الادعاء بأن الحركات المتطرفة المُنتسبة للإسلام هي مجرد "حركات إصلاح ديني" يُعد تبسيطًا مُخلاً. من الأدق وصفها بأنها حركات ذات طبيعة سياسية دينية أو دينية سياسية. هذا الوصف يعكس بدقة تعقيداتها وأبعادها المُتعددة. مفهوم الإسلام الشامل: الإسلام في جوهره هو "السلم المجتمعي"، وهذا يتفق مع معانيه اللغوية والشرعية. فالإسلام يعني الاستسلام لله، والسلام، والأمان. وتؤكد النصوص القرآنية والأحاديث النبوية هذا المعنى، منها: {ادخلوا في السلم كافة} (البقرة: 208): هذه الآية دعوة صريحة للسلام الشامل على جميع المستويات، الفردية والمجتمعية والدولية. "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده": هذا الحديث النبوي يربط الإسلام بالأفعال والأخلاق الحميدة التي تحفظ سلامة المجتمع. خطبة الوداع: كانت رسالة الإسلام الخالدة للناس كافة، حيث أكد النبي ﷺ على حرمة الدماء والأموال. {ورضيت لكم الإسلام دينًا} (المائدة: 3): هذه الآية تُظهر أن الإسلام هو الدين الكامل الشامل لجميع جوانب الحياة. الفرق بين الإسلام والإيمان: من الضروري التمييز بين الإسلام كدين وقانون يُنظم العلاقات بين الناس، والإيمان كعلاقة شخصية بين العبد وربه. الإسلام: هو الظاهر من الدين، وهو ما يحكم به الشرع على أفعال الناس الظاهرة. الإيمان: هو الباطن من الدين، وهو التصديق القلبي الذي لا يعلمه إلا الله. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [ البقرة: 277] وتؤكد آيات قرآنية على حرية الاعتقاد، مثل: {من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} (الكهف: 29): تُثبت هذه الآية حرية الاختيار في الدين. {لست عليهم بمسيطر} (الغاشية: 22): تُبين هذه الآية أن وظيفة الرسول ﷺ هي البلاغ وليس الإكراه على الإيمان. رفض القتل بسبب العقائد: يُرفض بشدة قتل الناس بسبب أفكارهم ومعتقداتهم، ويُعتبر ذلك خروجًا عن مبدأ السلم في الإسلام وإساءة فهم للإيمان. القتال في الإسلام مشروع فقط ضد من يعتدي على المجتمع وأمنه، أي "المجرمين الذين خرجوا على السلام الذي هو الإسلام". الاستشهاد بفعل الإمام علي: يُستشهد بحكمة الإمام علي رضي الله عنه في التعامل مع مانعي الزكاة والخوارج: مانعو الزكاة: لم يقاتلهم الإمام علي لأنهم لم يخرجوا عن الجماعة ولم يحملوا السلاح. الخوارج: قاتلهم الإمام علي بسبب تكفيرهم للمسلمين وخروجهم بالسلاح على الدولة. وهذا يُشبه ما تفعله بعض الجماعات المتطرفة ، "إنَّ منكم مَن يُقاتِلُ على تَأْويلِه، كما قاتَلتُ على تَنزيلِه"، قال: فقام أبو بكْرٍ، وعمرُ فقال: "لا، ولكنَّه خاصِفُ النَّعلِ"، وعليٌّ يَخصِفُ نَعلَه الخلاصة: يُقدم هذا الفهم للإسلام كدين سلام وعدل، ويُبين خطورة استخدام الدين لتبرير العنف والقتل. من المهم التأكيد على: التسامح الديني: الإسلام يحترم حرية الاعتقاد ولا يُجبر أحدًا على الدخول فيه. حرمة الدماء: الأصل في الإسلام هو حفظ الدماء، ولا يجوز القتال إلا في حالات الضرورة القصوى للدفاع عن النفس والمجتمع. الاعتدال والوسطية: الإسلام دين الوسطية والاعتدال، ويرفض الغلو والتطرف بكل أشكاله. إذًا، هذه الحركات المتطرفة هي حركات سياسية ذات غلاف ديني، تعتمد فهمًا خاطئًا للإسلام، وتخالف حتى سُنن الله في الكون بنشر الأحادية والديكتاتورية والشمولية التي تمارس الإجرام وتنتهك السلم المجتمعي محليًا ودوليًا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة