تدل الشواهد المنبثقة من الأحداث الأخيرة في منطقة الناصر بولاية الوحدة ، أن شبح الحرب بدأ يتشكل في سماء دولة جنوب السودان مرة أخرى ، وهو أمر جد خطير ، فالسلام الذي ، إستمتع به قطاع واسع من شعب دولة جنوب السودان في السنوات السبع الماضية ، بدأ مده ينحسر ، بسبب أخطاء أهل السياسة ، مع أن الاتفاقية قد نشطت أكثر من مرة ، و كيف لا تحدث أخطاء كارثية ، و مؤسسات الحزب الحاكم شبه معطلة ؟ و القرار السياسي ، ينفرد به نفر كريم في حزب الحركة الشعبية ؟؟ فالوضع الطبيعي هو : الوقوع في الخطأ في معظم المرات ، و الوضع غير الطبيعي هو تحقيق النجاحات السياسية ؟ نعم ، فمن الطبيعي أن تحترق الناصر ، و تحدث جميع الإنفلاتات الأمنية في أقاليم الدولة الوليدة ، طالما مؤسسات حزب الحركة الشعبية لا تعمل بالكلية؟ . . أن عملية جمع السلاح من بعض المواطنين المنفلتين ، و بخاصة المواطنين ولاية الوحدة تحتاج إلى ضمانات سياسية قبل إتخاذ أي إجراءات في أرض الواقع ؛ بمعنى أنها مرحلة يسبقها عمليا وضع الدستور الدائم لدولة جنوب السودان ، و بموجب النصوص القانونية الموجودة فيه فيما يتعلق بحيازة السلاح يتم عملية النزع ، و يسبقها إكتمال عملية دمج القوات النظامية في الدولة الوليدة في قوة واحدة ، و تاهيل شرطة دولة جنوب السودان التأهيل المطلوب للقيام بواجباتها المختلفة في ولايات الدولة الوليدة ، و فتح فرص العمل للشباب حتى إذا تم نزع السلاح منه ، يركن إلى مهنة تضمن له حياة كريمة له و لمن يعول من أسرته ، و لكن أن يتم هذا النزع في الوقت الراهن ، و توكل المهمة لقيادات ذات عداوات سابقة مع مكون أساسي من مكونات ولاية الوحدة ، فأين يضمن هذا المكون أمنه حيث لا دستور يحميه ، و بقية المكونات الأخرى المنافسة لا زالت محتفظة بسلاحها ؟؟؟ أسئلة مشروعة تبين خطأ هذا الإجراء ، يحكي لي أحد التجار من دارفور أن الصراع بين الزرقة و العرب الوافدين من دول إفريقيا الوسطى لإقليم دارفور كانت تميل الكفة فيها لصالح الزرقة من سكان دارفور الأصليين ، و لكن في نهاية تسعينيات القرن الماضي ، قامت حكومة الإنقاذ بعقد إتفاقية لنزع السلاح في إقليم دارفور ، و بعد أن تم نزع السلاح من معظم الزرقة في دارفور ، قامت الحكومة بتسليح القبائل العربية في شكل قوات حرس الحدود ؛ و من ذلك الحين مال ميزان القوة لصالح تلك القبائل ، و نزح الزرقة من مناطقهم ، و لجأ العديد منهم لبقية دول العالم الأخرى ، و السبب هو عدم وجود حكومة حكيمة في السودان ، حيث لا يحترم نص دستوري في البلاد ، و يسود الهوى و المزاج في منح الحقوق و منعها حتى اللحظة ، فمن الصعب أن يقبل المكون الأساسي في ولاية الوحدة بتكرار نفس الخطأ التأريخي.. فما الحل إذن ؟ الحل يكمن في تجميد الخيار العسكري كحل للمشكلة الحالية ؛ لأنها ستزيد تعقيد الأمور المعقدة أصلاً من جميع النواحي ، فالمشكلة الحقيقية لا تكمن حالياً في طبيعة تغليب المكونات المختلفة لشعب دولة جنوب السودان لخيار الحلول العنيفة ؛ بل تكمن المشكلة حقيقة في تعطل أجهزة صنع القرار في حزب الحركة الشعبية الحاكمة ، فهذا التعطيل هو الذي يتسبب في معظم الأزمات السياسية التي تعاني منها دولة جنوب السودان حاليا ، فالحل في إحياء بناء مؤسسات حزب الحركة الشعبية مرة أخرى ، بإستعياب الكوادر المؤهلة التي إنشقت عن الحزب الحاكم في أزمة العام ٢٠١٣ ، فهذه الأزمة هي التي تسببت في تعطل مؤسسات حزب الحركة الشعبية ، لأن حصاد ما بعد العام ٢٠١٣ إلى الآن لا يرقى لطموح و أحلام شعب دولة جنوب السودان ، فقد تحطمت تلكم الأحلام بإنفراد أفراد بعينهم بقرارات ينبغي أن تصدر من مؤسسات الحزب لا من أفراده و لو كانوا من المؤثرين ، شخص واحد هو الذي نجح في حكم بلده بعقله وحده ، بدستور من وحي عقله ، حسب وجهة نظري المتواضعة ، هو العقيد : معمر القذافي صاحب نظرية: الكتاب الأخضر ، أما معظم من سعى سعيه ، فقد مني بالفشل الذريع ، و سبب نجاح القائد معمر القذافي ، يعود لسبب صدقه مع نفسه و صدقه مع ربه ، و صدقه مع شعبه ، و من الصعب أن يجمع القائد بين هذه المميزات الثلاثة ، لذا يفشل الكثير من القادة ، في حياته ، كنت أمقت النرجسية التي هي طابعه في تعامله مع الجميع ، و لكن بعد مماته ، أدركت أنه جزئياً ، كان محقاً ، لأنه إستطاع تحقيق ما فشل فيه كل من تسربل بثوب الدكتاتورية من قادة العالم ، و عاش الشعب الليبي في نعيم في زمانه . فالدور في المرحلة المقبلة هي للوساطة الدولية ، لكي تعالج سياسياً ما طرأ من خلافات سياسية بين شركاء إتفاقية السلام المنشطة الأساسيين ، هذا من ناحية ، و من ناحية أخرى أن تدرك المجموعة الموجودة في السلطة من حزب الحركة الشعبية الحاكم ، أن الطريق الامثل لتقليل أخطاء الحزب هو بتفعيل مؤسسات حزب الحركة الشعبية مرة أخرى ، و عدم تجاوزها بالإنفراد بالقرار السياسي ، و أن إستيعاب مجموعة الحركة الشعبية في منبر كينيا التفاوضي يمثل ضرورة لزيادة فاعلية مؤسسات حزب الحركة الشعبية ، فهي أشبه بعملية ضخ دماء جديدة في جسد الحزب ، قال لي أحدهم : في زمان وجودهم في الحزب ، لم يحدث أي تغيير للأمام ؟ فقلت له : هل كان سعر الدولار في العام ٢٠١٣ مثل سعره في الوقت الراهن ؟ قال : لا . . فقلت : إذن هنالك فرق . E _M: [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة