الفكرة المركزية المفقودة- كيف ينهض السودان من أزماته السياسية؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 11:54 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-01-2024, 07:48 PM

زهير ابو الزهراء
<aزهير ابو الزهراء
تاريخ التسجيل: 08-23-2021
مجموع المشاركات: 11800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الفكرة المركزية المفقودة- كيف ينهض السودان من أزماته السياسية؟

    06:48 PM December, 01 2024

    سودانيز اون لاين
    زهير ابو الزهراء-السودان
    مكتبتى
    رابط مختصر





    الفكرة المركزية في السياسة هي ذلك الإطار الجامع الذي يلتف حوله الجميع، يختزل رؤى وطنية مشتركة ويعكس طموحات الشعب وتطلعاته. إنها البوصلة التي توجه الدولة نحو الاستقرار والتنمية، وتضمن تماسكها في مواجهة التحديات. في السودان، الذي يتميز بتعدد عرقي وثقافي وديني واسع، غابت هذه الفكرة المركزية بشكل مؤلم، تاركة البلاد في حالة تيه سياسي واجتماعي. هذا الغياب ليس مجرد نتيجة لتراكم الأزمات، بل يعكس مشكلة أعمق تتمثل في فشل القوى السياسية على مدى عقود في بناء مشروع وطني يتجاوز المصالح الذاتية نحو مصلحة السودان الكبير.

    شهدت الدولة السودانية منذ الاستقلال تاريخًا سياسيًا مضطربًا، حيث تناوبت الحكومات العسكرية والمدنية في الحكم دون أن تنجح أي منها في ترسيخ رؤية وطنية طويلة المدى. ساهمت سياسات التهميش والإقصاء في تعزيز الانقسامات الداخلية، بينما عمقت التدخلات الخارجية من تعقيد الأوضاع. فالتنوع العرقي والديني الذي يمكن أن يكون مصدر قوة وتحفيز للتقدم، تحول إلى شرخ عميق نتيجة غياب العدالة الاجتماعية والسياسات المتوازنة. أضف إلى ذلك الفساد المؤسسي الذي أصاب مؤسسات الدولة بالشلل، مما جعلها غير قادرة على القيام بدورها في بناء الثقة بين المواطن والدولة.

    تجلت الآثار السلبية لغياب الفكرة المركزية في سلسلة من الأزمات التي عانى منها السودان لعقود. كانت الصراعات المسلحة في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق أبرز ملامح هذه الأزمة، حيث أصبحت هذه المناطق بؤرًا للعنف والنزاع بدلًا من أن تكون شريكًا في التنمية. التخلف الاقتصادي، بدوره، كان نتيجة طبيعية لغياب الاستقرار السياسي، حيث أُهدرت الموارد في النزاعات بدلاً من استثمارها في مشاريع التنمية المستدامة. ومع هذا كله، تعمقت أزمة الهوية الوطنية، حيث بات السودانيون منقسمين على أنفسهم بين انتماءات ثقافية ودينية وسياسية متباينة.

    إذا أردنا فهم هذه الأزمة بشكل أكثر شمولًا، يمكننا مقارنة التجربة السودانية بدول أخرى ذات تركيبة سكانية مشابهة. الهند، على سبيل المثال، استطاعت أن تتجاوز تنوعها العرقي والديني من خلال ترسيخ قيم الديمقراطية والعلمانية، مما جعلها نموذجًا يحتذى به. رواندا أيضًا قدمت درسًا مهمًا، حيث تجاوزت مآسي الإبادة الجماعية من خلال تعزيز المصالحة الوطنية وبناء مؤسسات قوية. على النقيض، ظل السودان رهين الأيديولوجيات السياسية المتناحرة، التي ساهمت في تفاقم الأزمة بدلاً من حلها.

    كان للأحزاب السياسية السودانية دورٌ ملحوظ في تقويض الوحدة الوطنية. انشغلت معظم الأحزاب بصراعات السلطة والمكاسب الآنية، مما جعلها عاجزة عن تقديم مشروع وطني شامل. في المقابل، يمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورًا حاسمًا في بناء الوعي الوطني وتعزيز قيم المواطنة. مؤسسات المجتمع المدني، إذا ما أُتيحت لها الفرصة، قادرة على أن تكون وسيطًا فعالًا بين الأطراف المتصارعة، وأن تسهم في صياغة رؤية وطنية مشتركة.

    تحقيق النهضة الشاملة في السودان لا يمكن أن يتم دون توحيد الرؤية الوطنية. فالتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية هما أساس أي مشروع نهضوي حقيقي. ومع ذلك، فإن هذا الهدف يواجه تحديات كبيرة، منها استمرار النزاعات المسلحة، وضعف المؤسسات، والافتقار إلى الإرادة السياسية الحقيقية. لتحقيق هذا التغيير، يجب وضع أولويات واضحة تركز على تعزيز سيادة القانون، وتوفير الخدمات الأساسية، وإعادة بناء المؤسسات على أسس عادلة وشفافة.

    النموذج التنموي الأمثل للسودان يجب أن يكون قائمًا على العدالة الاجتماعية، حيث يتم توزيع الموارد بشكل عادل بين جميع مناطق البلاد. يمكن للسودان أن يستلهم تجارب دول مثل ماليزيا، التي استطاعت أن توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على تنوعها الثقافي. التحديث لا يعني التخلي عن التراث، بل يمكن للسودان أن يحقق تقدمًا مستدامًا من خلال تبني سياسات تنموية تحترم الهوية الوطنية وتستجيب لمتطلبات العصر.

    في خضم كل هذا، يبرز دور الشباب كأحد أهم عوامل التغيير. الشباب السوداني، بما يملكه من طاقة وطموح، قادر على قيادة عملية التحول، شريطة أن يتم تمكينه وإعطاؤه الفرصة للمشاركة الفاعلة في بناء مستقبل البلاد. الحوار الوطني الشامل هو أيضًا مفتاح الحل. إنه السبيل الأمثل لرأب الصدع وإيجاد حلول توافقية تُرضي الجميع، وتضع السودان على طريق الاستقرار والتنمية.

    إن ضياع الفكرة المركزية في السياسة السودانية لم يكن مجرد حدث عابر، بل كان نتيجة تراكمات تاريخية وسياسية واجتماعية معقدة. ومع ذلك، فإن السودان ما زال يملك فرصة للخروج من أزماته إذا ما توفرت الإرادة السياسية والرؤية الاستراتيجية. السودان بحاجة إلى فكرة مركزية جامعة تعيد للمواطن ثقته بالدولة، وتضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. فقط من خلال هذه الرؤية المشتركة يمكن للسودان أن يبدأ رحلة التعافي نحو بناء دولة عادلة ومستقرة ومزدهرة.























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de