ـ خلال فترة حكم الإنقاذ برزت ظاهرة ارتداء الزي العسكري على نطاق واسع خاصة بين أفراد الدفاع الشعبي وحتى طلاب وطالبات المرحلة الثانوية تم إلزامهم بارتداء الزي العسكري كجزء من المنظومة التعليمية في ذلك الوقت هذا القرار كان يهدف إلى تعزيز قيم الانضباط والولاء للوطن ولكن مع مرور الزمن تحول الأمر إلى ظاهرة اجتماعية تجاوزت حدود المدارس وانتشرت في أوساط المجتمع بشكل غير مسبوق. اليوم بعد اندلاع الحرب تزايدت هذه الظاهرة بصورة ملحوظة حيث أصبح الزي العسكري يُرتدى في مناسبات عديدة من قبل أفراد غير منتمين للمؤسسة العسكرية سواء لأغراض شخصية أو كنوع من التباهي وانتشار هذا السلوك يعد إهانة لهيبة المؤسسة العسكرية ويهدد رمزيتها وهو ما يتطلب معالجة فورية لحماية هذا الرمز الوطني الهام. في فترة الإنقاذ كان الهدف من إلزام الطلاب بارتداء الزي العسكري تعزيز الانتماء الوطني وزرع قيم الانضباط في نفوس الشباب هذه الخطوة رغم ما حملته من رسائل تربوية كانت مثار جدل كبير حيث رأى البعض أنها استغلال للرموز العسكرية خارج نطاقها الطبيعي بينما رأى آخرون أنها وسيلة لتعزيز الروح الوطنية لكن مع مرور الزمن وخاصة بعد سقوط نظام الإنقاذ واندلاع الحرب خرج ارتداء الزي العسكري عن السيطرة ولم يعد مقتصراً على طلاب المدارس أو المناسبات الرسمية بل بات يراه الناس في الشوارع والأسواق وحتى على وسائل الإعلام الاجتماعية. أشخاص من مختلف الفئات يرتدونه ويظهرون به في قنوات الإعلام المختلفة ويتصورون به لازوم الظهور والشو مما أسهم في تشويه الصورة الأصلية لهذا الزي وجعل ارتداءه نوعاً امن المظاهر الشخصية بعيداً عن قيمته الحقيقية. مع اندلاع الحرب في السودان تصاعدت هذه الظاهرة بشكل كبيرفي أوقات النزاعات عادة ما تصبح الرموز العسكرية أكثر حساسية حيث يرتبط الزي العسكري مباشرة بأفراد القوات المسلحة وبأدوارهم في حماية الوطن ولكن ومع الفوضى التي أحدثتها الحرب أصبح الزي العسكري وسيلة لبعض الأفراد لاكتساب تأثير زائف أو للتمويه واصبح يرتديه كل من هب ودب وهو أمر ينذر بخطر على أمن المجتمع وهيبة المؤسسة العسكرية. أصبح من السهل أن يرتدي أي شخص الزي العسكري ليقف بين الناس كما لو كان يحمل رتبة عسكرية رفيعة ويتحدث ويعطي التوجيهات والأوامر و يتصرف بطريقة غير لائقة باسم الجيش هذا التلاعب بالزي العسكري لا يضر فقط بصورة القوات المسلحة بل يساهم أيضاً في خلق حالة من الفوضى التي يمكن أن تؤدي إلى تداعيات خطيرة على النظام الاجتماعي والأمني. الزي العسكري أصبح متاحاً لمذيعي القنوات الفضائية السودانية وحتى القونات أصبحن يرتدين الزي العسكري ..!! ارتداء الزي العسكري في سياقات غير عسكرية سواء من قبل مذيعين أو مغنيين ومغنيات يجب أن يتم بحذر مع فهم واضح لما يحمله هذا الزي من رمزية وقيمة وطنية وعلى الرغم من أن الهدف قد يكون دعماً للقوات المسلحة أو تعبيراً عن الولاء للوطن إلا أن الاستخدام العشوائي أو غير الملائم قد يؤدي إلى تقليل من قيمة هذا الرمز الوطني المهم