في عالم الإعلام المُعاصر، حيث المنافسة شرسة والأخبار تتطاير كالفراشات، بزغ نجمٌ فريدٌ من نوعه: مراسل قناة "العدس" الفضائية. هذا المراسل، الذي لم يُذكر اسمه خوفًا من لعنة جماعية من الصحفيين الحقيقيين، كان مُرشحًا لجائزة "مُفبرِك الأخبار المُحترِف" عن جدارة. لم تكن قناته مجرد وسيلة إعلامية، بل تحولت إلى تحفة فنية من العبث، تُدرّس في أكاديميات الكذب والإشاعات. وصلت عبقرية مراسلنا إلى الذروة عندما نفد مخزون الأكاذيب في قسم "الإعلام الحربي". بعد أن استنفدوا جميع الأرقام من واحد إلى بليون في تعداد الموتى والجرحى والعتاد المُدمّر (بزيادة بسيطة في كل تقرير، طبعًا)، وجد المراسل نفسه أمام حائط سد من الواقع. لا مزيد من الخيال! لا مزيد من الأكاذيب المُنمّقة! ماذا يفعل؟ هنا، لمعت في ذهنه فكرة شيطانية (أو عبقرية، حسب وجهة النظر). قرر استئجار مجموعة من الشيوخ المُسنين، الذين بدت عليهم علامات الجوع والفاقة أكثر من علامات البطولة والشجاعة. لم يكن لديهم أي مظهر يوحي بأنهم مُقاتلون، بل كانوا أقرب إلى مجموعة من المُنتظرين لدورهم في الحصول على وجبة طعام مجانية. قام المراسل بربط الشيوخ بالحبال، وأجلسهم على الأرض في وضعٍ يُرثى له. ثم، فتح الكاميرا وبدأ تقريره "الحصري" على الهواء. بينما الشيوخ ينظرون إلى الأرض بعيونٍ خاوية، يتحدث المراسل بحماسٍ مُصطنع عن "الانتصارات الساحقة" و"الأسرى الذين هزمهم الأبطال". كان يُشير إليهم بفخر، بينما المشاهد يُفكّر: "هؤلاء أسرى؟ أم مجموعة من المُشردين يبحثون عن مأوى؟". المشهد كان كوميديًا بامتياز: شيوخ هزيلون مُكبّلون بالحبال، ومراسل يتحدث عن بطولاتهم الخارقة! لكن المفاجأة الكبرى كانت فوزه بجائزة "أفضل تقرير مُفبرَك"! لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تبنت إحدى شركات الإنتاج تقريره لتحويله إلى فيلم سينمائي كوميدي! يا لها من مهزلة!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة