مؤتمر لندن والسودان: قراءة تفكيكية في رمزية التمرد وسردية الرفض

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 08:11 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-16-2025, 06:55 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مؤتمر لندن والسودان: قراءة تفكيكية في رمزية التمرد وسردية الرفض

    06:55 PM April, 16 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    لم يكن مؤتمر لندن حول السودان مجرّد فعالية دبلوماسية تُنظم بحكم العادة، بل ظهر كعلامة فارقة تُعيد مساءلة المنظور الدولي تجاه حربٍ تُنهك البلاد وتُعيد تركيب المجتمع والدولة بعنف. تتجاوز دلالاته البيان الختامي والإجراءات المعلنة لتلامس جوهر الأزمة: كيف يُعاد تشكيل السودان، ومن يملك حق الحديث باسمه؟

    انحرف المؤتمر بوعي عن منطق المفاوضات الكلاسيكية الذي يحتفي بالأطراف المسلحة باعتبارهم وكلاء الحل. هذا الانزياح – بإزاحة الجنرالات من مركز الطاولة وتقديم المدنيين كمخاطَبين – يُمكن قراءته بوصفه فعلاً أخلاقيًا بقدر ما هو موقف سياسي، يُقرّ بفشل أدوات النظام الدولي ويُعلن الحاجة إلى هندسة جديدة لمداخل الحل. البيان المشترك، على الرغم من محدوديته، لم يطرح حلولاً بقدر ما طرح سؤالاً مؤرقًا: ماذا يعني الصمت في مواجهة الحرب؟ كان أقرب إلى مرآة تُواجه بها الدول نفسها قبل أن تُخاطب الأطراف السودانية.

    النص الذي يُحلل المؤتمر يُدين بجرأة الاصطفافات الداخلية، لا سيما القوى المدنية التي استبطنت خطاب الدولة الأمنية، وتماهت مع فكرة "الأولوية للجيش" كشرط لبناء الدولة. في المقابل، لا يتوانى عن فضح استراتيجيات النظام القديم – الكيزان – الذين يتقنون فن الظهور كأوصياء على الوطنية بينما يُراكمون أسباب الفوضى. الأكثر خطورة هو تعرية المشهد الإقليمي: فشل مصر والسعودية والإمارات في التوافق داخل المؤتمر ليس خلافًا في وجهات نظر، بل تعبير صريح عن تورط بنيوي في استمرار الحرب. ما يُعرض كعجز دبلوماسي هو في جوهره تواطؤ مع منطق الانهيار.

    يحاول المؤتمر – وفق التحليل – استعادة المعنى من ركام الدم. ليس عبر وعود كبرى، بل من خلال فرض خطاب جديد يُعيد الاعتراف بالضحايا، لا كمادة إعلامية، بل كقضية سياسية أخلاقية. ما طُرح من دعم مالي، وإن بدا هزيلاً أمام حجم الكارثة، كان بمثابة إزاحة للصمت الدولي، وتمرد ضمني على تقاليد التحفظ الدبلوماسي الذي يساوي بين القاتل والضحية. التمرد الرمزي هنا لا يتجسد فقط في شكل المؤتمر، بل في اللغة التي استخدمها، والتي تجرأت على تفكيك خطابات السيادة والسلام كما تُروجها القوى المتحاربة: سيادة البرهان فوق الجثث، وسلام حميدتي وسط المجازر.

    ردود الفعل على المؤتمر كشفت هشاشة الخطاب الوطني المسيطر. الاتهامات بالعمالة والتبعية للغرب لم تكن سوى إعادة إنتاج لآلية الشيطنة التي تستهدف أي صوت يخرج عن نسق العسكرة. الهجوم على المؤتمر يعكس عمق الاستقطاب، لا بين الأطراف المتحاربة، بل داخل البنية المدنية نفسها، حيث يُستخدم الشباب كوقود في حرب الرموز والتمثيلات. ما يسميه النص لعبة المرايا هو تفكيك بالغ الدقة لديناميكية الغضب: كيف يتم الاستحواذ على الاحتجاج المشروع، وتوجيهه ضد كل محاولة للخروج من دائرة العنف، ليُعاد إنتاج القهر ذاته بلغة وطنية زائفة.

    أهم ما يُميز التحليل هو إدراكه لحدود الرمزية، دون السقوط في اليأس. نعم، المؤتمر لا يكفي، لكنه يفتح نافذة في جدار الصمت. ليس بصفته حدثًا فاصلًا، بل كمحاولة لترسيخ لغة جديدة تُعيد السودان إلى مركز الاهتمام الإنساني لا بوصفه ملفًا أمنيًا، بل كقضية تستدعي رؤية للتحول. السؤال الذي يختم به النص لا يخاطب المجتمع الدولي فحسب، بل الشعب السوداني نفسه: هل سنظل نُعيد إنتاج أدوارنا كمرآة لصراعات الآخرين، أم نملك الجرأة على اختراع مسار جديد يُقصي العسكر والميليشيات من صياغة المصير؟

    في نهاية المطاف، لا يدور الصراع فقط حول الأرض والسلاح والسلطة، بل حول اللغة ذاتها. مؤتمر لندن، في رمزيته، يُجسد محاولة لانتزاع اللغة من فم العسكر، وإعادتها إلى الناس. لكنها معركة لم تُحسم بعد. وحده الفعل المدني الجريء، المقرون بخطاب واعٍ ومتماسك، يمكنه تحويل هذا التمرد الرمزي إلى نقطة انطلاق لمسار إنقاذ حقيقي.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de