وخلط الرسائل بين ما هو رسمي وما هو شخصي. لا يمكن إغفال التأثير السلبي الذي يخلفه ارتداء الزي العسكري بشكل غير رسمي على هيبة القوات المسلحة فالزي العسكري يرمز إلى الانضباط والشرف والتضحية وهو يعكس مكانة الجنود الذين يخاطرون بحياتهم في سبيل حماية الوطن وعندما يرتدي هذا الزي بشكل عشوائي أفراد ليس لهم صلة بالمؤسسة العسكرية فإن هذا يقلل من قيمة التضحيات التي يقدمها الجنود ويشوه صورة الانضباط العسكري. علاوة على ذلك يمكن أن يؤدي الانتشار العشوائي للزي العسكري إلى تداعيات أمنية حيث يصبح من الصعب على المواطنين التمييز بين الجنود الفعليين والمُدعين مما يسهم في انتشار الفوضى وقد يستغل البعض هذا الوضع لأغراض غير مشروعة وفي ارتكاب الجرائم. للتصدي لهذه الظاهرة لا بد من اتخاذ إجراءات صارمة تحمي الزي العسكري من الاستخدام غير القانوني وينبغي للحكومة أن تضع قوانين صارمة تمنع ارتداء الزي العسكري من قبل غير العسكريين وتفرض عقوبات رادعة على المخالفين كما يجب أن تفرض رقابة صارمة على تصنيع وبيع الأزياء العسكرية لضمان عدم وصولها إلى أيدي الأفراد غير المصرح لهم بذلك. يجب أن تقام حملات توعوية في وسائل الإعلام وفي المدارس والجامعات لتثقيف المجتمع حول أهمية الزي العسكري واحترامه كرمز وطني وتوضيح خطورة ارتدائه بشكل غير لائق. ينبغي على وسائل الإعلام الالتزام بعدم عرض أي شخص يرتدي الزي العسكري بدون مبرر قانوني كما يجب أن تكون هناك رقابة على المناسبات العامة لضمان عدم استغلال هذا الزي لأغراض شخصية. الزي العسكري ليس مجرد قطعة قماش يرتديها الأفراد لإبراز هويتهم بل هو رمز للكرامة والشرف الوطنيين ويعبر عن التزام القوات المسلحة بحماية الوطن والدفاع عنه وانتشاره بين المدنيين واستخدامه بشكل غير قانوني يقلل من قيمته ويفتح الباب أمام استغلاله لأغراض غير مشروعة خاصة في أوقات الحروب والنزاعات لذلك يجب أن نتكاتف جميعاً حكومة ومواطنين لحماية هذا الرمز الوطني من التلاعب وضمان بقاء الزي العسكري ضمن حدوده الطبيعية كرمز للانضباط والشرف العسكري. يتوجب على المجتمع إدراك أن الزي العسكري ليس أداة للتباهي أو الاستعراض، بل هو وسام شرف لمن يستحقه. نشر التوعية بأهمية احترام الزي العسكري ومعاقبة المخالفين سيسهم في حفظ هيبة القوات النظامية ويؤكد مكانتها في أعين الجميع. إلى كل من يرتدي الزي العسكري دون استحقاق اعلم أن هذا ليس مجرد زي بل هو عنوان مسؤولية وشرف وتضحية. لا تعبث برمز الوطن فإن كنت ترغب في ارتدائه فالطريق واضح عبر الالتزام والانضمام إلى صفوف القوات النظامية. يبقى الزي العسكري شرفاً للنظاميين فقط ورمزاً لكل مواطن يحترم أمن وطنه وسيادته واحترامه واجب وإساءته إهانة لكل من ضحوا من أجله ويجب أن لا يرتديه العامة. لا توجد دولة في العالم يُسمح فيها لأي شخص بارتداء الزي العسكري كيفما يشاء سوى السودان.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
عبد المنعم هلال
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست