يمثل خطاب مجرم الحرب الأخير عزومة صيادين في عرض البحر، بعد أن فشل في كل من الميادين العسكرية والسياسية، وظهر على حقيقته مجرد عميل ينفذ أجندات خارجية تهدف إلى قطع الطريق أمام مسيرة التحول المدني الديمقراطي. بدأ ذلك بعدد من الأفعال والممارسات المناقضة للمصلحة الوطنية العليا، منها فض اعتصام الثوار والثائرات أمام القيادة العامة للجيش المختطف، وتبعه بتنفيذ انقلاب 25 أكتوبر 2021، وإشعال نار الحرب اللعينة في 15 أبريل 2023. هذه هي الحقائق التي لا ينكرها أحد. بعد مرور عامين على الحرب اللعينة، لا يزال مجرم الحرب غير قادر على دخول القصر الجمهوري، وحتى لو إفترضنا أنه دخل القصر، فما الذي سيفعله بعد كل هذا الدمار والخراب؟ جهله بتاريخ الشعب السوداني ونضالاته وتضحياته جعله يقبل أن يكون عميلاً لنظام عبد الفتاح السيسي، يؤدي له التحية في وضح النهار وأمام وسائل الإعلام. أما بقية الخونة والعملاء في بوركيزان والقاهرة أضطلعوا بدور الكمبارس وأصبحوا مجرد أبواق للدفاع عن هذا العميل الذي باع الوطن بأرخص ثمن، وفات عليهم قول أرسطو: "إن أسوأ شكل لعدم المساواة هو أن تحاول المساواة بين أشياء غير متساوية". إختلال معايير القيم والأخلاق جعلهم يساوون بين الخونة والشرفاء، تجلى في مواقف المثقفين والإعلاميين الذين صمتوا عن تجاوزات هذا العميل التافه المنحط. من ضمن هذه التجاوزات منعه مواطنين سودانيين وسودانيات من الحصول على الوثائق الرسمية، بجانب تغيير العملة، وسن قوانين تستهدف الوجوه الغريبة، وضرب الأبرياء بالطيران والبراميل المتفجرة، وخطابات العنصرية التي تدعو إلى إبادة الجنجويد، التي هي في الواقع خطابات عنصرية بغيضة تستهدف القبائل العربية في الوسط وكردفان ودارفور. قد رأينا المجازر التي طالت الأبرياء في مناطق مثل الحلفاية والدندر وأم درمان، وسكان الكنابي في كمبو خمسة، في الجزيرة حيث راح فيها آلاف الضحايا بسبب الخطاب العنصري البغيض. بعد كل هذه الجرائم التي إرتكبها مجرم الحرب البرهان، اطلق خطاباً قال فيه: إنه سيعفو عن من يتخلى عن دعم قوات الدعم السريع. السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: من يعفو عن من؟ الجاني أم الضحية؟ دعوة المراكبية التي أطلقها البرهان لا قيمة لها، لأنه صياد سمك، وصيادو السمك لا يستطيعون عزيمة أحد للغداء في عرض البحر. يبدو أن سفينة الأجرام التي تقل مجرمي الحرب منذ عام 1989م وحتى الآن قد شعرت بالغرق بعد أن أعلنت قوات الدعم السريع، في خطاب مسجل بصوت د. موسى خدام، عن تصميمها على إنزال الهزيمة الماحقة بمجرمي الحرب، بإعلانها تشكيل حكومة سلام في العاصمة الخرطوم تقضي على السفينة التائهة في عرض بحر العمالة والخيانة والتبعية التي جسدها مجرم في أسوأ صورها. سنوات حكم الإستبداد والفساد والظلم التي مثلتها تجربة الجبهة القومية الإسلامية في السلطة منذ عام 1989م جعلت بعض عبيد الطغيان يظنون أن السودان ملك خاص بهم. لقد كبرت الأنا لدى هؤلاء العبيد، على رأسهم البرهان، وظنوا أنهم أحرار وأصحاب قرار. المسؤولية التاريخية تجعلنا نذكرهم بإنجازات الحضارة الإنسانية التي أجمعت منذ عصور مضت، على إعتبار العدل قاعدة إجتماعية أساسية لإستمرار حياة البشر مع بعضهم البعض، وهو محور أساسي في الأخلاق. وعبره نجتاز طريقنا ونحقق طموحاتنا وآمالنا بما يسهم في رقي شعبنا وأمتنا.
كلمة أخيرة نذكر بالمثل الروسي الشهير الذي يقول: "برفقة العدالة تجتاز العالم، وبرفقة الظلم لا تستطيع أن تعبر عتبة بيتك".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة