بعد سنوات من الظلم والظلام، حان الوقت لإنهاء حالة الإستلاب التي عاشها السودان. آن الأوان أن يعود السودان إلى أهله الحقيقيين، أولئك الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم لتحريره من براثن الغزاة. أبناء التراب الغالي الذين ضحوا بأغلى ثمن في حياتهم ووقفوا كالجبال في وجه الحكم التركي والإستعمار الإنجليزي المصري، قدموا تضحيات جسام لتأسيس حلم الإستقلال والحرية. لقد آن الأوان لأن يستعيد السودان عافيته من بين أنياب الأقلية الظالمة الفاسدة، لصالح الأغلبية المهمشة التي غُيبت عن المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي والإعلامي منذ الإستقلال. كل ما شهدناه هو مسرحيات إنتخابية مضروبة، وتحايل على القانون، ووسائل ملتوية تعيد في كل مرة إنتاج الإستبداد والفساد والظلم، بينما الشعب المسكين ضائع في دوامة من المعاناة لا نهاية لها. وفي كثير من الأحيان، كانت الإنقلابات العسكرية هي الحيلة الأكثر شيوعاً، يقودها أشخاص فاسدون، كل همهم الإستحواذ على السلطة والثروة والجاه، وكأنما السودان ملك لهم، أو مُقدّر له أن يبقى رهيناً لنزواتهم ونزعاتهم العنصرية والجهوية. الحرب التي نشهدها اليوم ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي معركة لإستئصال كل العفن والفساد الذي نخر في جسد الوطن وروحه، وأشعل الحريق في ما تبقى منه، رافعاً شعار "إما نحن في السلطة، أو أن ندمر السودان!" هؤلاء القوم لا رجاء من ورائهم. إننا بحاجة إلى بذل الجهود للتخلص من هؤلاء الخونة والعملاء الذين يضعون المتاريس والعراقيل أمام السلام الذي يُحقق بناء دولة مدنية حقيقية، دولة تُعيد الإعتبار لكل من ساهم في مسيرة النضال والإنتاج، نضح العرق في حقول الزراعة أو أرهقهم التعب والمشي في الفلوات البعيدة وراء ماشيته للحصول على الماء والكلأ. مرت أكثر من ست عقود وأكثر على إستقلال السودان، والمعاناة كل يوم تتفاقم. والخونة والعملاء والإنتهازيين يقولون: "بل بس"، تعرفون لماذا؟ لأنهم يخشون من السلام والإستقرار السياسي الذي يستعيد فيه الشعب السوداني حريته وكرامته. هؤلاء، باسم الكرامة المستباحة في قارعة الطريق، يصرون على مواصلة عبثهم بهدف وضع العراقيل والمتاريس في وجه التحول المدني الديمقراطي الذي يُشرعن الحكم عبر إرادة الشعب السوداني، الأمر الذي دفعهم إلى إشعال نار الحرب الملعونة. يجب أن لا نسمح بتكرار الأخطاء. السودان يستحق أملاً جديداً، ويستحق أن يُبنى بيد أبنائه المخلصين الذين ظلوا يحملون شعلة الحرية في قلوبهم منذ أن جاء نظام الإنقاذ المجرم وحاشيته الفاسدة للسلطة على ظهر الدبابة في عام 1989م وليس عبر صناديق الإنتخابات الحرة، وفعلها مرة أخرى الخائن العميل البرهان في عام 2021م الذي إنقلب على حكومة الثورة ومزق الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية. كل تجارب الماضي أكدت بما لا يدع مجالًا للشك أن الأقلية الفاسدة المسيطرة على الجيش المختطف لن تسمح بإقامة نظام ديمقراطي في السودان، لأنها ستخسر، حيث تعاني من الخواء الفكري المقترن بالسقوط الأخلاقي، مما جعلها تراهن على الفساد والإستبداد والظلم. فلنجعل من هذه اللحظة نقطة إنطلاق جديدة نحو مستقبل مشرق تتحرر فيه إرادة الشعب السوداني، وتعود الحقوق لأصحابها، ويُعاد بناء الوطن على أسس من الحرية والعدالة والمساواة. لذلك، علينا أن نقاتلهم بالبندقية والقلم كي نجعل صوت الحق يعلو، ونوسع من شرايين الروح ونفتح باب الأمل على مصراعيه من أجل سودان جديد.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة