كما يقول المثل السوداني العافية درجات.يمثل "تحالف السودان الجديد" تطوراً في وعي الحركة الجماهيرية التي عانت من الظلم والتهميش. ميلاد التحالف التأسيسي علامة إيجابية تبشر بالأمل لشعب تعرض لتدمير ممنهج نتيجة الإنقلابات العسكرية التي استأثرت بزمام الحكم لفترات تجاوزت النصف قرن. لقد شهدت البلاد عهدا مظلما تصدرته تيارات التخلف والجهل والتضليل باسم الدين. واستغل المغامرون العسكريون هذه الظروف كفرصة ذهبية للسطو على الحكم، مما أدى إلى تغييب إرادة الشعب السوداني من خلال تحالفهم مع زعماء الكيانات التي تُعرف مجازا بالأحزاب، لكنها في الواقع مجرد واجهات لعائلات ونخب فاسدة، مثل أسرة المهدي والمرغني والترابي، إلى جانب الحزب الشيوعي الذي تتحكم فيه طبقة بورجوازية تدعي تمثيل البروليتاريا. يمثل "تحالف السودان الجديد" بداية مرحلة جديدة نحو استعادة الهوية الوطنية، وتحرير عقول الغالبية من أبناء وبنات الهامش الذين انخدعوا بخيال المآتة المسمى أحزاب. لقد عانى السودان طويلا من الإنقلابات العسكرية التي إستغلت ضعف هذه الكيانات الإنتهازية وصادرت الحريات العامة ودمرت مؤسسات الدولة، رغم أنه كان بالإمكان أن يصبح السودان منارة في المنطقة، خاصة أنه نال إستقلاله بإرادة الشعب من داخل البرلمان. لم تقتصر الإنقلابات العسكرية على قطع مسيرة الديمقراطية الطبيعية، بل خلقت نظاما مشوها سمته بالديمقراطية تحت حكم الإستبداد والفساد، كما فعل جعفر نميري وعمر البشير، والآن مجرم الحرب البرهان الذي دمر السودان بقطع مسار التحول الديمقراطي وإشعال الحرب اللعينة. لقد أقصت الإنقلابات العسكرية الشعب عن المشاركة السياسية وعطلت الحياة الديمقراطية، وفتحت الباب على مصراعيه للإنتهازيين والفاسدين، وأطلقت يد الأجهزة الأمنية لملاحقة المناضلين المخلصين، مما أدى إلى إنتهاك حقوق الإنسان. في "السودان الجديد"، لا مكان للإنقلابات العسكرية أو للحروب العبثية التي لا تخدم سوى مصالح معينة. يجب أن يفهم ضحايا السودان القديم، الذي يشار إليه (بدولة 56) بأن الفيدرالية والديمقراطية والعلمانية هي الأسس التي ينبغي أن يُبنى عليها المستقبل. يجب أن تضمن هذه المبادئي مشاركة جميع مكونات المجتمع السوداني في صنع القرار السياسي، بدءاً من القاعدة الشعبية وصولاً إلى قمة السلطة. "السودان الجديد" هو عهد جديد يفتح صفحة مشرقة لجميع السودانيين والسودانيات، حيث يؤسس لوعي جديد يخرج الغالبية المهمشة من الإنتماءات الإثنية الضيقة إلى فضاء أوسع فضاء مجتمع الدولة الحديثة. دولة المواطنة القائمة على الحقوق والواجبات. حان الوقت لبناء وطن تسوده الحرية والمشاركة الفعّالة والعادلة في صياغة مستقبل أفضل لجميع السودانيين والسودانيات.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة