في قصة طوفان نوح، التي وردت في الكتب المقدسة، نجد مثالًا قويًا عن الدمار الذي يسببه الطغيان والفساد، وكيف أن العهد الجديد يأتي بعد العاصفة ليبشر ببداية جديدة. اليوم، يمكننا أن نرى تشابهاً بين تلك القصة القديمة وما يعيشه السودان من أزمات بسبب مليشيا الدعم السريع وحربها التي ألحقت الدمار بالبلاد، وكيف أن المستقبل يتطلب عهدًا جديدًا قائمًا على العمل والوحدة والتعايش.
طوفان الدعم السريع: دمار وخراب
مليشيا الدعم السريع، مثل طوفان نوح، جاءت لتجتاح السودان بكل ما تحمله من قوة مدمرة. حربها لم تفرق بين مدني وعسكري، بين بيت ومدرسة، بين مزرعة ومصنع. لقد تركت وراءها دمارًا واسعًا، وأزهقت أرواحًا بريئة، وشردت آلاف العائلات. الجيش السوداني، المستنفرون، الأمن، والشرطة، كلهم وقفوا في وجه هذا الطوفان، لكن الخسائر كانت جسيمة. لقد كانت حربًا لا تبقي ولا تذر، تمامًا كما كان الطوفان الذي أغرق الأرض وأزال كل شيء في طريقه.
لكن الطوفان، رغم قسوته، كان بداية لنهاية عهد الفساد والظلم. وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال: هل يمكن أن تكون هذه الأزمة بداية لعهد جديد في السودان؟
العهد الجديد: العمل والوحدة والتعايش
ما بعد الطوفان، تظهر الأرض الخصبة، الجاهزة لاستقبال بذور جديدة. السودان اليوم يحتاج إلى عهد جديد، عهد يقوم على أسس صلبة من العمل الجاد، الوحدة الوطنية، والتعايش السلمي. لا مكان في هذا العهد للجهوية أو القبلية، فالسودان يجب أن يكون أولًا وقبل كل شيء.
1. العمل والنجاح: لا بد من أن يعي السودانيون أن المستقبل لن يُبنى إلا بالعمل الجاد والإنتاج. يجب تشجيع روح العمل والإبداع، ودعم المشاريع الصغيرة والكبيرة التي تسهم في بناء الاقتصاد. النجاح لن يأتي بين ليلة وضحاها، لكنه سيأتي بالتأكيد إذا ما توحدت الجهود.
2. الوحدة الوطنية: السودان بلد متنوع بثقافاته وأعراقه، وهذا التنوع يجب أن يكون مصدر قوة، لا ضعف. الوحدة الوطنية تعني أن نعمل معًا كشعب واحد، ننسى خلافاتنا ونتحد لبناء مستقبل أفضل. الجهوية والقبلية يجب أن تُنبذ، لأنها لن تؤدي إلا إلى مزيد من التفرقة.
3. التعايش في إخوة: التعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب السوداني هو الأساس الذي يجب أن يُبنى عليه العهد الجديد. يجب أن نتعلم كيف نعيش معًا في إخوة، نحترم بعضنا البعض، ونساعد بعضنا البعض. السودان للجميع، والجميع للسودان.
4. الذكاء والإنتاج: العهد الجديد يتطلب ذكاءً في إدارة الموارد، وتشجيعًا على الإنتاج. يجب أن نستثمر في التعليم، التكنولوجيا، والصناعة، حتى نتمكن من بناء اقتصاد قوي ومستقر. الإنتاج هو الطريق الوحيد لتحقيق الاكتفاء الذاتي والاستقلال الاقتصادي.
الخلاصة: السودان أولًا
السودان اليوم على مفترق طرق. إما أن نستمر في دوامة العنف والدمار، أو نختار طريق العهد الجديد، طريق العمل والوحدة والتعايش. الطوفان الذي أحدثته مليشيا الدعم السريع يجب أن يكون درسًا لنا جميعًا، درسًا عن ضرورة التغيير وبناء مستقبل أفضل.
السودان أولًا، هذا يجب أن يكون شعارنا. لا بد من أن نعمل بجد وذكاء، وأن نتحد كشعب واحد، حتى نتمكن من تجاوز هذه الأزمة وبناء عهد جديد، عهد يكون فيه السودان وطنًا للجميع، وطنًا يسوده السلام والازدهار.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة