(في الحياة أناس يضيفون إليها ، ثم يذهبون ، و فيها من يخصمون منها ، ثم يذهبون ، و فيها من لا يضيفون و لا يخصمون أولئك من يتخذون من الحياد مذهباً في حياتهم تجاه قضاياها المتجددة) .. الكاتب . أبى د. جون قرنق ، أن يمر فيها مرور العامة من الناس ، فكد و إجتهد في مجال السياسة و الحكم ؛ فكان مشروع : السودان الجديد ، هو التركة الثمينة التي جادت به قريحته ، كترياق لأزمة الحكم في السودان ؛ وهو ليس بالمشروع الجامد الذي لا يقبل التطوير ، بل هو قابل للأضافة إليه ، و الحذف منه ، تبعاً للبيئة و الظروف المحيطة بالمجتمعات التي تحتاجه . عندما بدأت الحرب السودانية في ١٥/٤/٢٠٢٣ ، رفعت القوى السياسية السودانية شعار : لا للحرب ، و دخلت في متاهة عدم القدرة على الدفع بالخيارات البديلة ، و ظلت قابعة فيها لأمد مديد ، و السبب أن ضعف هياكل الأحزاب السياسية الناتج من قلة الخبرة السياسية ، و إفتقادها للكوادر المؤهلة في مجال التنظير لمستقبل العمل السياسي ، بسبب هامش الخبرة العملية الضيق الذي فرضه تسيد المؤسسة العسكرية للعمل السياسي بعد نيل السودان إستقلاله ، كل هذه الأسباب مجتمعة أدت لفشل الكيانات السياسية في السودان ، لتقديم مشروع يقنع الأسرة الدولية لمساعدتها في عملية وقف آلة الحرب ، و إرساء دعائم ذلك المشروع الجديد لمعالجة أزمة الحكم المزمنة في السودان.. لكن لأن تأتي متأخراً ، خير ، من ألا تأتي ، شهد يوم ٢٢/٢/٢٠٢٥ توقيع مشروع: الميثاق التأسيسي ، في نيروبي ، وهو مشروع طموح جدا ، و واعد جدا ، و فيه بذور معالجة أزمة الحكم في السودان ، لانه فيه مساحات الحريات المطلوبة لتحقيق المواطنة المتساوية في السودان ، و تحقيق العدالة في توزيع السلطة و الثروة و بالتالي معالجة التهميش في أقاليم السودان المختلفة ، و فوق ذلك إعطاء الشعوب السودانية حق تقرير مصيرها في الإستمرار مع البقية أو إختيار الإنفراد عن البقية ، و هذه هي صلب القضايا التي كانت تقوم عليها نظرية د. جون قرنق التي سميت : مشروع السودان الجديد. أن توافق الكيانات السياسية في السودان على الميثاق التأسيسي ، خطوة إيجابية في مسار إنهاء الحرب في السودان ، و هي خطوة عملية ، و لا للحرب ، خطوة نظرية ، لا تقدم ، بل تؤخر ، لأنها تظهر صاحب الحق في الحكم في صورة ( المفلس) الذي ليس في جعبته من الحلول العملية شيء!! الخطوة القادمة ، أمام الأحزاب و الكيانات السياسية في السودان ، هي لب موضوعنا في المقال القادم بعون الله تعالى.. لا يفوتني أن أشد من أزر الكاتب و المفكر السوداني القدير: خالد كودي ؛ فعندما ، عاد للكتابة الإسفيرية ، شعرت بأن فرقة إنقاذ هائلة و قوية قد جاءت لنجدتي ، لأن الحرب على من تسيدوا المشهد الفكري النخبوي في السودان من دون أدواتها من الحجج والبراهين القوية ، قد أفضى إلى إقناع عامة الشعب بمشاريع لا ترق إلى مستوى طموح الشعب السوداني الحقيقية ، و لكن و بمجرد قراءاتي لأول مقال لخالد بعد عودته للكتابة الإسفيرية ، أمتعني بحججه و منطقه القوي ، و أدركت أن حواء السودانية بجد بخير ، فأمجاد السودان و حضارته العريقة لم تأت من فراغ ؛ فعلم المنطق هو تركة حضارية ، و دليل قوي على وجود تراث سابق مجيد ، فالراحل د.جون قرنق كان يقنع قادة العالم بمثل قوة منطق المفكر السوداني خالد كودي ، فلا يجد القوم خيار آخر غير مساندته ، لذا نجح في رسم صورة زاهية للقادة من الأصول الإفريقية المؤهلة للمساهمة في حل القضايا الدولية. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة