مقدمة : العلمانية ليست عداءً للدين ، بل هي نظام حيادي يحترم جميع المعتقدات ويضمن المساواة بين المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية أو الثقافية . في بلد متعدد الأديان والثقافات مثل السودان ، تُعد العلمانية الضامن الأساسي للتعايش السلمي والوحدة الوطنية ومنع الحروب ، خاصة بعد التجارب المريرة التي عانى منها السودان بسبب فرض رؤية دينية واحدة على الجميع .
العلمانية تعزز الوحدة الوطنية ، وفي غيابها كان أحد الأسباب الرئيسية لانفصال جنوب السودان فكان لإصرار الحكومات السودانية ( أواخر حكم الرئيس جعفر النميري ) ، وخاصة حكومة الجبهة الإسلامية منذ إعتلائهم السلطة في سنة 1989، على فرض الشريعة الإسلامية كقانون وحيد للدولة، دون مراعاة تنوع السودان الديني والثقافي . هذا الإقصاء أجج النزعات الانفصالية ، حيث شعرت الأقليات غير المسلمة ، خاصة في جنوب السودان وإقليمي جبال النوبة والنيل الأزرق ، بأنهم مواطنون من الدرجة الثانية . لكن مع إقرار الدستور الانتقالي لعام 2025 ، الذي أقر العلمانية كأساس للحكم ، أُغلِق الباب أمام دعاة الانفصال ، وأُعطيت رسالة واضحة بأن السودان بلد لكل أبنائه ، باختلاف أديانهم وثقافاتهم . هذه الخطوة التاريخية ، التي وقعت عليها قوات الدعم السريع مع كيانات سياسية ومدنية في نيروبي تؤسس لعهد جديد من العدالة والمساواة ، حيث لم يعد هناك مبرر للانفصال تحت ذريعة التهميش الديني أو الثقافي .
لماذا إقرار العلمانية في الدستور مناسبة للسودان ؟
أولا/ ضمان المساواة فالعلمانية تحمي حقوق جميع المواطنين ، مسلمين ومسيحيين واصحاب الديانات الأفريقية ، في ممارسة شعائرهم دون خوف من التمييز . ثانيا/ منع الصراعات الدينية بتحييد الدولة في الشؤون الدينية حيث تختفي أسباب الصراع بين المجموعات المختلفة . ثالثا/ تعزيز التنميةبحيث عندما تتحرر الدولة من هيمنة رؤية دينية واحدة ، يمكنها التركيز على بناء مؤسسات قوية وخدمات عامة عادلة . رابعا/ الحفاظ على الوحدة حيث أن الاعتراف بالتعددية الدينية والثقافية يجعل جميع السودانيين يشعرون بأنهم شركاء في الوطن .
إقرار العلمانية في الدستور الانتقالي 2025 يمثل نقلة نوعية في تاريخ السودان، لأنه يعالج جذور الأزمات التي مزقت البلاد لعقود. العلمانية ليست خيارًا فحسب، بل هي ضرورة لضمان مستقبل مستقر ومزدهر للسودان، حيث يعيش الجميع في ظل دولة عادلة تحترم التنوع ولا تفرض رؤية واحدة على الجميع لذا ، من الواجب على كل السودانيين دعم هذا التوجه ، لأنه الطريق الوحيد لبناء سودان موحد وقوي ، قادر على تجاوز ماضي الأزمات والانطلاق نحو مستقبل أفضل للجميع .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة