في زمنٍ سادت فيه الفوضى أروقة المؤسسة العسكرية، وتكاثرت الألوية بأسماء غريبة لا تمت للواقع بصلة، من "لواء خور" إلى "لواء خلا" مروراً بـ "لواء حركات" لواء اورطة"وصولاً إلى "لواء تيتل"، ظهر لواءٌ أشد غرابةً منهم جميعاً، ألا وهو "لواء شفشفة". كان "لواء شفشفة" أشبه بظلٍ مُتردد، تارةً يُحسب على الجيش النظامي، وتارةً يُلحق بـ "الهدم السريع"، وذلك بحسب مُقتضيات الموقف وسير العمليات. فإذا ما اشتدّ وطيس المعركة، اختفى أثره كلياً، وإذا ما وضعت الحرب أوزارها، عاد ليظهر مُدعياً المشاركة في النصر. كان "جلحة"، وهو أحد قادة "الهدم السريع"، صاحب فكرة "تنظيم" هذا اللواء العجيب. لكنّ طبيعة "قوات الشفشفة" كانت عصية على أي تنظيم، فهم كالرخم ينتظرون ما يسقط من فريسة القناصة، لا يُشاركون في الصيد مُباشرةً بل يقتاتون على البقايا. في إحدى المعارك الوهمية التي دارت رحاها بين "لواء خلا" و "لواء حركات"، ظهر "لواء شفشفة" فجأةً بعد انتهاء المعركة. تقدّم قائدهم، وهو شخصٌ مُبهم الهوية يرتدي رتبةً لا يُعرف مصدرها، مُعلناً "انتصار" لوائه الباهر. لم يُصدّقه أحد، لكنّ أحداً لم يُكذّبه أيضاً، ففي زمن الفوضى، كان كل شيءٍ مُباحاً. انتشرت حكايات "لواء شفشفة" بين الجنود كالنار في الهشيم، وأصبح رمزاً للفوضى والعبثية. كلّما أراد جنديٌ أن يسخر من وضعٍ ما، قال: "هذا مثل لواء شفشفة". وهكذا، خُلّد اسم "لواء شفشفة" في ذاكرة الجيش كشاهدٍ على زمنٍ غريب، زمنٍ اختلط فيه الجد بالهزل، والحقيقة بالوهم!!!
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
الأمين مصطفى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست