يمثل الموقف الوطني المشرف الذي سطره الشهيد البيشي ورفاقه الميامين من أبناء قبيلة رفاعة إستمرارية للدور العظيم الذي لعبته هذه القبيلة في تاريخ السودان القديم والحديث. تعتبر قبيلة رفاعة إحدى الركائز الأساسية في تاريخ البلاد، حيث لعبت دوراً محورياً في تشكيل الأحداث السياسية والاجتماعية. منذ العصور القديمة، ساهمت رفاعة بشكل فعّال في تأسيس مملكة سنار، التي نشأت نتيجة للهجرات المتتالية للمسلمين إلى المنطقة. وكانت القبيلة شريكاً فاعلاً في إدارة الحكم، مما ساعد على توطيد السلطة في هذا الكيان السياسي الذي يُعتبر نواة الدولة السودانية. على الرغم من التحديات التي واجهتها قبيلة رفاعة عبر العصور، بما في ذلك سقوط مملكة سنار على يد محمد علي باشا في القرن التاسع عشر، استمرت القبيلة في لعب دور مهم خلال الحقبة المهدية. لكنها تعرضت، هي وغيرها من القبائل العربية التي لعبت دوراً بارزاً في تحرير السودان، للتهميش الممنهج. اليوم، يتجلى موقف الشرفاء والأحرار من أبناء قبيلة رفاعة الذين تصدروا المشهد السياسي والعسكري رفضاً لسياسة الظلم والتهميش التي مارسها المركز الطفيلي على الهامش العريض. التضحيات الجسام التي بذلها أبناء قبيلة رفاعة تؤكد وعيهم بتاريخ القبيلة ودورها المميز الذي اضطلع به أجدادهم، ويعزز المكانة التاريخية لهذه القبيلة ويُبرز أهمية دورها الفاعل في تصحيح مسار الدولة السودانية، دولة النخب الفاسدة التي استغلت البسطاء والفقراء والمهمشين في كل أرجاء السودان المختلفة، سواء في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب أو الوسط، وجعلت من الجيش أداة تحطيم لإرادة الشعب وتدمير للبلد، فأصبح السودان، رغم غناه الهائل بالموارد الطبيعية والخيرات والثروات، يدور في حلقة مفرغة، حكومات مدنية بلا أفق سياسي وانقلابات عسكرية رعناء بلا ضوابط ولا قيم. والشعب السوداني المغلوب على أمره ضائع في وسط هذه الحلقة المفرغة، حتى سطع نجم قائد قوات الدعم السريع في وسط الظلام الدامس وقال: "كفى تجهيلاً وتضليلاً واستغلالاً". قال: " *الشلاقي ما خلا عميان* "، يعني أن المعاناة المستمرة منذ الإستقلال وحتى الآن جعلت البسطاء يفتحون عيونهم ويشاهدون ما يجري أمامهم وحولهم من مؤامرات ومكائد ودسائس. في هذا السياق، جاء موقف الشهيد البطل البيشي الذي قال أيضًا: " *مؤسسة أكلنا حلوها لن نتخلى عنها في أيام مرها* "، هنا تكاملت المبادئ والقيم والوعي بضرورة النضال من أجل الحرية والعدالة والمساواة والسلام. يُعتبر الشهيد البيشي رمزاً لتجديد الروح النضالية التي لطالما تميزت بها قبيلة رفاعة. إن تضحياته تجسد امتداداً لتاريخ القبيلة، حيث يمثل البيشي قيم الشجاعة والعزيمة التي كانت محورًا في مسيرة رفاعة عبر العصور. من خلال تقديم روحه الطاهرة، يُضيف البيشي فصلاً جديداً في تاريخ القبيلة، ويشعل الحماسة في نفوس الأجيال الحالية لمواصلة العمل من أجل مستقبل أفضل للسودان. تشير الأبحاث إلى أن أصول قبيلة رفاعة تعود إلى اليمن، التي تعتبر أصل العرب، كما أن قبيلة رفاعة لها صلة بالعترة الشريفة، مما يعزز مكانتها في التاريخ العربي والإسلامي والسوداني على وجه الخصوص ويظهر صلاتها مع قبائل أخرى في منطقة النيل الأزرق. إن هذه الجذور التاريخية تُعتبر جزءاً لا يتجزأ من هوية قبيلة رفاعة، التي تحتاج إلى تعزيز وحدتها وتفعيل دورها في المرحلة الراهنة. القضية التي إستشهد من أجلها الشهيد البيشي تمثل دعوة قوية لأبناء رفاعة لتوحيد جهودهم والمساهمة في تشكيل ملامح مستقبل السودان الجديد الخالي من العنصرية والجهوية والإستغلال الطبقي والتهميش الاجتماعي والسياسي. إن إستعادة دور أبناء رفاعة الفاعل في العمل السياسي والإجتماعي يُعد أمراً حيوياً لضمان إستمرارية وجودهم وتأمين مستقبل الأجيال القادمة، مستلهمين من إرثهم التاريخي وتضحيات شهدائهم. إن القضية الوطنية التي قدم فيها أبناء قبيلة رفاعة أرتالًا من الشهداء، كما قدمت بقية القبائل السودانية الحرة الشريفة خيرة أبنائها مثل عبدالله علي يعقوب وعبد الرحمن قرن شطة وجلحة وعبد الله حسين آدم، وغيرهم من قادة وجنود قوات الدعم السريع البواسل، تأكيدًا على أن البداية الحقيقية لتأسيس الدولة السودانية قد آن أوانها بعد مرور أكثر من ستة عقود من العبث والفوضى والحروب العبثية والمظالم وإنتهاكات حقوق الإنسان وسرقة عرق الكادحين والمهمشين. أبناء الوطن الأحرار الشرفاء يسطرون تاريخاً جديداً، يعتبر ملحمة وطنية جديدة شاركت فيها كل القبائل السودانية بدماء أبناءها الزكية وأرواحهم الطاهرة.
*دولة* 56، التي همشت قبيلة رفاعة والفونج التي ينتمي إليها قائد قوات الدعم السريع أبوشوتال مك مكوك السلطنة الزرقاء وغيرها من القبائل، مثل الفلاتة والبني عامر وقبيلة الشكرية التي زج بها الخائن العميل كليل في هذه الحرب القذرة.. التهميش طال الرشادية والهدندوة وغيرها من القبائل في الوسط والشرق وكردفان ودارفور وحتى الشمال هناك مهمشين .. دولة بهذا السوء والخراب مصيرها الزوال لأنها كيان مصطنع منذ الإستقلال وحتى الآن، لم تعبر عن إرادة الشعب السوداني الطامحة في دولة مدنية ديمقراطية فدرالية تحقق مشاركة عادلة لكل أقاليم السودان في السلطة والثروة والتنمية. الظلم مهما طال مصيره الفشل والخسران، لذلك نؤكد أن النصر حليف البواسل الأبطال الأشاوس في الجاهزية، لأنهم يمثلون إرادته الطامحة في الحرية والعدالة والمساواة والسلام.
كلمة أخيرة حب الأوطان ليس في تنفيذ الإنقلابات العسكرية وشن الحروب على البسطاء والفقراء والمهمشين... حب الوطن يتجسد في إحترام إرادة الشعب.. مثل إحترام الجيش الأمريكي، الذي يعتبر أقوى جيش في العالم اليوم، لكنه يحترم شعبه التي أتت بدونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة