قراءة تحليلية في نصوص الدستور الإنتقالي لجمهورية السودان 2025
بقلم : مها طبيق
الحلقة ( الثالثة )
وثيقة الحقوق والحريات الأساسية :
إن أهم ما تضمنته الدستور الإنتقالي هي وثيقة الحقوق والحريات الأساسية الذي افرد لها الدستور بابا كاملا ( الباب الثاني ) تحت عنوان ( الحقوق والحريات الأساسية ) وتحدث عنها بوضوح وتفاصيل وحدد مسؤولية الدولة وإلتزاماتها حيث نصت المادة ( 17 ) الفقرة الأولى ( تتعهد الدولة بحماية وتعزيز الحقوق المتضمنة في هذه الوثيقة وكفالتها للجميع دون تمييز الخ . . . . ) ، وفي فقرتها الثانية تلتزم الدولة بسن تشريعات وتطبق أحكامها على الالتزامات الواردة في وثيقة الحقوق والحريات الأساسية المتضمنة في هذا الدستور وتمتد هذا التطبيق إلي إلتزاماتها الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية . كما القى الدستور الإنتقالي على عاتق الدولة مسؤولية تتفيذ وثيقة الحقوق والحريات الأساسية حيث نصت المادة ( 12 ) بفقراتها المتعددة علي هذا الالتزام بحيث تتخذ الدولة تدابير سياسية وتشريعية وتدابير أخرى بما في ذلك معايير للتحقيق المطرد للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . وعلى العموم وضع الدستور الإنتقالي على عاتق الدولة أو أي أجهزة من أجهزتها مسؤولية أساسية هي مراعاة واحترام وحماية وتعزيز وتنفيذ الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور .
يأتي تقيمنا لهذه الوثيقة في كونها تعكس التزامًا واضحًا بحماية الحقوق والحريات الأساسية ، ويجعلها في صلب الدستور الانتقالي من خلال إفراد بباب خاص للحقوق والحريات الأساسية وهذا يدل على الأهمية التي أولاها الدستور الإنتقالي لهذه الحقوق ، مما يعزز من مكانتها القانونية ويجعلها غير قابلة للتجاوز بسهولة ، أضف ٱلي ذلك تحميل الدولة مسؤولية الحماية والتعزيز الواردة في المادة (17) وهي نصت بوضوح على أن الدولة ليست فقط مطالبة باحترام الحقوق ، بل عليها أيضًا تعزيزها وضمان تطبيقها دون تمييز مع التزام الدولة بالتشريع والتنفيذ وهي ملزمة بسن قوانين متوافقة مع وثيقة الحقوق والحريات وتطبيقها على أرض الواقع ، بما يشمل التزاماتها الدولية، مما يربط المنظومة الوطنية لحقوق الإنسان بالقوانين والمعاهدات الدولية ، كذلك تميز الدستور الإنتقالي 2025 بالبعد التنفيذي والإلزامي المادة (12) القت على عاتق الدولة مسؤوليات ملموسة من خلال تبني سياسات وتشريعات واتخاذ تدابير فعلية لضمان تحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وليس فقط الحقوق المدنية والسياسية .
أكد الدستور الإنتقالي 2025 على شمولية المسؤولية حيث أنه لا يضع المسؤولية فقط على عاتق الحكومة المركزية ، بل تمتد إلى جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها ، مما يضمن أن حماية الحقوق ليست مجرد التزام نظري ، بل مسؤولية عملية ملزمة لكافة المؤسسات .
في ختام المقال نقول ان هذه الوثيقة تعبر عن توجه مدني حضاري في حماية الحقوق والحريات التي ظلت غائبة عن التطبيق منذ الاستغلال والي يومنا هذا رغم النص عليها احيانا في دساتيرنا ، أما الدستور الإنتقالي 2025 ربط الدولة بالتزامات واضحة ، وأعطت وثيقة الحقوق والحريات قوة تنفيذية من خلال التشريع والسياسات العامة . كما أن إشارتها إلى الالتزامات الدولية تعزز من مواءمة الدستور مع المعايير العالمية لحقوق الإنسان . ومع ذلك، يبقى التحدي الأساسي في التطبيق الفعلي لهذه الالتزامات وضمان عدم انتهاكها تحت أي ذريعة .
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة