في زمن تئن فيه الأرض من وطأة النزاعات وتضيع فيه آمال الشعوب، يبرز نداء قيادي صادق يأسس على رؤية تنم عن القوة المدنية الحقيقية، تلك القوة التي لا تقبل بسذاجة الحلول العسكرية الجافة، بل تتعالى بصوتها لتحيي روح الحرية والكرامة. لقد طرح عبد الله حمدوك، برؤية أدبية سامية وحكمة نابعة من واقع مؤلم، أن الحل ليس بالسلاح ولا بالغلبة العسكرية، بل في إحياء روح العمل المدني المتماسك الذي ينهي تلك المناوشات التي لا تؤدي إلى تحقيق واقع جديد. صوت العقل فوق ضجيج السجال كم من سجالٍ انصرف عن بنائه، وكم من نقاشٍ بقي في مرج الخداع دون أن ينبثق منه فجر جديد يحمل الوعد بالسلام؟ إن القوة المدنية الحقيقية هي العقل الراجح الذي يقف حائلاً أمام كل محاولة لتشويهها بلمسات الضعف واستغلال النزاعات بما لا يُرضي مصلحة الوطن. أنت الرأس الذي يرفض الجسد المخنث بالجراح، فلا مكان هنا للكلام الفارغ والصيحات المرهقة التي تعكس فقط هموم العار والكلل. الحكماء يتحدون صخب الخلافات إن الرؤية التي طرحها حمدوك تعبّر عن موقف لا يتسامح مع السجالات التي تخدش أواصر الوحدة وتسرق من الحياة جوهرها. القوة المدنية تتجسد في القدرة على تجاوز الجدل العقيم والتحول إلى فعل بنّاء يرتكز على الحوار الراقي والاتفاق على مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. فهي بذلك تنسج أوتارها من خيوط العقلانية، وتبني قصورًا من الأمل والحلم الذي يقف شامخًا في وجه العواصف. التوجه إلى سلم جديد من السلام ليست هناك قوة تجاريء على نسيان الماضي إلا إذا استطاعت أن ترتقي إلى قيمة القيّم المدنية التي تحررها من قيود الفكر الضيق والنقاشات العقيمة. إن السلام الحقيقي لا يكون برتوشيفات سياسية قشرية، بل بخلق واقع جديد يقوده مواطنون استيقظوا من سباتهم السياسي، مؤمنين بأن الحياة تستحق أن تكتب بأحرف من نور على صفحة المستقبل. وفي هذا السياق، يجب علينا أن نتخلى عن الخلافات التي تبعث الدمار والبطالة في صرح الوطن، لنخطو خطى ثابتة نحو صناعة واقع يستند إلى الوحدة والعدالة والحرية.
رسالة إلى العقول الثاقبة والقادة المدنيين لكل من يستصغي لصدى هذه الكلمات، دعونا نرتقِ بفكرنا إلى ما لا يُضاهى من حكمة في صناعة السلام، ولنبنِ مسيرة صلبة تنير دروب المستقبل. إن قوة الأمة لا تُقاس بجدارتها العسكرية بل بعمق إيمانها بقيمها الإنسانية، ورحابة صدرها لمستقبل مشرق يخلو من شظايا النزاعات. أنتم، أيها القادة المدنيون، أنتم الرؤوس التي لا تقبل أن يُخلفها التاريخ إلى الوراء، بل تسعى بكل عزم نحو غدٍ تشرق فيه شمس الحرية وتنحني فيه الظلمات أمام نور العدالة.
في هذا السياق، يبقى السؤال قائماً: لماذا كثُر السجال دون تحقيق واقع يحوي آمال الشعوب؟ الإجابة واضحة: إنّ من يتشبث بالنقاش العقيم ويبقي صرخات الانقسام على مسامعه، يرفض بكل حزم وجلال أن تكون قصته هي قصيدة الوحدة والعمل. أنت الرأس الذي يرفض الجسد المخنث بالجراح، فلا مزيد من التهاون مع الفوضى والانقسامات. فليكن صوت حمدوك النابض رسالة لكل من يسعى للسلام الحقيقي، رسالة تحث على تجاوز الألم والتفرقة، وإعادة بناء الوطن بيدٍ من أحدى أيدي العمل المدني الراقي، الذي يستمد قوته من إرادة الشعب ووعده بمستقبل خالٍ من النزاعات والدمار.
إنها دعوة صادقة لإحياء الأمل، لبسط أجنحة الوحدة فوق أرضٍ عانت طويلاً من عنف النزاعات، لتكتب الأمم حكاية مجد ترتكز على العقل والجسارة المدنية التي لا تعرف المستحيل.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير ابو الزهراء
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست