هلال وظلال في وقت يعيش فيه الشعب السوداني أسوأ أزماته جراء الحرب العبثية اللعينة التي دمرت كل شيء وقضت على مصادر رزق الملايين ووضعت البلاد على حافة الانهيار خرجت علينا شركة كهرباء السودان ببيان صادم تعلن فيه عن زيادة تعرفة الكهرباء وهذه الزيادة تأتي في وقت يعاني فيه المواطنون من انعدام الأمن والاستقرار ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة. إن زيادة أسعار الكهرباء في ظل هذه الظروف المأساوية تمثل عبئاً إضافيًا على كاهل المواطن المنكوب الذي يكافح يومياً من أجل البقاء فما الذي يمكن أن يفعله مواطن فقد عمله ونزح من منزله وأصبح مشرداً بلا مصدر دخل ..؟ وكيف يطلب منه دفع مبالغ إضافية للحصول على خدمة الكهرباء التي هي حق أساسي من حقوق الإنسان ..؟ شركة كهرباء السودان بررت قرارها بارتفاع تكلفة مدخلات الإنتاج وشح النقد الأجنبي اللازم لتوفير قطع الغيار والصيانة. نعم قد تكون هذه المبررات واقعية إلى حد ما لكن كان من الأجدى على الحكومة والشركة التفكير في حلول أخرى لا تثقل كاهل المواطن البسيط الذي أصبح بالكاد يستطيع تأمين قوت يومه. وفي ظل غياب الدولة ومؤسساتها عن لعب دورها الطبيعي في تخفيف معاناة الشعب تتزايد التساؤلات حول مدى اهتمام الحكومة بمعاناة المواطنين وحول العدالة الاجتماعية التي تداس بالأقدام في كل قرار لا يراعي ظروف الفقراء والمعدمين. الزيادات مهولة وغير مسبوقة وجعلت المواطن البسيط يقف عاجزاً أمام فواتير لا ترحم ولا تتناسب بأي حال من الأحوال مع دخله المحدود وحيله المهدود بعد أن غلبه الصمود فبعد أن كانت الـ100 كيلووات الأولى تحسب بـ500 جنيه فقط أصبحت الآن تكلفتها 4,000 جنيه ..! بينما ارتفعت تكلفة الـ100 كيلووات الثانية من 600 جنيه إلى 5,000 جنيه ..! بعملية حسابية بسيطة البيت الذي كان يستهلك 200 كيلووات في الشهر كان يدفع 1,100 جنيه أما الآن فهو مضطر لدفع 9,000 جنيه ..! إنها زيادة خرافية تعادل أكثر من 700% دفعة واحدة! هذه الزيادات لا يمكن وصفها إلا بأنها عبقرية معاناة وقرار يزيد من هموم المواطنين ويثقل كاهلهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشونها ورفع أسعار خدمة حيوية مثل الكهرباء بهذا الشكل هو بمثابة عقوبة جماعية على الشعب،وتجاهل تام لحالته المعيشية المتدهورة. أليس من المفترض أن تكون الخدمات الأساسية مثل الكهرباء متاحة بتكلفة معقولة تناسب الجميع ..؟ أم أن العبقرية الاقتصادية تتجلى في مضاعفة الأعباء على المواطن المغلوب على أمرهو ..؟ هذه الزيادة تحتاج إلى مراجعة عاجلة وإلا فإن تأثيرها سيكون كارثياً على حياة المواطنين وعلى الاقتصاد بشكل عام. إن هذا القرار المجحف يتطلب إعادة نظر عاجلة والتفكير في بدائل تخفف العبء عن المواطنين بدلاً من زيادته ومن المؤسف أن الشعب الذي يدفع ثمن هذه الحرب المدمرة في أمنه وصحته ومعيشته يجد نفسه اليوم مضطراً لدفع المزيد مقابل خدمة أساسية يفترض أن تكون متاحة له بتكلفة معقولة. ويبقى السؤال هل من مستجيب لنداءات الشعب المكلوم ..؟ أم أن هذا القرار مجرد حلقة جديدة من سلسلة قرارات تزيد من معاناة السودانيين دون رحمة أو شفقة ..؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة