في رحيل الشاعر الكبير محمد خير الخولاني كتبه إسماعيل عبد الله

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 06-15-2025, 08:04 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
اراء حرة و مقالات
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-09-2024, 02:09 PM

اسماعيل عبد الله
<aاسماعيل عبد الله
تاريخ التسجيل: 10-25-2013
مجموع المشاركات: 800

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
في رحيل الشاعر الكبير محمد خير الخولاني كتبه إسماعيل عبد الله

    01:09 PM November, 09 2024

    سودانيز اون لاين
    اسماعيل عبد الله-الامارات
    مكتبتى
    رابط مختصر




    بدايات تسعينيات القرن المنصرم كنت حضور لمسامرة شعرية، نجمها الشاعر المرهف – حبيب أروى – محمد خير الخولاني، بمركز الشباب – نيالا، كانت المرة الأولى والأخيرة للقائي بشخصه الودود، يمتاز الخولاني بحسه الشاعري الدفّاق، وهدوئه الأدبي الوقور، لقد امتلك موهبة فريدة ولونية مختلفة في فن الالقاء الشعري، حينما ألقى على مسامعنا قصيدة مطلعها (أرخي السمع يا زول)، التي شدا بها العملاق عمر إحساس لاحقاً، استطاع الخولاني تطويع المفردة البدوية وصهرها في قالب الشعر الغنائي الحديث، وتمكّن من شق طريق محفوف بالمخاطر من أجل ولوج العمق السوداني، فأدت قصائده لحناً غنائياً باذخاً المطربة نانسي عجاج، ونال شعره رضا واستحسان صاحب المدرسة الغنائية التي ألهمت "الحوت" – الهادي الجبل، وشعر محمد خير يمكن وصفه بالسهل الممتنع، لبساطة المفردة وسلاسة التعبير وشمول التناول، هذا مع عبقريته الفذّة في تطويع الملمح الشعري البدوي، ليواكب النزعة الشبابية المتمردة على التقليدي من الشعر العامي السوداني، في خواتيم القرن الأخير بالألفية الثانية، فحجز لنفسه مقعداً متقدماً مع العظماء والجهابذة من أساطين شعراء الأغنية السودانية، وهو في ذلك الوقت ما يزال يافعاً صغيراً مقارنة بمن لمع نجمهم آنذاك، فمحمد خير الخولاني ولد ليكون شاعراً ولو لم يكن شاعراً لكان شاعراً، فهو يجبرك على الاذعان لشاعريته متى ما القيت السمع وأنت شهيد أمام منبره ومحرابه، ومن أبرز سماته الشخصية وجهه الحيي الذي يكاد الناظر إليه يعتقد في أنه لا يقوى على مواجهة الجمهور من شدة الخجل، لكنه يبهرك بروحه الآسرة وهو يتلو آيات من شعره بابتسامة خفيضة، أصبحت بصمته الفريدة ووسمه الرشيق.
    محمد خير من المبدعين غير القابلين للعيش خارج أرض الوطن – وخاصة الوطن الصغير (نيالا)، فلولا كارثة الحرب الملعونة لما غادر وطنه ولما ترك مدينته الوارفة، التي أحال نضرتها وجمالها المهووسون إلى يباس ودمار، وهو من المعادن الثمينة والنادرة للأشخاص الخادمين لمجتمعاتهم بحب وإخلاص وتفاني، فقد بذل طاقة جبارة لرفد الأجيال المعاصرة بعصارة ما انتجه عقله الوقاد من فكر، وضميره المتقد دوماً بحرارة من وفاء لمجتمعه ومدينته الجميلة، فهو كحيتان البحر لا تحيا إلّا في أعماق أعالي البحار، ولاستشعاري لرهافة حسه منذ الوهلة الأولى، أكاد أجزم أن الموت قد دق باب داره منذ اليوم الأول الذي غادر فيه الدار، فأمثال الخولاني لا تقوى أرواحهم على مغالبة أشجان الغربة، لذا كان لقاءً حتمياً مع القدر أن ترتقي روحه الشفيفة إلى السماوات العلى من أرض ليست بأرضه – الزنتان بليبيا، إنّه قدر المبدعين من الشعراء والأدباء والمطربين والمسرحيين والعازفين، فكم من عدد كبير من هذه الشريحة قد فارق الحياة انفطاراً للقلب وفشلاً للكلي وارتفاعاً لضغط الدم ومستويات السكر والكلسترول، فالقتلة في الحروب لا يقتلون بالرصاص وحده، فهنالك قتلة صامتون أيضاً، يستهدفون ضعيف القلب وشفيف النفس والحالم بدنيا سعيدة ووطن فسيح، فضعاف القلوب هؤلاء كثيرون التقيناهم في الشتات بعد الحرب اللعينة، آخرهم طبيب بيطري لعبت الصدفة دوراً في معرفتي به، بينما كان واقفاً بجنب صف السيارات في إحدى المراكز التجارية، كان يتصبب عرقاً في مساء بارد، يبحث عن فضل ظهر يطوي به المسافة بين المركز التجاري ومنزله الذي يبعد بضعة عشرات من الأمتار، سألته ما بك تتعرق والفصل شتاء؟، فكان الرد الحزين: إنّي مصاب بداء القلب، ما السبب؟ رد قائلاً: إنّها الحرب، قبلها كنت كالحصان، لقد منعني الطبيب مشاهدة الفيديوهات القادمة من ميادين الموت.
    رحم الله محمد خير، فهو حقاً كان خيراً لأسرته الصغيرة ومجتمعه العريض ولمحبيه وتلامذته، كان نسمة في هجير شمس السودان الحارقة، ومتنفساً لشعب كابد حياة الظلم والاضطهاد والبطش المهووس، ناضل من أجل الطيبين مثل طيبته، فلم يلن عوده ولم ينكسر قلمه، رغم بؤس الحال وقلة المال وحسرة المآل، لا أدري من سيجد جيل السلام – بعد الحرب – من شعراء جميلين أمثال الخولاني، اذا كنا نفقد هرم من أهرامات الفكر والأدب صباح وظهيرة ومساء كل يوم جديد، لقد قضت هذه الكارثة الكونية على عدد مقدر من الجميلين الذين صبغوا وجدان الشعب الكريم بلون الابتهاجات والمسرات، ولا نعلم من سيكون القادم من المودّعين الراحلين من أهل الفن والإبداع، التاركين شعبهم يعاني الحياة والموت معاً؟، إنّ الرحيل المتتالي والمتلاحق للمبدعين يدل على أن الحرب ما تزال على أشدها مع الأسف، وأن مغادرة المرهفين يعني أن مشوار السلام وإيقاف الحرب ما يزال طويلاً وشاقاً، فحمائم السلام من أمثال الخولاني لن تموت لو كان هنالك بصيص من أمل، ولن تعلن عن الخروج النهائي بلا عودة من الحياة، لو أن هنالك ضوءاً في آخر نفق الطريق المؤدي لرفع رايات السلام البيضاء، ليس تشاؤماً، لكن أرضاً غادرها محمد خير لابد أن ينعق فيها البوم ويعلن فيها الحداد إلى أجل غير مسمى، رحمك الله أخي الخولاني وأسكنك فسيح جناته.

    إسماعيل عبد الله
    [email protected]























                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de