تخيل معايا سعادة الوزير، قاعد في مكتبه الفخم، محاط بكمية ورق مهولة مكتوب عليها "جدول الأعمال". كل يوم يطلع علينا بتصريحات مدوية عن خططه الجهنمية لتطوير الإعلام، ومشاريع بالجملة هتخلي الدنيا منورة. نسمع ونقول "يا سلام!"، وفي الآخر؟ ولا الهوا! يعني ممكن تلاقي بند في الجدول عن "تطوير المحتوى الرقمي" وينتهي الموضوع بتغيير صورة البروفايل في صفحة الوزارة! حاجة كده زي اللي بيحفر البحر بإبرة. وسط هالزحمة دي، بدأت تظهر أصوات كده من جوه "بيت الإعلام" نفسه. فيه ناس بدأت تتنحنح وتقول "يا جماعة الخير، مش ملاحظين إننا ماشيين بالعكس؟". وطبعًا، سعادة الوزير عامل ودن من طين وودن من عجين. لحد ما ظهر العملاق "خوجلي". ده بقى شخصية ما بتخاف من التخين، وعنده أساليبه الخاصة في "إدارة النقاشات الداخلية". معروف عنه إنه لما يمسك في حد، يا يخليه يستقيل يا يوديه ورا الشمس. والخوجلي ده ما عندوش مشكلة يستخدم أي سلاح، أي حاجة توصل للهدف، حتى لو كانت شوية "بهارات" زيادة في الكلام. فجأة، صوت الخوجلي يعلى ويطالب الوزير بالاستقالة! يا خبر أبيض! دي مشكلة كبيرة، والخوجلي لما يقول كلمة، لازم تتنفذ، والوزير عارف كده كويس. الوزير حس إن الكرسي بدأ يهتز من تحته، وإن المعركة دي لو خسرها، هتبقى نهايته في عالم "المنظرة" الإعلامية. فبدأ يدور على أي حاجة تانية يشغل بيها الناس، أي حاجة تخلي الأضواء متسلطة عليه تاني. وهنا لمعت في دماغه فكرة "الموسم المسرحي المسيلمي". تخيل معايا الاسم! مسرحيات كلها هدفها "تثبيت الاكاذيب" و"طمس العقول" بطريقة... خلينا نقول... "مختلفة شوية". أول مسرحية قرر يفتتح بيها الموسم كانت بعنوان "رجم حمدان". طبعًا الاسم لوحده كفيل يجيب كام ألف متفرج "متحمس". بس الوزير ما اكتفاش بأنه يقص الشريط ويقول كلمتين والسلام. لا! ده قرر يشارك بنفسه في التمثيل! تخيل وزير الإعلام واقف على خشبة المسرح وبيقول حوارات "وطنية" بحماس مصطنع! قمة الكوميديا! الجمهور طبعًا نص اللي بيضحك على المسرحية، والنص التاني بيضحك على الوزير اللي فاكر نفسه "لورانس العرب" . والأيام بتمر، والوزير ماشي بمبدأ "يوم ليك ويوم عليك". بكرة الصبح عنده جولة تفقدية على وحدات الوزارة، وهيقيم مؤتمر صحفي "ناري" عن آخر تطورات ملف التطبيع. هيقعد يتكلم بمنتهى الثقة عن الإنجازات والخطط المستقبلية، وكأن كل حاجة ماشية زي الفل. وبعد ما يخلص المؤتمر، يرجع تاني بالليل على المسرح، عنده بروفة لمسرحية جديدة في موسم "حرب الكراهية" بين "فريق حمدان" و"فريق برهان". وكل مسرحية فيها كمية من "الحقائق" و"وجهات النظر" المتضاربة اللي تخلي المتفرج يطلع من المسرح وهو مش فاهم أي حاجة غير إنه ضيع ساعتين من عمره. الخلاصة من كل ده إن وزير الإعلام ده عامل زي الببغاء" بالظبط. صوته عالي وكلامه كتير، بس على أرض الواقع مفيش أي إنجاز حقيقي. وكل اللي بيعمله ده شو إعلامي كبير عشان يهرب من المشاكل الحقيقية اللي الوزارة غرقانة فيها. والمسرحيات دي كلها ما هي إلا محاولة يائسة عشان يرجع الأضواء تتسلط عليه تاني، حتى لو كانت الأضواء دي جاية من مسرح "المساخر". ربنا يكون في عون المشاهدين اللي بيحضروا المسرحيات دي!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة