إذا كان البنك المركزي غير مستقل ويتبع لدولة استبدادية انقلابية لصوصية ولا يوجد برلمان يراقب، فإن ذلك يُشكّل بالفعل خطراً كبيراً ويُمكن اعتباره نوعاً من احتكار النقد الذي يُفتح الباب على مصراعيه للفساد. إليك تفصيل ذلك: لماذا يُعتبر ذلك احتكاراً للنقد؟ غياب الاستقلالية: استقلالية البنك المركزي تعني قدرته على اتخاذ قراراته النقدية بمعزل عن تدخل الحكومة أو أي جهة سياسية أخرى. عندما يكون البنك المركزي تابعاً للدولة الاستبدادية، فإنه يُصبح أداة في يد السلطة التنفيذية، تُستخدم لتحقيق مصالحها السياسية والاقتصادية الضيقة. السيطرة الكاملة على السياسة النقدية: في هذه الحالة، تُسيطر الدولة بشكل كامل على إصدار النقد وتحديد أسعار الفائدة وإدارة الاحتياطيات النقدية، دون أي رقابة أو مساءلة. هذا يُعطيها قوة هائلة في التأثير على الاقتصاد وتوجيهه بالشكل الذي يخدم مصالحها. عدم وجود رقابة: غياب البرلمان أو أي هيئة رقابية مستقلة يُؤدي إلى عدم وجود أي مساءلة للبنك المركزي أو الحكومة عن قراراتها النقدية. هذا يُشجع على التلاعب بالسياسة النقدية واستغلالها لتحقيق مكاسب شخصية أو سياسية. كيف يُصبح ذلك منفذاً للفساد؟ تمويل المشاريع الوهمية: يُمكن للحكومة الاستبدادية استخدام البنك المركزي لتمويل مشاريع وهمية أو غير مُجدية اقتصادياً، بهدف اختلاس الأموال أو توزيعها على المقربين. التلاعب بسعر الصرف: يُمكن للحكومة التلاعب بسعر صرف العملة الوطنية لتحقيق مكاسب شخصية أو لخدمة مصالح فئة معينة، على حساب الاقتصاد الوطني والمواطنين. إقراض المقربين بشروط مُيسرة: يُمكن للبنك المركزي، تحت سيطرة الحكومة، إقراض المقربين من السلطة بشروط مُيسرة أو بدون ضمانات، مما يُشكل نوعاً من الفساد المالي. إصدار النقد بدون ضوابط: يُمكن للحكومة إصدار كميات كبيرة من النقد !!! استقلالية البنك المركزي ضرورية لضمان استقرار الاقتصاد ونموه. تدخل النظام الاستبدادي في عمل البنك، وتحديد سقف للسحب اليومي، يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام المالي، وتدهور قيمة العملة، وهروب رؤوس الأموال، وتفاقم المشاكل الاقتصادية. يجب على الدول أن تضمن استقلالية بنوكها المركزية، وأن تضع سياسات نقدية ومالية رشيدة، لضمان مستقبل اقتصادي أفضل. وضع سقف للسحب اليومي قد يُثير تساؤلات حول مدى توافقه مع مبدأ "الدفع عند الطلب" وحقوق العملاء في سحب ودائعهم. يجب أن تكون هذه القيود مُبررة ومناسبة ومتوازنة، وأن تُراعى فيها حقوق العملاء والتزامات البنك. من المهم أيضًا أن يكون هناك شفافية ووضوح في شروط العقد بين العميل والبنك فيما يتعلق بهذا الأمر. الاحتكار: يُحرّم الاحتكار في الشريعة الإسلامية، وهو حبس السلع أو الأموال عن التداول بهدف رفع سعرها. يرى البعض أن تحديد سقف للسحب قد يُعتبر نوعًا من الاحتكار من قبل البنوك، حيث يُمنع العملاء من التصرف الكامل في أموالهم. النقد كسلعة: الأصل في النقد أنه وسيلة للتبادل وليس سلعة تُباع وتُشترى. يرى البعض أن تحديد سقف للسحب قد يُحوّل النقد إلى سلعة تخضع لقواعد العرض والطلب، مما يُخالف مبادئ الشريعة. ، في ظل غياب الشفافية وفي الأنظمة الاستبدادية، يصبح تحديد سقف للسحب اليومي أكثر إشكالية من المنظور الإسلامي، حيث يتعارض مع مبدأ أساسي وهو "كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم". هذا المبدأ القرآني يشير إلى ضرورة تداول المال وعدم احتكاره من قبل فئة قليلة، سواء كانت الدولة أو الأفراد. غياب المسوغات الشرعية: في الأنظمة الشفافة، يتم تبرير الإجراءات الاقتصادية، بما في ذلك تحديد سقف السحب، بموجب دراسات وحجج مقنعة، مع مراعاة المصلحة العامة. أما في الأنظمة غير الشفافة، فقد يُستخدم هذا الإجراء لأغراض أخرى، مثل السيطرة على الأموال أو خدمة مصالح فئة معينة، مما يُفقده المسوغ الشرعي. زيادة احتمالية الاحتكار: في الأنظمة الاستبدادية، قد تستغل السلطة هذا الإجراء للتحكم في حركة الأموال وتوجيهها نحو مصالحها أو مصالح المقربين منها، مما يُرسخ الاحتكار ويُخالف مبدأ التداول العادل للمال. تضييق الخناق على الطبقات الفقيرة والمتوسطة: قد يُؤدي تحديد سقف السحب، في ظل غياب العدالة والشفافية، إلى تضييق الخناق على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، بينما يتمتع الأغنياء والنخبة المتنفذة بامتيازات خاصة تُمكنهم من تجاوز هذه القيود، مما يُزيد من التفاوت الطبقي ويُخالف مقاصد الشريعة.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة