لا شك وفي يقين كامل لدّيا أن الرؤية التي وضعها الزعيم الراحل د.جون قرنق المُتمثلة في رؤية السُودان الجديّد هي الرؤية الصحيحة لبلادنا والتي ناضل من أجلها د.جون والحركة الشعبية غض النظر عن "الأصوات" التي حاولت جرف هذه الرؤية بعيداً عن مسارها الطبيعي في سُودان موحد علماني ديمُقراطي يقوم علي أُسس المواطنة الكاملة والمتساوية والهوية السُودانية الجامعة والتي تعترف بكل الهويات المُتعددة وتتبني الحكم المدني الديمُقراطي الفدرالي وحق كافة الأقاليم في التنمية المتوازنة والقسمة العادلة للسُلطة والثورة في السُودان ، ويتم وفق هذه الرؤية رفع الظُلم عن كافة الأقاليم التي عانت التهميش والظلم الإجتماعي والإقتصادي والسياسِي ، وأن يُفك الإحتكار التاريخي للسُلطة والثروة الذي أخذ به المركز والوسط الشمالي النيلي طوال فترة السُودان الحديث. تلك هي رؤية السُودان الجديد في شكلها المُبسط وفي جوهرها. حيث لايعلو فيها أثنية أو عرق أو قبيلة ولادين ولا لغة ، وأن يتعايش جميّع السُودانين علي أساس المساواة الكاملة في الحقوق وتُكرس فيه قيّم العدالة والحريات ، وبنص الدستور الذي يحمي تلك الحقوق ولايُفرق بين بنات وأبناء الوطن الواحد. كُل الصراعات والحروب في السُودان مابعد نيّل الإستقلال نتجت لوجود هذه الإختلالات ، وعدم التوصل لحلول مُستدامة وصحيحة لشكل الدولة السُودانية في ظل التنوع والتعدد الكبير فيها. ونتج للأسف جراء كُل هذا الإختلال التاريخي المُتعاقب والمُستمر أزمة عميّقة ، لم تؤدي لأي إستقرار سياسِي وإجتماعي ، وخلقت فوارق واضحة ، ومع التعامل الخاطئ للدولة المركزية والحكومات المُتعاقبة لمحاولات الحلول لتلك المُشكلات ، زادت الأزمة وتعمّقت ، وتحولت بفعل السياسات المُختلة والخاطئة إلي مراحل بعيدة في السوء ، بل ولتقسيّم السُودان نفسه ، نتيجة للإصرار في المُضي في طريق لايوحد الدولة ولا يعطي كافة مواطنيها كافة الحقوق وبالتساوي ، وإختطاف الدولة بكاملها لصالح ثقافة عربية وإسلامية ، وتركيزها علي مكونات إثنية مُحددة واقاليم ظلت تُسيطر علي السُلطة والثروة والتنمية في البلاد ، وساهمت كل الانظمة السابقة في هذا ، العسكرية والمدنية ، مع إستئثار نظام الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بالنصيب الأكبر في تعميّق مُشكلات وكوارث البلاد ، بمنهجهم الأقصائي الأيدولجي الشمولي و مشروعهم السياسي ونموذج الدولة الدينية والتي ببساطة لاتصلح لدولة بتنوع وتعدد السُودان ، وتحول عهدهم لأكثر العهود إبادة للشعب السُوداني وقمع وقتل ، برغم أن عنف الدولة وحروب الإبادة لم تبدأ في عهدهم ولكن كانت إمتداد لعنف الدولة وجيشها ضد السُودانيين خاصة في الجنوب وبعدها في دارفور ثم انتقل لجنوب كردفان وجبال النوبة والنيل الازرق وشرق السُودان ، اي معظم اطرافه والهامش فيه. بالوصول للحرب الحالية التي تفجرت في ١٥ ابريل ٢٠٢٣ بين الجيش والقوات والحركات المتحالفة معه ومليشيا الدعم السريع ، وصلت بلادنا إلي مستوي غير مسبوق من حيث تمدد رقعة الحرب ، ووصولها لاول مرة إلي مركز البلاد ، وكذلك وصلت البلاد إلي أقصي درجات الإستقطاب والإصطفافات القبلية والإثنية والجهوية ، والأنقسام الكبير بين مكونات الشعب السُوداني بين طرفيها ، وإنتشار غير مسبوق كذلك في طريقة العنف والفوضي وتفشي خطاب الكراهية ، وسيادة روح الإنتقام والأحقاد الناتجة عن الحرب والتي تراكمت جراء كُل الصراع والقتل والإنتهاكات ، مقرونة بالغبن الكبير ، ولعبت عوامل أخري داخلية وخارجية في زيادة حدة مايجري. في ظل كل هذا الذي يحدث ظلت تخرج أصوات من داخل مربع رؤية السُودان الجديد نفسها القائم علي بسط الطُمأنينة والعدالة والمساواة والوحدة والتعايش السّلمي في وطن يسع الجميّع ، و تبني هذه الأصوات لخطاب الكراهية نفسه ، وعلو الصوت الإثني وركوب موجة القبليّة والجهوية ، وهي ذات اللغة المُقسمة والبالغة السوء والكريهة التي ظلت حكراً للمجموعات الإقصائية الايدولوجية داخل مُربع السُودان القديّم ، وحتي إن قال قائل أن هذا رد فعل طبيعي لما تفعله مجموعات السُودان القديم في أقبح صوره العنصرية والإقصائية والمُتسلطة ، فلايمكن باي حال من الأحوال مساواة رؤية السودان الجديد ، بصديد وقيّح وخطائا دولة السودان القديم سياسات ونُخب ؟؟ ، إن محاولات الجر المُستمرة من البعض للأسف و بعض المُتشدقين برؤية السُودان الجديد وإستغلال الحرب الحالية لفرض نموذج لا يتفق مع رؤية السُودان الجديد ، بل هي صورة طبق الأصل من السُودان القديم بكل سؤاته ، لايمكن أن يكون الحقد والأنتقام وخطاب الكراهية والإثنية والإنكفائية الجهوية هي بديل لرؤية جامعة وبناءة وليست تدميرية وتخريبية وليست منكفئة و لا منعزلة ، بل منفتحة وتصنع وتناضل من أجل الحوار واللغة المُشتركة والتعايش السلمي والوحدة وفق ذات الرؤية الجامعة هذه ، ونقولها بوضوح مثل تفشي هذا الخطاب المُختل والعنيف والمُتطرف لايخدم إلا الأصوات التقسيّمية والأنفصالية في السُودان ، ولايخدّم إلا أعداء البلاد وأعداء الوحدة والسلام وأعداء رؤية السُودان الجديد الحقيقية والتي ضحي لأجلها ملايين السُودانين. لن نحل مُشكلات بلادنا ولن تتوقف الحروب فيها ولن تتوحد إذا ما أستمرت الأحقاد وسادت روح الإنتقام و تواصل النزيف الإجتماعي وكل هذه الكراهية والإنقسامات الإثنية والجهوية ، وإذا كان العقل في السُودان القديم مُختلاً وضالاً لاينبغي أن يكون العقل في السُودان الجديد ورؤيته مُشوهاً وعليه أن يكون مُتزناً صحيحاً وسليماً!.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة