لم ينتخب الشعب الأمريكي دونالد ترامب عبثاً ؛ ففيه من المزايا ما يحتاجه المجتمع الامريكي في الوقت الراهن ، و من تلك ، الصراحة و الوضوح الذي يصيب البعض منا بالدهشة !؟ فالتملق غير موجود في قاموس السيد الرئيس ترامب .. إذا كانت للولايات المتحدة الأمريكية فائدة في مساعدة أوكرانيا في حربها من ناحية إستراتيجية ، فهي تعطيل المنافس العسكري المباشر للولايات المتحدة الأمريكية في الساحة الدولية ، أما المستفيد المباشر من كسب أوكرانيا للحرب ، فهي الاتحاد الأوروبي ، فهي الطرف الذي تسعى أوكرانيا لكسب ودها و الانضمام إليها فور تحقيق النصر العسكري على الطرف الآخر ، أما موضوع المعادن النادرة التي تسيل لعاب بعض الدول لكسب ود أوكرانيا ، فيمكن للولايات المتحدة الأمريكية أن تعثر عليها في دول أخرى ، و بالتالي توجد خيارات إستراتيجية أخري أمامها ، و بالتالي يبقى تعطيل المنافس العسكري المباشر هو الهدف المهم لخوض الولايات المتحدة الحرب طوال الفترة الماضية . . لكن إلى متى تستنزف موارد الولايات المتحدة الأمريكية في حرب مشكوك في شرعيتها من ناحية و مشكوك في تحقيق النصر العسكري فيها من ناحية أخرى ؟ هذا السؤال المهم جعل السيد الرئيس ترامب يقرر إيجاد حلول حقيقية للحرب بدلاً من الإستمرار فيها بغير هدى . وهو موقف جدير بالإحترام من كافة الأطراف ، و لكن الآلة الإعلامية الغربية تقف حجر عثرة أمام الجهود الدبلوماسية التي تحاول إيقاف الحروب ؛ لأنها تهتم بجانب الإثارة التي تكتنف الحرب و لا تهتم بنفس القدر بالجوانب السلبية الأخرى للحروب . الحرب الروسية الأوكرانية لم تبدأ حقيقة منذ ٢٤/٢/٢٠٢٢ ، لا و ألف لا ، بل بدأت بتأريخ ١٨/٣/٢٠١٤ عندما إعتمدت روسيا نتيجة أستفتاء شبه جزيرة القرم و ضمتها رسمياً لروسيا ، تلك المنطقة التي أعطتها روسيا لأوكرانيا في العام ١٩٥٤ عندما كانت أوكرانيا جزء من الإتحاد السوفييتي آنذاك ، فهذا الإجراء الدستورى ، حفزت أربع مناطق أخرى في أوكرانيا ، تتكلم اللغة الروسية و تسود فيها إثنيات تعود لروسيا و تتوشح بالثقافة الروسية أن تحذو حذو جزيرة القرم ؛ و المناطق هي : لوغانسك ، دونيتسك ، زاباروجيا ، و خيرسون ، و بدأت الحرب الضروس بين القوميات الانفصالية في هذه المناطق و الحكومة الأوكرانية ، و إستخدامت الحكومة الأوكرانية العنف المفرط تجاه القوميات الانفصالية في المناطق الأربعة ، و بلغ العنف مداه في العام الثامن من أعوام نضال هذه القوميات ، مما إقتضى تدخل الدولة الروسية لنصرة هذه القوميات في يوم ٢٤/٢/٢٠٢٢ .. فالخلفيات التي سبقت هذا التأريخ مهم الوقوف عندها عند محاولة سبر أغوار الأزمة الأوكرانية الروسية ، و لكن ، إختزال الأمر في التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا لا يخدم في معالجة جذور الأزمة .. القانون الدولي إذا كان يقف في صف حماية سيادة الدول و يتجاهل رغبات الشعوب المستوطنة في المناطق المتنازعة ثقافياً بين الدول فهو في حد ذاته يحتاج إلى تقويم و مراجعة.. فهذا القانون هو جهد بشري ، فيه النقص و الكمال ، و قابل للتعديل حسب مقتضيات الظروف و الصراعات الدولية ؛ فللدولة الروسية تمام الحق في الدفاع عن شعوب راغبة في الإنضمام إليه ، كما فعلت و ضمت إليه تلك المناطق الأربعة و من قبلها شبه جزيرة القرم ، و للإتحاد الأوروبي الحق في الدخول في مفاوضات مباشرة مع الدولة الروسية للوصول إلى صيغ مرضية للطرفين تضم بها بقية القوميات الأوكرانية التي تطالب بالإنضمام للإتحاد الأوروبي ، هذه هي الروشتة المناسبة لفض الإشتباك بين روسيا و أوكرانيا ، و طيء ملف الأزمة الروسية الأوكرانية تماماً ، فالوقوف أمام رغبات الشعوب في الإستقلال و الإنضمام إلى الكيانات المتوافقة مع عاداتها و ثقافاتها ، تسبب أزمات عميقة تستعصي على الحل في كثير من الأحايين. E_M: [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة