إن تسليح المدنيين والجماعات العرقية في السودان لا يمكن أبدا أن يضع حدا لأي حرب. على سبيل المثال، في عام 2003، وسط صعود المتمردين في دارفور ضد حكومة الإخوان المسلمين بقيادة حزب المؤتمر الوطني الإسلامي ورئاسة البشير، بسبب المظالم التاريخية والمنهجية ضد الأمة الدارفورية. قام البشير بتسليح ما يسمى بالعرب، المعروفين باسم الجنجويد، ضد حركات التمرد غير العربية مما أثار صراعا دام قرابة ال 20 عاما في دارفور.
أدى تسليح المدنيين (الجنجويد) جنبا إلى جنب مع القصف الجوي العشوائي للقوات المسلحة الإسلامية (IAF) في دارفور إلى التطهير العرقي وحرب الإبادة الجماعية التي أدت إلى مقتل 300000 )ثلاثمائة الف) من سكان دارفور ، وأكثر من 2 مليون نازح داخليا وما يقرب من مليون لجأوا الي خارج السودان. الأهم من ذلك ، تم إضفاء الطابع الرسمي على تسليح المجموعة العرقية (الجنجويد) من قبل حكومة المؤتمر الوطني الإسلامي في البشير في عام 2017 ، عندما أقر برلمانها قانون قوات الدعم السريع، مما جعلها قوة أمنية مستقلة تابعة للقوات المسلحة، وفقا للقانون، الذي ينص على أن "قوات الدعم السريع قوة عسكرية وطنية تلتزم بالمبادئ العامة للقوات المسلحة السودانية". في 15 أبريل 2023 ، بدأت الحرب الحالية بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة الإسلامية التي بناها البشير بعد انقلابه العسكري في يونيو 1989. مثال آخر هو تسليح قبيلة المسيرية والقبائل الأخرى في جنوب كردفان لم يهزم الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة الراحل جون قرنق في ثمانينيات القرن العشرين وطوال تسعينيات القرن العشرين. وكانت النتيجة مقتل مليوني شخص خلال تلك الحرب 1983-2005.
ومن الجدير بالذكر أنه في 24 أبريل 1990 (28 رمضان) قتل البشير في انقلاب الجبهة الإسلامية القومية آنذاك عام 1989 عدد 28 ضابطا من الجيش السوداني إيذانا منه بنهاية القوات المسلحة السودانية (SAF)وزرع بذور تأسيس القوات المسلحة الإسلامية الحالية التي يسيطر عليها حزب المؤتمر الوطني الإسلامي وبقيادة البرهان.
إن تسليح المدنيين في السودان اليوم من قبل القوات المسلحة الإسلامية ضد قوات الدعم السريع هو استراتيجية معقدة للغاية ومحفوفة بالمخاطر. فيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي يجب مراعاتها:
1. تصعيد العنف: يمكن أن يؤدي تسليح المدنيين إلى تصعيد العنف وزيادة زعزعة استقرار المنطقة. قد لا يكون المدنيون الذين تلقوا تدريبا عسكريا ضئيلا أو معدوما فعالين في القتال وقد يعانون من خسائر كبيرة. 2. الأثر الإنساني: تسبب النزاع الحالي بالفعل في معاناة كبيرة للمدنيين، حيث قتل أكثر من 24,000 شخص ونزح 8.16 مليون شخص ولجأ 2.9 مليون شخص إلى بلدان أخرى. إن إدخال المزيد من الأسلحة في أيدي المدنيين يمكن أن يؤدي إلى تفاقم هذه الأزمة الإنسانية. 3. التوترات العرقية والاجتماعية: يمكن أن يؤدي تجنيد المدنيين، ولا سيما من مجموعات عرقية محددة، إلى تعميق التوترات العرقية والاجتماعية القائمة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى انقسامات مجتمعية طويلة الأجل ويجعل المصالحة في مرحلة ما بعد الصراع أكثر صعوبة. 4. انتهاكات القانون الدولي: اتهم كل من سلاح الجو الإسرائيلي وقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الهجمات على المدنيين. وقد يؤدي تسليح المدنيين إلى زيادة احتمال وقوع مثل هذه الانتهاكات وتعقيد الجهود الرامية إلى محاسبة الجناة. 5. الفعالية: في حين أن بعض المدنيين قد يكون لديهم الدافع للدفاع عن مجتمعاتهم، فإن الفعالية العامة لمثل هذه الاستراتيجية مشكوك فيها. قوات الدعم السريع هي مجموعة شبه عسكرية جيدة التسليح والتنظيم، وقد لا يتمكن المقاتلون المدنيون من مضاهاة قدراتهم. وبالنظر إلى هذه العوامل، من المرجح أن يؤدي تسليح المدنيين إلى تفاقم الوضع بدلا من تحقيق نصر حاسم. ومن الأهمية بمكان البحث عن حلول دبلوماسية وإنسانية لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع وحماية المدنيين.
المراجع:
Understanding the Darfur Genocide: A Comprehensive Overview - Genos Center Foundation قوات الدعم السريع في السودان | الموسوعة | الجزيرة نت Second Sudanese Civil War (1983-2005) Sudan’s civilians pick up arms, as RSF gains and army stumbles | Conflict News | Al Jazeera UN official calls for more attention to Sudan’s 'forgotten' war amid fresh atrocities - ABC News Sudan | Situation Reports Sudan: Constant flow of arms fueling relentless civilian suffering in conflict – new investigation - Amnesty International Sudan’s civilians pick up arms, as RSF gains and army stumbles | Conflict News | Al Jazeera Sudan’s civilians pick up arms, as RSF gains and army stumbles | Conflict News | Al Jazeera Sudan's conflict: Who is backing the rival commanders؟ | Reuters
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة