تناولت بعض اقلام منتسبي الحركة الاسلامية ومؤيدوها خطاب البرهان الأخير، تناولوه بعدم الرضا والهجوم من بعضهم حتى بلغ الحماس بالدرديري محمد احمد ان جعل الاسلاميين هم الشعب والشعب هو الاسلاميين في معرض يحمل التهديد والوعيد! . اكثر الآراء موضوعية وهدوء ذكرت انه خطاب جاء متعجلا للأحداث وفي وقت غير مناسب نظرا لعدم اكتمال استرداد الخرطوم وان دارفور محتلة والفاشر محاصرة.. الخ. هذا الرأي لوهلة اولى يبدو صحيحا، ولكن عند استدراك ان العالم جملة يرفض التعامل العادل مع عسكريين استمدوا سلطتهم عن طريق القوة غير المشروعة، هذا هو حال رئيس مجلس السيادة منذ ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١!!.لهذا صنفوا حرب التمرد على الدولة بأنها مواجهة بين جنرالين صراعا على السلطة دون ان يمنحوا الجيش السوداني اي أفضلية على قوات المليشيا المتمردة .. وقد ورد في الأنباء بأن الدولة القريبة من البرهان نصحت بتشكيل حكومة مدنية يسهل التعامل معها اقليميا ودوليا. قد ينبري من يقول: اذن البرهان خاضع لإملاءات خارجية. وهذا قول صحيح في معرض المجادلة، لان مقاطعة العالم ومخاصمته لا تعني سوى استمرار مساواة جيش الوطن بالمليشيا إضافة الى الاضرار الأخرى الجسيمة. ولهذا نتائجه التي قد ترقى لحظر السلاح عن الجيش!. ولا يخفى ان اي بلد في حاجة لان يعترف العالم بنظامه السياسي، ونموذج حركة طالبان هو أسوأ ما تقود اليه مصادمة العالم، خاصة في محيط بنادق الحكام فيه موجهة الى صدور شعوبها !!.. لهذا ارى ان حكومة الحرب وتصريف الاعمال قد تأخرت كثيرا. النقطة الاخرى التي تجاهلتها الاقلام الموالية لحزب المؤتمر الوطني، هي اغفالهم عمدا للتغيير الذي حدث في ديسمبر ٢٠١٨ وكانت نتيجته الاطاحة بسلطة الحركة الاسلامية، العمود الفقري وجوهر حزب المؤتمر الوطني. هذه الحركة استولت على الحكم بانقلاب عسكري في ٣٠ يونيو ١٩٨٩ وانقضت على النظام الديمقراطي الوليد (1985) الذي فسح لها لتنافس ديمقراطيا وتفوز ب ٥١ مقعدا في المجلس النيابي ولم تحاسب على مشاركتها في الحكم حوالي سبع سنوات في النظام المايوي الشمولي الذي سقط في ابريل 1985.!! انقلاب ٣٠ يونيو الغى الاحزاب وحل النقابات وشرد العاملين واعدم عدد كبير من الضباط دون محاكمات عادلة ومارس الاعتقالات وتعذيب المعتقلين متسببا في قتل طبيب والأذى الجسيم لآخرين.. الانفراد بالحكم والتمكين أوجد مناخا للفساد والظلم ...لا يمكن لمن يتعرض للواقع السياسي الراهن، ان يغمض عينيه عما فعلته الحركة الاسلامية تحت قيادة حسن الترابي وعلي عثمان وقيادة التنظيم في التأسيس للحكم الشمولي الإقصائي. ولا يمكن للمناقشة الموضوعية ان تتجاهل مقاومة قطاعات واسعة من الجماهير لحكم المؤتمر الوطني حتى اسقاطه في ابريل 2019.وكان منطقي وعدل ان يحظر نشاط حزب المؤتمر بعد نجاح الثورة. تحركت رمال السياسة، سلما وحربا، ووجد الجيش مساندة سياسية وعسكرية ميدانية من الإسلاميين ومن غيرهم دفاعا عن الأعراض والأنفس. مشاركة الإسلاميين كانت تحت قيادة الجيش، كما أنها لم تكن توددا لقيادة الجيش، بل شعارات التمرد، ومسانديها الاقليميين سرا، اعلنوا ان هدفهم القضاء على دولة "56" والحرب على "الكيزان والفيلول" (لم نسمع من القوى السياسية من رفض قول المليشيا ان حربها ضد الكيزان، لان الصراع مع الكيزان هو صراع سلمي سياسي وفكري وليس تصفيات جسدية، لما صمتت قوى الحرية والتغيير عن إدانة ما تبرر به المليشيا حربها وعدوانها؟)، فضلا عن ان الاتفاق الاطاري ،في حال تنفيذه، سوف يزيد الحركة الاسلامية حظرا وعزلة. لذا قاتلوا مع الجيش ضد التمرد، حماية للدولة، وهذا رصيد يثابوا عليه وطنيا، كما قاتلوا بحثا عن موقع يجعلهم فاعلين في ساحة ما بعد الحرب.. لقد جاء حديث البرهان متوازنا، فلا يعقل ان يشترك حزب المؤتمر الوطني الذي اندلعت الثورة ضده واسقطته، في ادارة المرحلة الانتقالية، فمشاركته لا تعني سوى اجهاض تام لمطالب الثوار.. والتوازن في حديث البرهان تمثل في ان ينافس حزب المؤتمر الوطني في الانتخابات العامة. وحديثه هذا يحتاج لتعديل يتمثل في منع قيادات المؤتمر الوطني ومن تولوا مناصب سيادية او تنظيمية وسياسية، من المشاركة لفترة لا تقل عن كذا من السنوات. الاصوات العالية لأعضاء ومؤيدي المؤتمر الوطني، كان حري بها ان تدخر وتوجه جهودها وما سكبته من مداد، لنبش اخطاء وخطايا الحركة الإسلامية بما يجعلها تمارس نقدا سياسيا علنيا امام الشعب، معلنة كفرها بالانقلابات العسكرية وان الكفاح السلمي هو وسيلتها الوحيدة في الصراع فكريا وسياسيا.. وان تقول: هذا ظهري ليقتص مني من ظلمته وسلبته حقوقه المشروعة كمواطن لا يمتازون عليه بأنهم أعضاء في حركة سياسية استخدمت القوة غير المشروعة للاستيلاء على الحكم وذلك تعويضا وتضميدا للجراح.. هل تقبل عضوية الحركة الاسلامية ان تعود لممارسة السياسة في ظل نظام ديمقراطي قاوموه وقتلوا من خرج من أجله، دون ان تغتسل في مياه النقد العلني، استقامة وتوافقا مع الضمير؟.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة