- في هذا المناخ السياسي المتوتر، هل تمانع في مناقشة الموضوع الساخن. ت تفضل أبدأ. - الا يريدون انهاء هذه الحرب.؟ - من تقصد؟ - الجنرالين. - لكنها ليست حرب بين جنرالين. - بل هي كذلك اللهم إلا لو أدخلنا "الكيزان" الذين اشعلوها لكي يعودوا إلى السلطة كطرف لتصبح حرب وأد الديمقراطية الوليدة. - لا اعتقد، ولكن بدايتها وتوسيعها إلى مدن عديدة بواسطة قوات "الدعم" يفهمنا أنهم جهزوا وخططوا لها. - ربما، ولكن لا يستطيع أحد ان يتجاهل ان قتال الكيزان مع الجيش يؤكد انهم يسيطرون على الجيش. ورفض تفاوض الجيش مع الدعم سببه أن الكيزان يرغبون في استمرار الحرب ليحققوا اهدافهم. - تقول يحققوا اهدافهم، وهل يضمنوا النصر، انها حرب شاملة، لا يعلم الكيزان وغيرهم كيف ستنتهي وبأي طريقة وما هو الواقع الميداني والسياسي والاطراف الجدد الفاعلين عند توقف القتال. الكيزان ليس لديهم ما يجعلهم متيقنين من ان الحرب سوف تنتهي لمصلحة اهدافهم، لذا كيف يشعلوها ونارها قد تأكل ما تبقى من كوادرهم. - إذن بماذا تفسر تأييدهم وقتالهم إلى جانب الجيش وانضمامهم للمستنفرين؟ - انها رمال السياسة المتحركة، الحركة الإسلامية "الكيزان" تم اسقاط حكمهم باندلاع ثورة ديسمبر ٢٠١٨ وتم حظر حزبهم ومشروع الاتفاق الاطاري كان سوف يؤكد عزلتهم لذا، عندما لم يبرم هذا الاتفاق بسبب الخلاف حول كيفية دمج الدعم السريع في الجيش واصطفاف قوى الحرية والتغيير جناح المجلس المركزي مع الدعم السريع، واندلعت الحرب، هنا سنحت الفرصة للكيزان للخروج من العزلة ومساندة القوات المسلحة. - توافقني، اذن، ان محاولة خروجهم من العزلة ووقوفهم مع الجيش يعني تحضير وشروع في القضاء على ثورة ديسمبر، بل استعدادهم للعودة للحكم. - لا اختلف معك أنه قد يساورهم مثل هذا التفكير، ولكنه تفكير لا شك غير مستوعب لحقيقة ان الشعب السوداني لن يقبل بغير أهداف ثورة ديسمبر 2018 المتمثلة في التحول الى نظام ديمقراطي ومحاسبة كل من أجرم خلال حكم الانقاذ بدء من قيادات الحركة الاسلامية الذين استولوا على الحكم بقوة السلاح. - كلامك هذا، يا صديقي، أخشى أن يكون فيه قدر كبير من الخيال في ظل المتغيرات التي سوف يحدثها حمل الكيزان للسلاح. - لا تنسى أن أهدف الثورة حولها اجماع وطني واسع، حتى الحركة الاسلامية "الكيزان" يجب أن تكونوا قد أدركوا ان اوسع الجماهير وأعمقها وعيا، ترفض اي نظام حكم خلاف النظام الديمقراطي. - دعني أنقلك إلى نقطة مهمة: كيف تنظر أنت إلى ما ترتكبه قوات الدعم السريع في كل مدن السودان؟ - ما في شك انهم يركبون جرائم بشعة ضد المدنيين الأبرياء. - وأيضا جرائمهم امتدت لتطال دور العبادة والمرافق المدنية بما فيها المستشفيات والكوادر الطبية وغيرها. - نعم اتفق ان الدعم ارتكب هذه الجرائم وأبشع منها، لكن يجب ألا تنسى أن جيش الكيزان بطيرانه ارتكب جرائم بشعة ضد ابرياء وضد المعتقلين وأيضا لا تنسى ما ارتكبه الجيش في فض الاعتصام مع الدعم السريع من جرائم وكذلك انقلابه العسكري في 25/اكتوبر2021 على نظام الحكم الانتقالي وقتل المحتجين سلميا الرافضين للانقلاب المذكور، وبعد كل هذا ألا ترى أن قيادة الجيش معادية للديمقراطية؟ - أنا لا ادافع وليس لدي ما ابرر به أي انتهاكات وتجاوزات تمت بواسطة قيادة الجيش. انقلابهم في أكتوبر 2021 أدي إلى تأزيم الوضع وفشلوا في تحقيق أي مما ساقوه من أسباب لتبرير انقلابهم وهم مسؤولين جنائيا وسياسيا عن قتل المعتصمين وقتل المدنيين المحتجين على الانقلاب. كل هذه جرائم يحاسبوا عليها. ولكن الحرب وما ارتكب فيها من فظائع جعلت الجيش وقيادته في مواجهة حرب ضد الدولة وضد المجتمع، حرب مدعومة اقليما ودوليا وقودها سودانيين جندوا فيها مرتزقة مدربين وسلاح متطور. لذا الحرب أصبحت هي المفسدة الكبرى لتتأجل امامها المفاسد الأخرى لأجل إنقاذ الدولة والمجتمع وإفشال محاولة التهجير القسري للسكان.. في الصراعات، يا صديقي، تتبدل أولويات القضايا من رئيسية إلى ثانوية ثم يأتي وقت يصبح الثانوي رئيسي. الآن يتأجل محاسبة قيادة الجيش لدرء المفسدة الكبرى التي تواجه الوطن. ولك أن تنظر الآن إلى ان المدن التي تحت سيطرت الجيش تكون مستقرة ويشعر فيها السكان بالأمان ويمارسوا حياتهم، بينما يفرون من اي مدينة او قرية يدخلها الدعم السريع، هذا دليل على أن الصراع الآن ليس مع قيادة الجيش. - لا اعتقد يا صديقي ان الامر هكذا في كل الاحوال، ربما يكون في بعض المناطق وليس دائما. - طيب، طالما انك تدين وترفض ما تقوم به الدعم السريع من قتل مدنيين بدم بارد وتنهب ممتلكات الناس وتنهب المرافق وتدمرها وحرق القرى وتضرب عشوائيا المدن ليقتلوا ابرياء في بيوتهم وتقوم باعتقال مدنيين وتعذيبهم... ، وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. موقفك ضد ما تفعله هذه القوات، اليس كفيل بأن يخرجك من وقوفك السلبي الذي ضده الجيش لتتخذ موقفا مؤيد لكل ما من شأنه هزيمة الدعم السريع وايقاف جرائمها؟ - ليس بالضرورة ان تقودني ادانتي لما يرتكبه الدعم السريع الى تأييد الجيش لأنه جيش مختطف بواسطة مليشيات الكيزان موقفي هو ادانة الطرفين ومطالبتهم بوقف الحرب والعودة للحكم المدني. - الجيش ليس مختطفا، الوطن الان هو الذي يتعرض إلى محاولة مسلحة لاختطافه بمخطط تفتيته اثنيا وتهجير قسري ومرتزقة مدربين يقاتلون لتحقيق اطماع اسرية واقليمية... ولكن الا ترى ان ادانتك ورفضك لجرائم الدعم السريع وفي ذات الوقت وقوفك ضد الجيش الذي يقاتل الدعم السريع لردعه عن جرائمه، ألا ترى، يا صديقي، ان موقفك يقودك الى تناقض، بل الى موقف مؤيد للدعم السريع بتجريدك للجيش من صفته كقوة مسلحة منوط بها الحفاظ على وحدة السودان وحماية حدوده؟ - لقد ذكرت لك أن الجيش عبارة عن مليشيا كونها الكيزان عندما سيطروا على الحكم بقوة السلاح، لذا يجب حله وتكوين جيش مهني جديد. - يا عزيزي، لا تنسى أن الجيش مؤسسة عمرها أكثر من قرن، لا يستطيع اي كيان سياسي ان يلغي ما رسخ داخلها من تقاليد ومبادئ، ولكنني لا انفي انها تعرضت للتخريب والتشويه، وهو تخريب يزول دائما بسقوط النظام الحاكم الذي يسيطر على الحكم بقوة السلاح، سواء كانوا كيزان او غيرهم من ضباط احرار يساريين او من احزاب تقليدية. والجيش مفتوح لينتسب اليه اي مواطن تتوفر فيه الشروط، والقول بأنه مليشيا كيزان، إئذن لي ان اقول انه قول مجافي للواقع وفيه تحريض ضد الجيش غير مقبول. - ودعني أسألك، مرة أخرى، الان لو دخل الجيش في مواجهة مع اثيوبيا او مصر بشأن النزاعات الحدودية، وانتصر هل سيقول أحد ان جيش الكيزان انتصر، أم ان الجميع، بما فيهم اجهزة الاعلام العالمية والاقليمية سوف تذكر ان الجيش السوداني انتصر.. وإذا هزم ايضا فالذي هزم هو جيش السودان وليس جيش اي جماعة.. - نقطة اخرى، ان كان الجيش هو تحت سيطرة الكيزان، فلماذا أشعلوا هذه الحرب لكي يعودوا للحكم، كما ذهبت إلى هذا القول أنت، ألم يكن أيسر لهم الاستيلاء على الحكم بقوة سلاح الجيش، لماذا اشعلوها حربا غير معلوم نتائجها، وغير معلوم كم سوف يفقدوا فيها من كوادر عسكرية ومدنية؟ - تقصد يحدثوا انقلاب هذا سوف يجد رفص داخلي َخارجي لذا أيسر لهم اشعالها حربا تخلط كل الأوراق وتربك الجميع ليجدوا لهم موقعا جديدا. - اتفق معك ان اي الحروب تُحدث واقعا جديدا يستفيد منه البعض سياسيا وامنيا والبعض اقتصاديا، خذ ايران انظر كيف استفادت من احتلال العراق للكويت واتسعت دوائر فوائد ايران من حصار العراق ١٣ سنة ثم احتلاله، هل ايران حرضت علي اي من هذه الافعال، بالطبع لا ولكنها حصدت فوائد هذه الحروب... الكيزان لا زال نشاط حزبهم محظور بنص القانون ولا يمكنهم العودة بحزبهم للعمل السياسي، ولكنهم كتيار فكري وسياسي موجود منذ اربعينات القرن الماضي.. كما ان الحرب هذه لن تلغي محاسبتهم على ما ارتكبته قياداتهم أثناء حكمهم. - يا صديقي الجيش لم يتمايز بنفسه عن الكيزان والدليل انهم يقاتلون معه وعلاقتهم تسودها مودة. - الكيزان ليس وحدهم الذين يقاتلون الى جانب الجيش، هناك مستنفرين من المواطنين في عدد من المدن وجماعات اخرى كانت جزء من شباب ثورة ديسمبر، جميعهم استفزتهم افعال الدعم السريع وجرائمه. - ألا ترى أن الاستنفار هذا سوف يحول الحرب إلى حرب اهلية والسلاح في ايادي الناس يعني اقتلوا بعض. - يا عزيزي الامر ليس بهذا التهويل الذي ذكرته. لأنه لكل فعل رد فعل، افعال قوات الدعم السريع استفزت المواطنين فبحثوا عن حماية أنفسهم واعارضهم واموالهم من هذه الهجمات... الامر المهم انهم جميعهم يعملون تحت قيادة الجيش وينفذوا خططه، يعني يتقيدوا بقواعد الانضباط. - دعنا نعود إلى سؤالي الاول كيف يوقفوا هذه الحرب اللعينة، الجيش رفض التفاوض ووضع شروطا مسبقة، والدعم وافق على التفاوض وذهب الى جنيف، يعني ابدى حرص ولكنه الآن أوقف التفاوض. هذا الوضع فرض فكرة قوات حفظ سلام دولية لحماية المدنيين، اعتقد في هذا مخرج في ظل تعنت الطرفين. - يا عزيزي هل الذي يحرص على ايقاف الحرب يوسع رقعتها وينقلها الى قرى آمنة ويهجر السكان ويرتكب كل الجرائم المعلومة لديك. ويرفض تنفيذ ما اتفق عليه كتابة... موقفهم لا يعدو أنه استهلاك وكسب موقع اقليمي دولي محاولة تجميل صورتهم.. - لكنك لم تتعرض إلى فكرة طلب القوات الدولية؟ - قوات دولية لن تحفظ سلاما لم يتحقق على الواقع، هل أوقفت قوات حفظ السلام في دارفور ( اليوناميد) الحرب والقتل والتهجير. وقوات السلام في أبي ( UNISFA) كم من الهجمات حدثت أمام نظر وسمع هذه القوات. القوات الدولية في جنوب لبنان ( اليونيفيل) انظر لما يحدث الان من مواجهة مسلحة طالت هذه القوات الدولية نفسها!. فضلا عن ان هنالك تجارب للقوات الدولية في بعض دول العالم تضمنت جرائم اغتصاب وانتهاكات بشعة، ويمكنك أن تدير محركات البحث لتجد تفاصيل مروعة. في ظل ما يحدث في السودان فإن قوات دولية في ظل المواجهة العسكرية القائمة سوف تعني توفير حماية لقوات الدعم السريع التي سوف تهزم لأنها لا سند أخلاقي ولا قانوني لحربها على المجتمع السوداني، لهذا يجب رفض أي وجود لقوات دولية في السودان. - لهذا تجد، يا صديقي، أن جوابي على كيفية وقف الحرب، يتمثل في تسليم الدعم السريع سلاحه وخروجه واخراجه من المدن والنظر في دمج عدد من هذه القوات في القوات المسلحة شريطة ان لا يكون مثل هذا الدمج اساسه قبلي او مناطقي، ومحاكمة كل من ارتكب جريمة حرب وجرائم ضد الانسانية وابادة جماعية من هذه القوات.. - يا عزيزي هذا يعني انك من دعاة الحرب!. - لا زال الامر ملتبس عليك يا صديقي، القوات التي ارتكبت كل هذه الجرائم البشعة، يجب الا تكافأ بمنحها موطئ قدم في الحياة السياسية، فهي لم تصارع بنزاهة المقاتلين، بل قاتلت غدرا وسفكت دماء كثيرة لأناس ابرياء وانتهكت الاعراض... الخ.. من العدل ان تواجه مثل هذه القوات عسكريا، وأن تصنف كقوات إرهابية. قتال مثل هذه القوات لا يعدو ان يكون استخداما للقوة المشروعة لردعها ولإيقافها عن جرائمها. - طيب إن كان الجيش غير قادرا على هزيمتها؟ - هي الان هزمت في اهم ساحات المعارك، ساحات الحقوق والقيم والاخلاق الانسانية، وقيم شرف الجندية وفروسية العسكريين، لذا انعزلت ولجأت لمزيد من الاجرام... وهذه نهايتها.... - رغم خلافي معك في بعض ما ذكرت، الا ان هنالك بعض الامور الحوار كان فيها مفيدا. - هذا من سعة صدرك وأدبك، في ظروف مشحونة بالتوتر والتخوين. - قبل أن نغادر هذه الدردشة لازم اشدد على ان اي وجود للكيزان سوف يسبب إضرارا كبيرا بالجيش وبالبلد. - الكيزان او حزبهم الكان حاكم صارعته القوى السودانية فكريا وسياسيا، برنامجهم هزم بعد ٣٠ سنة من الحكم، فكريا الصراع يتواصل سلما.. ولكن اسمح لي ان اقول ان ما يردده الدعم السريع من ان حربهم ضد الكيزان، هو قول غرضه اثارة العواطف وهو مرفوض لأن صراعنا مع الكيزان ليس صراعا مسلحا، بل هزيمتهم في ميدان السياسة صراع سلمي.. ما يقوله الدعم بتصفيتهم عسكريا هو قول يجب ادانته من كل القوى السياسية والمدنية لأنها دعوة إلى احلال الاغتيالات والتصفيات محل العدالة القضائية والصراع السياسي السلمي.... - قبل ما نغلق، وعلى سيرة الكيزان، لو تلاحظ معي ان بعض قوى الثورة يصفون اي مخالف لهم بأنه كوز او شبه كوز، كأنما الصراعات السياسية محصورة في قطبين: كيزان وغير كيزان، وهذا اسلوب لتخويف وارهاب الآخر المختلف معه، وفي ذات الوقت يعبر عن تقاصر الحجة... أشكرك واستودعك الله وتحياتي،،،
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة