أعلم أنك أصغر من نملة، وأحقر من قطرة دم برغوث يقتات على دماء الكلاب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 12:41 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-05-2025, 04:29 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11796

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أعلم أنك أصغر من نملة، وأحقر من قطرة دم برغوث يقتات على دماء الكلاب

    03:29 PM March, 05 2025

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر






    أيها العالم المتخم بالخطب الرنانة عن القيم والأخلاق، كيف حالك اليوم؟ أما زلت تصرُّ على أن العدل قيمة عليا؟ أما زلت تلوك كلمات كـ"الرحمة"، و"الإيثار"، و"الكرامة" بينما نحن، نحن الذين لفظتنا أرضنا كما تُلفظ العلكة اليابسة، نقف في طابور الحياة حاملين بطاقات النزوح بدلًا من جوازات السفر؟

    تكلّموا عن الإنسانية كما شئتم، فأنا – نازح الحرب – صرت أعرف حقيقتها. إنها مجرّد وهم فاخر يباع في كتب الفلاسفة ويُستهلك في المؤتمرات المصطنعة. أتدري ما معنى أن تفقد بيتك؟ لا، ليس البيت بمفهومه المادي، فالحياة في المخيمات علّمتني أن الجدران ليست شيئًا هامًا. إنما أعني بذلك فقدان الحق في الشعور بالاستقرار، في امتلاك زاوية تخصّك وحدك. أن تكون مجرّد كائن زائد عن الحاجة، مرفوض من الجميع حتى من السماء، كأنك زائد على قسمة الأرزاق.

    إنني الآن في حرب ليس بين طرفين مسلّحين، بل بيني وبين نفسي. أتساءل: أيهما أولى؟ أن أحافظ على إنسانيتي، أم أن أتنازل عنها كي أعيش؟ إنهم يطالبونني بالإيثار، لكن كيف أُؤْثِر وأنا لا أملك حتى ما يكفي نفسي؟ كيف أتحدّث عن الأخلاق وأنا أرى أمامي شريعة الغاب وقد صارت دستورًا معتمدًا؟ لقد خُلقنا بجبلة أنانية، ثم جاءت هذه الأكاذيب الكبرى عن التضحية والعدالة لتجعل منا حمقى نندفع للموت من أجل الآخرين، بينما هم – المتخَمون في قصورهم – يكتبون عنّا قصائد الفداء.

    آه، كم تغيّرتُ! بالأمس كنت أؤمن بالمُثل، كنت أخجل إن رأيت جائعًا ولم أطعمه، كنت أردد: "الموت بشرف خير من حياة الذل"، أما اليوم، فلا، اليوم تعلّمت أن الحياة بلا كرامة لا تزال حياة، وأن الذل ليس أسوأ المصائر، بل الأسوأ هو أن تُقتل وأنت تحاول أن تكون إنسانًا في عالم لم يعد يؤمن بالبشرية.

    إنني، بكل بساطة، أريد أن أعيش. فقط أن أعيش. ولو كان الثمن أن أغلق أذني عن صرخات المستغيثين، وأن أمرّ بجوار الجائعين دون أن ألتفت، ولو كان الثمن أن أفقد بعضًا من ضميري كل يوم، فلا بأس. فالذين يتحدثون عن القيم يعيشون بعيدًا عنها، وأنا عشت قربها حتى التهمتني.

    في النهاية، عندما تضع الحرب أوزارها – إن فعلت – لن يتذكر أحد مآسينا، لن يعبأ أحد بضحايانا، سيعود الفلاسفة للحديث عن الفضيلة، وستعود المدن للغناء، أما نحن، فسنظل نتساءل: أين ذهبنا؟ وأين انتهت إنسانيتنا؟

    أعلم أنك أصغر من نملة، وأحقر من قطرة دم برغوث، لكنني – يا للعجب – أتحوّل كل يوم إلى ما هو أصغر وأحقر... فقط كي أبقى.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de