بلا شك ان أي زواج هو مصلحة وفائدة للطرفين ومن الممكن ان تكون الفائدة والمكسب لأحد الزوجين اكثر من فائدة ومكسب الزوج الاخر، مثال ذلك الشاب ضعيف المواهب الذي يتزوج من فتاة جميلة ذات خلق ودين وحال ميسور ونسب رفيع فهو في هذه الحالة صاحب المكسب الأكبر من هذا الزواج ، وبنفس الطريقة المرأة التي تتزوج رجلا جميلا متميزا ويفوقها خلقا ومكانة فهي وأهلها بكل تأكيد أصحاب المكسب الاول من هذا الزواج ، فمن الزواج ما هو عز وفخر واكرام للزوجة وأهلها او أكرام للزوج وأهله، ولقد علمنا أن رسول الله ﷺ قد كان (نسمة) جميلا في خلقه واخلاقه فهو رفيع النسب حسن الحديث طيب السيرة والسريرة نقى الباطن والظاهر، ولما كان هو اعرف الناس بنفسه قال (انا سيد ولد ادم ولا فخر) ، فهو صاحب الفضل والكرم والعز الذي لا يضاهى، فرحت به كل من تزوجها، فرحت به أم المؤمنين خديجة وطلبته للزواج ، وفرح به ابوسفيان لما تزوج من ابنته أم حبيبة بعد وفاة زوجها عبدالله بن جحش وهي مهاجرة بالحبشة على الرغم من أن ابوسفيان كان كافرا معاديا له ، وفى قصة زواجه من جويرية بنت الحارث أوضح مثال على ذلك حيث وقعت في الأسر ولما كانت نفسها عزيزة ابية أبت ان تكون أمة تباع وتشترى فوصلت لاتفاق مع من وقعت من نصيبه من أصحاب رسول الله ﷺ على ان تشتري حريتها بمبلغ من المال تم الاتفاق عليه (كاتبته على ان تعطيه تسع اواق من الذهب – نحو خمسة وعشرين ألف دولار امريكي بسعر اليوم) ، ثم جاءت الى رسول الله ﷺ لكي يساعدها في تسديد ذلك المبلغ ، فقال لها رسول الله ﷺ (فَهل لَكِ إلى ما هوَ خيرٌ منْهُ) قالت: وما هوَ يا رسولَ اللَّهِ قالَ (أؤدِّي عنْكِ كتابتَكِ وأتزوَّجُكِ) أي أنه قد وافق على مساعدتها بدفع ما عليها كاملا حتى تصبح حرة وبعد ان تصبح حرة يذيد على ما اكرمها به أن يتزوجها لما رأى فيها من الخير فقبلت على الفور وفرحت بذلك ، وقد كان ذلك خيرا على كل الاسرى من قومها الذين ذاد عددهم عن المائة اطلق الصحابة سراحهم جميعا لم علموا بزواج رسول الله ﷺ من جويرية رضي الله عنها حيث قالوا (أصْهارُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم). وحتى نفهم مسألة الفخر والتميز بالزواج من محمد بن عبدالله ﷺ تخيل ان رسول الله كان قد تزوج من جميع الدول العربية الحالية وعددها 22 دولة (أو من جميع دول المسلمين) فسيشعر حينها كل من يحمل جنسية تلك الدولة بالفخر والرضاء وسيجعلهم ذلك أشد ولاء لدين الإسلام فسيكونون قد ارتفعوا جميعا الى مصاف بيت رسول الله ﷺ فالزواج هو تقدير من الزوج لأهل الزوجة بانهم على نفس مستواه فالرجل أو الشاب المحبوب صاحب المكانة عندما يتزوج من عائلة أخرى كأنما يقول للناس هؤلاء الناس هم من نفس مكانتي ، انهم مميزون ومحترمون مثلى تماما. وبهذا المفهوم رفع رسول الله ﷺ من قدر أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب بزواجه من بناتهم ورفع من قدر عثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب بتزويجه لهم من بناته، فجميع الخلفاء الراشدين كانوا على صلة به بما خصهم به من مكانة كانوا على استحقاق لها بصدق ايمانهم وصفاء قلوبهم، ولما كانت لقريش مكانة عظيمة بين الأمم في ذلك الوقت وكانت معظم بطون قريش من أهل الفضل والمكانة عند العرب قبل الإسلام حافظ لهم رسول الله ﷺ على تلك المكانة بان كانت ستة من زوجاته صلوات الله وسلامه عليه من أهله القرشيين. لقد كان رسول الله ﷺ طيبا كريما بازلا نفسه لخير الناس كريما وفيا لأهله وأصحابه ولكل من يستحق الوصل والوفاء ، تزوج رسول الله ﷺ من أم المؤمنين صفية التي ينتهى نسبها إلى هارون أخي موسى عليهما السلام وأكرمها وأعزها بعد أن تم اسرها واعطاها الخيار ان ارادت ان تبقى على اليهودية اطلق سراحها واعتقها ، وان اسلمت اعتقها ثم تزوجها فقبلت بزواجها من كريم النفس والصفات ﷺ واسلمت وكان زوجها قد قتل وقتل ابوها حي بن أخطب الذي كان قد طاف القبائل يحشدها لاستئصال المسلمين فقد أقنع قريش وغطفان وبني قريظة وحشدهم جميعا في غزوة الخندق التي كادت ان تقضى على المسلمين، ولما وقعت ابنته أسيرة أكرمها رسول الله بمكانتها من سيدنا موسى عليه السلام ومما يروى في هذا الصدد ما ورد عن ام المؤمنين صفية رضي الله عنها قالت: (دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وقد بلغني عن عائشة و حفصة كلام ، فقلت له : بلغني أن عائشة و حفصة تقولان نحن خير من صفية ، نحن بنات عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزواجه ، فقال ( ألا قلت : وكيف تكونان خيراً مني ؟ وزوجي محمد وأبي هارون وعمّي موسى). تزوج رسول الله من نساء في مختلف الاعمار بحسب مقتضى الحال، منهن من كانت في عمر الستين ومن كانت في الأربعين والثلاثين والعشرين وأقل من العشرين ولم يقل أحد بأن هناك مشكلة في هذا الجانب فالزواج هو ارتباط بين ذكر وأنثى (رجل وامرأة) بغض النظر عن العمر، واليوم لا يفهم الكثيرون زواجه عليه الصلاة والسلام بأم المؤمنين عائشة رضى الله عنها وبنت صديقه وأحب الناس وأقربهم اليه وقائد المسلمين من بعده أبوبكر الصديق رضي الله تعالى عنه، في الحديث (ولو كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا مِن أُمَّتي لاتَّخَذْتُ أبا بَكْرٍ) وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن ابي بكر الصديق (أبو بَكْرٍ سيِّدُنا وخيرُنا وأحبُّنا إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ) ، وأكد رسول الله تلك المكانة بزواجه من عائشة أم المؤمنين وكانت في عمر التاسعة، وهى سن الزواج السائد في ذلك الوقت وفي التاسعة تكون البنت قد دخلت في مرحلة البلوغ ، وطبيا نعرف اليوم ان فترة البلوغ الطبيعية تبدأ عند بعض البنات في سن الثامنة والبعض عند التاسعة وبعض البنات يتأخرن حتى سن الثالثة عشرة وما قبل الثامنة يسمى بلوغ مبكر وما بعد الثالثة عشرة يسمى بلوغ متأخر، ومن الناحية الجسمانية يتراوح طول البنات في عمر التاسعة ما بين (120 الى 150 سنتمترا) ، ويتراوح وزنهن ما بين (الخمسة وعشرين كيلوجراما الى الخمسين كيلوجرام)، فالظاهر أن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قد كانت في حال مناسبة للزواج والظاهر انها كانت في بنيتها ذات طول جيد ونستشف ذلك من حديثها عن صفية رضى الله عنها بالرغم من انه جاء في وقت لاحق انها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم (حسبك من صفية كذا وكذا - تعني قصيرة- فقال: لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته)، واختلاف الاحجام والاشكال لنفس العمر حقيقي وموجود حتى عند الكبار فقد تجد رجلا في عمر الأربعين ويظهر كأنه في عمر الخمسين أو الستين، والجدير بالذكر ان عمر زواج السيدة عائشة كان هو العمر الشائع للزواج فرسول الله ﷺ نفسه كان قد زوج بنتيه لأبناء عمه ابولهب (قبل البعثة) وهن في عمر قريب من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، ولكن تم طلاقهما قبل إتمام الزواج لعداوة أبي لهب لرسول الله حيث طلب من أبنائه ان يطلقا بنات رسول الله فتزوجهما عثمان بن عفان رضى الله عنه تباعا، ومما يجب ذكره ان لعب عائشة رضي الله عنها بالدمى في ذلك الوقت لا يدل على صغر جسمها وعقلها فهذا أمر معتاد حتى في أيامنا هذه فكثير من البنات حتى وهن كبيرات يحتفظن بالدببة والألعاب وعادة ما يكون مثل هذا النوع من البنات بريئات وقويات الشخصية وصادقات في التعبير عن انفسهن ، والجدير بالذكر ان الشباب والرجال في الدول الأوروبية وأمريكا يهدون الدببة الى صديقاتهم وخليلاتهم وخاصة الدب المشهور (تيدى بير) وستجده من المعروض للبيع بكثرة للكبار في موقع امازون (Teddy bear for girlfriend) ، وعلى العموم نجد اننا بين فلسفتين لسن الزواج اولاهما الزواج عند بداية سن البلوغ والثانية تأخير سن الزواج الى عمر متأخر الذي وصل اليوم الى ما بعد الثلاثين عند البنات في الكثير من الدول (لما بعد الجامعة والحصول على وظيفة) ، تجدر الإشارة هنا الى ان هناك حالات بلوغ مبكر قبل سن التاسعة مسجلة عالميا مثل حالة (لينا مدينا Lina Medina ) التي انجبت ولدا وعمرها خمسة سنوات وسبعة أشهر وذلك في العام 1939 وعاش ابنها حتى صار رجلا وهذه الحالة مشهورة وموجودة على شبكة الانترنيت، وهناك حالات اخري لأمهات في عمر السابعة والثامنة ويزداد عدد الحالات مع زيادة العمر. الزواج هو وصل وتواصل ورحمة وتراحم وبهذا نفهم عدد ما تزوجه رسول الله ﷺ من نساء، اما ان كنت تفهم الزواج على طريقة المنغلقين الحداثيين الذين ملكوا الاعلام ووسائل التعليم وينظرون الى الزواج فقط من خلال شهواتهم أو بمفاهيمهم المشوهة، فلن تفهم فضل رسول الله العظيم على من تزوجهن من النساء، فقد رفع رسول الله من قدر اقوام وافراد ونساء بازلا نفسه لهم فهو كما هو قد بعثه الله تعالى رحمة للعالمين. توفي رسول الله عن تسع نساء وبلغ مجموع من تزوجهن ودخل بهن اثنتا عشرة، وقد ذكر رواة السنة أن نساء النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ روين أكثر من ثلاثة آلاف حديث، كان لعائشة رضي الله عنها النصيب الأكبر فيها، فقد روت ألفين ومائتين وعشر حديثا، ثم تلتها أم سلمة رضي الله عنها حيث روت ثلاثمائة وثمانية وسبعين حديثا، وتتابع الباقي يروين ما بين خمسة وستين مثل أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وستين كحفصة بنت عمر، وستة وأربعين كميمونة بنت الحارث، وأحد عشر كزينب بنت جحش، وغير ذلك، رضي الله عنهن جميعا. [email protected]
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبدالعليم شداد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست