تعتبر قضية الحرب والسلام من القضايا المحورية التي تواجه السودان في الوقت الراهن. إن الوطن بحاجة ماسة إلى رؤية وطنية خالصة تسعى لتحقيق غايات كبرى تتمثل في النماء والتطور واستدامة السلام. إن الحفاظ على وحدة تراب السودان يتطلب من جميع مكونات المجتمع السياسي تجاوز المصالح الشخصية والتنازل عن المكتسبات الفردية من أجل تحقيق المصلحة الوطنية العليا.
تاريخ السودان مليء بالعثرات والتحديات، وقد أورثت هذه التحديات حالة من الانحطاط القيمي والأخلاقي لدى بعض أصحاب الطموحات الزائفة. على مر سنوات الاستقلال، لم تعمل هذه الفئات بجد من أجل تحقيق الاستقرار والسلام، بل انشغلت بمناقشة أجندات الحرب والسلام بطريقة غير وطنية، مما أدى إلى حلول آنية لم تعالج الجذور الحقيقية للمشكلات. ورغم أن هذه الحلول قد أسكنت الألم في حينها، إلا أنها لم تكن سوى مسكنات لأزمات متجذرة، بينما كانت القوى الظلامية والعملاء يتسللون إلى أعلى قمم الدولة.
إن معركة الكرامة التي يخوضها السودان اليوم ليست مجرد معركة وجودية، بل هي معركة من أجل بقاء كيان الدولة شامخًا رغم كل العثرات. يجب أن نتذكر أن أي خطوة نحو انشطار الوطن ستؤدي إلى استمرار الصراع وتفجير الأزمات، مما سيحرق الجميع دون استثناء. لذا، يجب على جميع المكونات السياسية أن تضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبارات ذاتية أو جهوية أو إثنية.
إن النظر إلى الوطن باعتباره القيمة العليا يتطلب منا جميعًا الالتزام بالضمير الأخلاقي والوطني. يجب أن نتعاون ونتضامن من أجل بناء مستقبل أفضل للسودان، مستقبل يسوده السلام والاستقرار والتنمية. إن الوحدة ليست مجرد شعار، بل هي ضرورة ملحة تفرضها التحديات التي تواجه البلاد. لذا، علينا أن نعمل جميعًا من أجل تفويت الفرصة على أي جهة تسعى للنيل من وحدة السودان.
لقد رسم الشعب السوداني طريقًا للحل، وهو رد الكرامة والتخلص من كافة أشكال الميليشيات لبناء جيش وطني ذو عقيدة وطنية تهدف إلى حماية تراب الوطن وتعزيز قيم الشعب السوداني. إن الدماء التي سالت في سبيل تطهير الوطن من دنس العملاء والقوى الشريرة العالمية، الذين صمتوا بصمت القبور إزاء الانتهاكات في حقوق الإنسان، من قتل وترويع وجرائم ترتقي إلى جرائم حرب وإبادة جماعية. لقد صمتوا عنها لأجل أن تحقق لهم مليشيات الدعم السريع ما تصبو إليه من انتصار على الدولة الوطنية، لضرب القيم والمبادئ السودانية الراسخة وتغيير هوية الشعب تحت لافتات جاذبة تدعو إلى إقامة دولة مدنية.
بعد فشلهم في تحقيق أهدافهم بعد الثورة، خاب ظنهم بصمود ووحدة الشعب مع قواته المسلحة والمشتركة والمقاومة الشعبية. وهذا يؤكد للعالم أن الشعب السوداني هو شعب معلم يقدم دروسًا للعالم حول معنى الوحدة الوطنية.
إن الطريق إلى السلام والاستقرار يتطلب منا جميعًا العمل بروح وطنية خالصة وتحقيق التنازلات اللازمة من أجل وحدة الوطن. فالسودان يستحق منا كل الجهود والتضحيات من أجل بناء غدٍ أفضل للأجيال القادمة. ولكن السلام الذي نطمح إليه يجب أن يعيد للوطن مجده وكرامته بين الأمم دون أن تملأ عليه أي جهة شروطًا سوى إرادة الشعب السوداني.
في النهاية، يجب أن ندرك أن الوحدة الوطنية ليست خيارًا بل ضرورة ملحة في مواجهة التحديات الراهنة. فالسودان بحاجة إلى جهد جماعي وإرادة صادقة من جميع أبنائه لضمان مستقبل آمن ومزدهر للجميع. لنقف جميعًا صفًا واحدًا من أجل وطننا العزيز، ولنصنع معًا تاريخًا جديدًا يعكس تطلعاتنا وآمالنا في السلام والاستقرار والتنمية.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة