أفادت مصادر محلية، امس السبت عن عودة وزير الداخلية مدير عام قوات الشرطة السابق عنان حامد الى السودان حيث وصل الى مدينة بورتسودان . وكان وزير الداخلية مدير عام قوات الشرطة السابق عنان حامد قد غادر السودان منذ اندلاع الحرب في البلاد بمنتصف أبريل/ نيسان 2023 بين الجيش السوداني و”الدعم السريع” .! في صباح يومٍ قائظ، بينما كان مدير الشرطة يُرتّب ربطة عنقه أمام المرآة، سمع دويّ انفجارٍ بعيد. لم يكد يُتم عقدة الربطة حتى تبعه انفجارٌ آخر أقرب. عندها، تذكّر فجأةً أنه نسيَ موقد الغاز في المنزل مُشتعلاً، وأن عليه الإسراع قبل أن يحترق كل شيء. لم يكترث المدير لإبلاغ أحد، بل انطلق بأقصى سرعة نحو منزله، ومنه إلى أقرب طريقٍ خروجٍ من المدينة، ثم من البلاد بأكملها. وهكذا، وبطريقةٍ ما، تحوّل "الهروب التكتيكي لحفظ الذات" إلى سياسةٍ مُعتمدة لدى جهاز الشرطة بأكمله. اختفى رجال الشرطة كما يختفي الندى عند شروق الشمس. لم يعُد أحدٌ يرى سيارات الشرطة تجوب الشوارع، ولا رجال الأمن يُنظّمون حركة المرور. أصبح الشعار الجديد هو "كل مواطن شرطي نفسه". انتشرت الفوضى في المدينة. اللصوص وجدوا الفرصة سانحةً للسطو على المتاجر والمنازل. قطّاع الطرق انتشروا في الشوارع، ينهبون المارّة دون حسيبٍ أو رقيب. حتى البنوك لم تسلم من السرقة، فقد تحوّلت إلى "بنوك مفتوحة للجمهور على مدار الساعة". أما مرافق الدولة، فقد أصبحت مُهملةً تمامًا. السجلات والمحفوظات تُركت عرضةً للتلف والضياع. لم يعُد أحدٌ يهتم بحراسة المباني الحكومية، فقد أصبحت خاويةً على عروشها. في مناطق سيطرة البرهان، الوضع لم يكن أفضل حالًا. الشرطة اختفت تمامًا، وكأنّها لم تكُن موجودةً من الأساس. الجيش تولّى زمام الأمور، لكنّه كان مُنشغلًا بالقتال، ولم يكُن لديه الوقت أو الموارد للقيام بمهام الشرطة. بعد فترةٍ من الفوضى العارمة، بدأت بعضُ الأصوات تعلو مُطالبةً بعودة الشرطة. لكنّ الشرطة لم تكُن مُستعدةً للعودة إلّا بشروطها الخاصة. فقد اشترطت توفير "حوافز مُجزية" و"امتيازات خاصة" لأفرادها، تمامًا كما يحصل عليه الجنود من "الشفشفة" في الطرقات والامتيازات الأخرى. وهكذا، عادت الشرطة إلى العمل، لكن ليس لحماية المواطنين، بل لجني "الامتيازات" و"الحوافز". أصبح همّ الشرطة مُنصبًّا على جمع المال، وليس على حفظ الأمن والنظام.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة