراطية، لا مركزية، تحقّق المساواة الدستورية والمواطنة المتساوية للجميع، دون وصاية من النخب التقليدية.

    بين الجيش والجنجويد: من الذي صنع المليشيا؟
    من السذاجة — أو من الخداع المتعمّد — أن يتم تقديم الدعم السريع كجسم غريب عن الدولة، في حين أن هذا التكوين المسلح لم يكن إلا الامتداد العضوي لاستراتيجية الجيش السوداني ذاته، منذ تأسيس "قوات المراحيل"، و"حرس الحدود"، و"الدفاع الشعبي"، وصولًا إلى "الجنجويد"، ثم "الدعم السريع". لقد استخدم الجيش هذه المليشيات لتنفيذ المهام القذرة التي لا يريد أن يتحمّل مسؤوليتها القانونية أو الأخلاقية مباشرة.
    إن الحاضنة السياسية للدعم السريع كانت الدولة نفسها، بكل مؤسساتها العسكرية والبيروقراطية، بما في ذلك الأحزاب التي تسوّق اليوم شعارات "الجنجويد يتحل". فكيف لمن صنع الوحش أن يُعفى من المحاسبة، بينما يُطالب التابع وحده بالزوال؟
وهل من المنطقي أن يُطلب من المليشيا التي انشقت عن سيدها العسكري، وبدأت بمراجعة موقعها، أن تُحلّ فورًا، بينما يُترك الجيش، المتهم الأساسي في جرائم دارفور، الجنوب، جبال النوبة والفونج وكجبار، والخرطوم، ليعيد ترتيب صفوفه ويعود "إلى الثكنات" في انتظار دورة جديدة من الانقلابات؟

    الجيش السوداني: جهاز السيطرة العنصري لدولة المركز:
    إن النظر إلى الجيش كـ"مؤسسة قومية" تتعرّض للتشويه من قبل عناصر فاسدة، هو تبسيط مخلّ وتاريخياً غير دقيق. فالجيش السوداني، منذ الاستقلال، لم يكن جيشًا وطنيًا بالمعنى الحقيقي، بل كان الأداة المركزية التي حافظت بها الدولة على بنيتها العنصرية والطبقية. نفّذ هذا الجيش حروب إبادة، وأدار حملات تطهير عرقي، وشارك في انقلابات ضد الحكومات المدنية، وقمع الثورات، وأجهض كل محاولات بناء دولة ديمقراطية متوازنة.
    إن كثيرًا من مواطني السودان، خاصة من الهامش، لا يرون الجيش كقوة حامية للوطن، بل كمؤسسة عدائية، مجرمة، استعمار داخلي مسلح. وكما كتب المفكر الكيني نغوغي واثيونغو:
    "حين تُوجّه مؤسسات الدولة سلاحها نحو الهامش بدل أن تحميه، تصبح الدولة نفسها استعمارًا داخليًا، مهما كانت ملامح من يحكم".

    من يملك حق تعريف الثورة؟ بين العدالة التأسيسية ومغالطات الإصلاح النخبوي:
    الادعاء السائد بأن "الثورة" تتجسد حصريًا في شعارات نُخب الخرطوم وأجسام مثل "27 نوفمبر" — كـ "العسكر للثكنات"، و"الجنجويد يتحل"، و"المدنية خيار الشعب" — هو اختزال ضيق لحركة تاريخية أعقد، وأكثر عمقًا، وأبعد مدى. هذا الاختزال يُنصّب جماعات سياسية بعينها كحَكَم أخلاقي ومحتكر لتعريف الثورة، متجاهلًا أن هنالك ثورات أخرى — مستمرة منذ عقود في جبال النوبة، والنيل الأزرق، ودارفور، وأطراف السودان — لم تكتف بالمطالبة بالعدالة الانتقالية، بل طالبت بـ عدالة تأسيسية تُعيد تعريف السودان ذاته: شعبًا، وهوية، وبنية حكم.
    وفق هذا المنظور، لا تكون الثورة عودة الجيش إلى ثكناته فحسب، بل تفكيك الجيش ذاته بوصفه الذراع العسكري لبنية مركزية استعلائية، وهو ما عبّرت عنه الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال، وتحالف "تأسيس"، وميثاقهما السياسي والدستوري، حين طالبا لا بإصلاح مؤسسات القمع، بل بتفكيكها وبناء جيش قومي جديد، لا يُعاد إنتاجه كأداة هيمنة، بل كحاضن للمواطنة المتساوية.

    حجة "التجاوزات الفردية" ودحضها بالوثائق والممارسة:
    حين تُقدَّم جرائم الدعم السريع كدليل قاطع على عدم قابليته لإعادة التأهيل، يُغفل هذا الخطاب — عن قصد أو جهل — أن هذه الجرائم نفسها ليست حكرًا على هذه القوة، بل هي امتداد لسلوك الدولة السودانية منذ الاستقلال. إن الجيش الذي أسّس، وسلّح، وموّل، وشرعن، وغطّى على وجود الدعم السريع هو نفسه الذي:
    ١/ قصف القرى في جبال النوبة بالطائرات؛
    ٢/ ارتكب المجازر في دارفور والجنوب؛
    ٣/ تولّى تنفيذ انقلابين في أقل من أربع سنوات؛
    ٤/ وسَنّ، عبر "تعديلات الوثيقة الدستورية" بقيادة البرهان، بنية دولة بوليسية قاطعة الطريق على أي تحول مدني أو سلام شامل أو حتى إعادة توزيع للثروة والسلطة.
    كيف يمكن، إذًا، قبول مبدأ "عودة الجيش بعد الإصلاح"، ورفض فكرة إعادة تأهيل عناصر من الدعم السريع — لا جميعهم — إن اختاروا الانخراط في مشروع السودان الجديد، وتبنوا مبادئه؟
إن أخطر ما في هذا الخطاب، ليس فقط ما يُقصيه، بل ما يُبرّئه. فبدل أن يُساءل الجيش كمؤسسة بنيوية قمعية، يتم اختزاله إلى ضحية اختطاف من قبل المليشيات، بينما هو — بحكم الوثائق والتاريخ — من أنتج المليشيا ومنهجها.

    فلسفيًا: الثورة ليست تصحيحًا للمسار، بل خلخلة للبنية:
    كما يقول الفيلسوف السياسي جاك رانسيير، فإن الثورة لا تعني مجرد إعادة ترتيب التوازنات، بل "إعادة توزيع الحسّ المشترك" — أي من يحق له أن يتكلم، ومن يملك تعريف العدالة، ومن يُحتسب كفاعل سياسي أصيل.
    بهذا المعنى، لا تكون الثورة في السودان مجرد إسقاط للرأس، بل تعرية للجسد السياسي ذاته، بما في ذلك جهازه العسكري، ومفهومه للسيادة، وهويته المركزية النيلية، وأخلاقه الطبقية، ومفاهيمه عن المواطنة مشروع السودان الجديد — الذي يتبنّى.

    ميثاق "تأسيس" ودستور الحركة الشعبية — لا يقف عند حدود شعارات "مدنية ديمقراطية" سطحية، بل يذهب أبعد نحو:
    - بناء دولة علمانية تفصل الدين عن السيادة والقانون؛
    - تبنّي لا مركزية سياسية واقتصادية؛
    - ضمان الحق في تقرير المصير للمجموعات التي تعرضت للاضطهاد المنهجي؛
    - وتفكيك كل المنظومات الأمنية والعسكرية التي تشكلت خارج قاعدة المواطنة المتساوية
    وقد عبّر القائد عبد العزيز الحلو عن هذا بوضوح حين قال:
    "لا يمكن بناء سودان جديد بجيش قديم، ولا يمكن تحقيق العدالة بدولة تأسست على الظلم العرقي والديني"
    الاختبار الحقيقي: من يُعاد تأهيله، ومن يُباد رمزيًا؟
    إن العدالة لا تكون عادلة حين تُمارس بشكل انتقائي. فإذا كان الدعم السريع، بجرائمه، لا يستحق سوى الحلحلة الكاملة، فهل الجيش — المتهم بجرائم ممنهجة منذ 1956 — يستحق إعادة التأهيل؟
وإذا كان من الممكن فتح باب العدالة الانتقالية والمحاسبة والإدماج لمن لم تتلطخ أيديهم بدماء المدنيين في الدعم السريع، فلماذا يُفتح الباب على مصراعيه داخل الجيش؟
    هل لأن هذا الأخير يُمثل رمزًا مألوفًا للنخبة؟ أم لأن استهدافه يعني إعادة النظر في الأساس البنيوي للدولة المركزية التي ما تزال تُعرّف السودان من خلال المركز لا الهامش؟

    اخيرا: الثورة ليست احتكارًا طبقيًا ولا سردية مغلقة:
    الثورة، في جوهرها، ليست تكرارًا لما تريده نخبة المدينة، بل استجابة لتاريخ طويل من الظلم البنيوي والعنف الرمزي والسياسي. ولذلك، فالسؤال الحقيقي ليس: "من رفع الشعار الصحيح؟"، بل: "من طالب بتغيير الدولة من الجذور؟"
    من يؤمن فعلاً بالعدالة لا يُسوّي بين الجلاد والضحية، لكنه أيضًا لا يبرّئ الجلاد الأكبر لأن ملامحه مألوفة ولهجته مقبولة. الثورة هي لحظة عدالة، لا لحظة انتقاء.
    كما كتب تشي جيفارا:
    ."الثورة ليست تفريغًا للغضب، بل بناء جديد على أنقاض البنية القديمة"
    وفي السودان، البنية القديمة تبدأ من الجيش، وتنتهي عند من يزعمون الحديث باسم "الثورة"، بينما يعيدون إنتاج كل شيء… سوى الحق.

    إن جوهر الثورة ليس في من رفع الشعارات الأجمل، بل في من يسعى لهدم البنية الأكثر عنفًا. والجيش السوداني، ببنيته الحالية، هو بنية العنف الأكثر رسوخًا. وما لم يتم تفكيكه، فكل حديث عن الثورة، أو مدنية الدولة، أو السلام، سيكون إعادة ترتيب لمشاهد الخراب القديم.
    كما قال أنطونيو غرامشي:
    ."الثورة الحقيقية لا تعني فقط تغيير من في الحكم، بل تغيير من يكتب التاريخ، ومن يملك تعريف معنى الوطن"

    النضال مستمر والنصر اكيد.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de